إيلاف من القدس: إن فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة الأميركية سيكون له عواقب وخيمة على إسرائيل، هذا ما كتبته الباحثة الاسرائيلية سوزان روليف، حيث أشارت إلى أن استطلاعات في إسرائيل تقول إنه إذا أجريت هذه الانتخابات في تل أبيب، فإن أكثر من 60٪ سوف يصوتون لصالح ترامب وحوالي 20٪ فقط لهاريس.

الجواب الشائع الذي يحصل عليه المرء من الإسرائيليين الذين يؤيدون ترامب عندما يسألون عن اختيارهم هو أن "ترامب أفضل لإسرائيل".

ووفقاً للكاتبة الاسرائيلية، فإنه ظاهريًا، تبدو هذه الإجابة منطقية تماما.

أولا وقبل كل شيء، فإن الواقع هو أن أغلبية السكان اليهود في إسرائيل اليوم ليسوا ليبراليين ولا تقدميين، وبالتالي فإن كامالا هاريس ليس لديها أي فرصة منذ البداية، في حين يتمتع ترامب المحافظ (أو بالأحرى غير الليبرالي والرجعي) بميزة كبيرة وجاذبية للمجتمع الاسرائيلي بتركيبته الحالية.

ثانيا، إن حقيقة أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لديه تفضيل واضح لترامب، والعلاقة غير الودية مع هاريس، التي ابتعدت عمداً عن ظهوره أمام جلسة مشتركة للكونغرس في 24 تموز (يوليو)، لها بالتأكيد تأثير على قطاعات كبيرة من الرأي العام في إسرائيل.

جاذبيته أنه ليس ليبرالياً
ولكنني أعتقد أن الطرح القائل بأن ترامب هو المفضل لإسرائيل يتطلب دراسة أكثر جدية. صحيح أن ترامب يحظى بقبول بعض الفئات السكانية بسبب مواقفه غير الليبرالية وغير التقدمية.

ولكن لدي عدد لا بأس به من الأصدقاء والمعارف غير الليبراليين وغير التقدميين، وهم أشخاص طيبون وجديرون بالثقة. وهذا ليس بالأمر الذي يمكن أن يقال عن ترامب.

إنه بالتأكيد شخص غير سار، مبتذل، فظ، عنصري (خاصة عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين غير البيض)، وكاره للنساء، وكاذب دائم وصانع أخبار كاذبة.

تصريحات ترامب تشير إلى أنه متحيز للفاشيين والنازيين
بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن ترامب جيد لإسرائيل، كل ما أستطيع قوله هو: مع أصدقاء مثل هؤلاء، من يحتاج إلى أعداء؟

أنا لست متأكدة من أنني سأسمي ترامب فاشيا كما فعلت هاريس، ولا نازيا كما فعل آخرون، لكن بعض أقواله وتصريحاته تشير بالتأكيد إلى أنه متحيز لكل من الفاشيين والنازيين.

في آب (أغسطس) 2017، دافع أوباما، بصفته رئيسا، عن القوميين البيض والنازيين الجدد، الذين شاركوا في مسيرة "توحيد اليمين" في مدينة شارلوتسفيل بولاية فرجينيا، حيث دهس سائق من النازيين الجدد امرأة كانت تتظاهر ضد المسيرة، قائلا إن اليمينيين المتطرفين شملوا "بعض الناس الطيبين للغاية".

قال إن هتلر فعل بعض الأشياء الجيدة
كما نقلت تقارير عن ترامب، من قبل أحد رؤساء أركانه السابقين خلال فترة رئاسته - الجنرال البحري المتقاعد جون كيلي - أنه قال في عدة مناسبات أن "هتلر فعل بعض الأشياء الجيدة"، وأنه يحتاج إلى بعض الجنرالات مثل جنرالات هتلر، لأنهم كانوا مخلصين ومطيعين.

وقد اقترح بعض منتقدي ترامب أن وصفه بالفاشي أو النازي هو أمر غير منتج، لأنه في الواقع "جزء من" الاستبداد الجديد "الذي يقوض الديمقراطية من الداخل ويعزز السلطة من خلال الوسائل الإدارية، وليس الوسائل شبه العسكرية.

إن هذا النوع من الاستبداد الجديد، يبدو وكأنه شيء آخر - على سبيل المثال، الشعبوية اليمينية المناهضة لليبرالية، ولكنها ليست مناهضة للديمقراطية بعد.

"ثم فجأة، يظهر نفسه باعتباره تطرفا مناهضا للديمقراطية، كما فعل ترامب برفضه قبول نتيجة انتخابات عام 2020، وتشجيع اقتحام مبنى الكابيتول"

ومن الجدير بالذكر أن ترامب أشار في الأسبوع الماضي فقط إلى اقتحام مبنى الكابيتول في 6 كانون الثاني (يناير) 2021، والذي قُتل فيه ستة أشخاص، باعتباره "يوم حب".

نقطتان مهمتان بشأن نتنياهو وترامب
عندما يتعلق الأمر بتحيز نتنياهو لصالح ترامب في الانتخابات، أعتقد أنه ينبغي الإشارة إلى نقطتين، السبب الأول هو أن هذا التحيز قد يكون مرتبطا بحقيقة مفادها أن نتانياهو نفسه قد يُنظر إليه باعتباره "سلطويا جديدا" في طور التكوين، ويجد أنه من الملائم التعامل مع زعماء من نفس النوع.

لكن يبدو أن العلاقة بينهما ليست علاقة إعجاب متبادل.

إن زيارة نتنياهو لمنزل ترامب في مار إيه لاغو في تموز (يوليو)، بعد ظهور نتانياهيو في الأمم المتحدة، كانت بمبادرة من نتنياهو - وليس ترامب.

وبالإضافة إلى ذلك، أبلغ ترامب وسائل الإعلام في عدة مناسبات أن نتانياهو يتصل به باستمرار، وأنه لا يستمع إلى الرئيس بايدن عندما يطلب الأخير من إسرائيل ضبط النفس في الحرب الحالية.

وبطبيعة الحال، لا نعرف على وجه التحديد ماذا يقال في المحادثات بين نتانياهو وترامب، ربما يكون ترامب قد قدم وعودا لم يتم الإعلان عنها للعامة.

ولكن ليس سرا أن ترامب لديه ميول انعزالية لا تتوافق مع استمرار المشاركة الأميركية العميقة في دعم إسرائيل في حربها الحالية ضد إيران ووكلائها.

ويعارض ترامب أيضًا الدعم المالي الأمريكي الضخم لحلفاء من مختلف الأنواع (مثل أوكرانيا)، وأعرب عن خيبة أمله في سلوك نتانياهو فيما يتعلق بنتائج الانتخابات الرئاسية لعام 2020 (عندما هنأ نتانياهو بايدن على فوزه، وهو ما نفاه ترامب ولا يزال ينكره).

كما قيل إن ترامب دعا نتانياهو إلى إنهاء الحرب في غزة ولبنان، والضربات المتبادلة مع إيران في أسرع وقت ممكن، قبل توليه منصبه في كانون الثاني (يناير) 2025، على افتراض فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

ورغم أن العديد من الإسرائيليين (بمن فيهم أنا) يرحبون بمثل هذا التطور، فإن نتانياهو وحكومته يعارضون بشكل قاطع انتهاء الصراع قبل "انتصار إسرائيلي كامل".

ترامب مع الدولة الفلسطينية
إن حقيقة أن ترامب قرر في المرحلة الأخيرة من حملته الانتخابية استمالة الناخبين المسلمين في العديد من الدول المحورية، ووعد بأنه "على عكس المهرجين الذين يديرون العرض حاليًا في الشرق الأوسط" (أي إدارة بايدن) سيحقق السلام في المنطقة على الفور، لا يمكن إلا أن يتسبب في القلق في الدوائر الحكومية الإسرائيلية، لأنه من المعروف أن ترامب ينظر إلى إنشاء دولة فلسطينية في نهاية المطاف كجزء من عملية السلام.

علاوة على ذلك، فقد أعلن بالفعل أنه إذا تم إعلان فوز كامالا هاريس في الانتخابات، فسيكون ذلك خطأ الناخبين اليهود، وكل هذا بعد أن صرح بأن أي يهودي يصوت للديمقراطيين يجب أن يخضع لفحص لقواه العقلية.

نعم، أعلم أن كامالا هاريس ليست مرشحة مثالية للرئاسة - لا من منظور أمريكي ولا من منظور إسرائيلي، ولكن إما ترامب أو هي من سيخرج منتصرا من انتخابات الثل، وكما أرى فإن فوز ترامب سيكون له عواقب وخيمة على الولايات المتحدة والعالم الحر وإسرائيل، وخاصة من منظور ديمقراطي.

إن هزيمة ترامب قد تؤدي إلى فترة من الاضطرابات وحتى العنف في الولايات المتحدة إذا رفض مرة أخرى الاعتراف بنتائج الانتخابات. ولكن هذا في رأيي أفضل من نتائج فوز ترامب.