إيلاف من القاهرة: أثار قانون جديد أقره البرلمان المصري جدلًا واسعًا على المستويين المحلي والدولي، حيث يمنح الدولة سلطات واسعة لتنظيم واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي. القانون يستهدف الحسابات الشخصية، المدونات، والمواقع التي يتجاوز عدد متابعيها 5000 شخص، ويعتبرها بمثابة "منصات إعلامية" تخضع لقوانين الإعلام المصرية.
أبرز مواد القانون وصلاحيات المجلس الأعلى للإعلام
بموجب القانون الجديد، تُمنح السلطات المصرية، ممثلة بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، صلاحيات شاملة تشمل:
- مراقبة الحسابات الشخصية والمنصات الرقمية: يتم تصنيف الحسابات الكبيرة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وتويتر، بالإضافة إلى المدونات والمواقع التي تحقق شعبية واسعة، ككيانات إعلامية تخضع للتنظيم والرقابة.
- حظر المواقع الإلكترونية: يتيح القانون للمجلس الأعلى حجب المواقع الإلكترونية التي يُعتقد أنها تخالف القوانين أو تنشر محتوى يُعتبر "تحريضيًا" أو "مسيئًا".
- الملاحقة القضائية: يسمح القانون للمجلس بتقديم شكاوى جنائية ضد الأفراد أو المنصات الرقمية في حالات مثل:
التحريض على خرق القوانين
نشر أخبار كاذبة
الإساءة للأفراد أو الأديان
- تقنين الرقابة: تشمل الإجراءات الرقابية مراقبة المحتوى المنشور، بما في ذلك الرسائل النصية أو المرئية، والمحادثات التي تجري على منصات التواصل الاجتماعي.
تعديلات على القانون تحت ضغط النقابات
رغم الصلاحيات الموسعة التي يمنحها القانون، فقد شهدت بعض مواده تعديلات. من أبرزها، تعديل مادة كانت تسمح بحبس الصحفيين احتياطيًا قبل المحاكمة، وجاء ذلك بعد اعتراضات قوية من نقابة الصحفيين. ومع ذلك، يظل القانون في نظر المنتقدين أداة قمعية تستهدف الصحفيين والنشطاء.
انتقادات دولية ومحلية
أثار القانون انتقادات واسعة من منظمات حقوقية محلية ودولية، منها:
- منظمة العفو الدولية: وصفت القانون بأنه "يُشرعن الرقابة الجماعية" ويُصعّد الهجوم على حرية التعبير في مصر، التي وصفتها بأنها واحدة من أكثر البيئات قمعًا للصحافة في العالم.
- هيومن رايتس ووتش: انتقدت استخدام السلطات المصرية لتشريعات مكافحة الإرهاب لملاحقة الصحفيين والنشطاء، مشيرة إلى أن القانون الجديد يندرج ضمن نفس النهج القمعي.
- مراسلون بلا حدود: صنفت مصر في المرتبة 161 عالميًا من بين 180 دولة في حرية الصحافة، ووصفتها بأنها "واحدة من أكبر السجون للصحفيين".
سياق أوسع من القمع
القانون الجديد يأتي في إطار حملة موسعة للسيطرة على حرية التعبير في مصر. منذ الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي في عام 2013، شنت السلطات المصرية حملة اعتقالات واسعة شملت عشرات الآلاف من النشطاء والمعارضين السياسيين، بالإضافة إلى حجب مئات المواقع الإلكترونية الإخبارية والحقوقية.
أمثلة بارزة على تقييد الحريات
من الحوادث التي تعكس توجه الحكومة نحو مزيد من القمع، الحكم على لبنانية بالسجن 8 سنوات لنشرها فيديو على فيسبوك تحدثت فيه عن التحرش الجنسي في مصر. وُصفت تصريحاتها بأنها مسيئة للمصريين، ما أدى إلى إدراجها ضمن المستهدفين بقوانين تقييد التعبير.
تداعيات القانون على المشهد الإعلامي
يخشى العديد من المراقبين أن يؤدي القانون إلى تقليص المساحات المتبقية لحرية التعبير في مصر. بينما تزعم الحكومة أن القانون يهدف إلى محاربة الأخبار الكاذبة وحماية الأمن القومي، يرى النقاد أنه يمنح الدولة أداة قوية لملاحقة المعارضين، وتقييد النقاشات العامة، والسيطرة على الرأي العام.
مستقبل حرية التعبير في مصر
مع تطبيق هذا القانون، من المتوقع أن تواجه وسائل الإعلام والنشطاء تحديات أكبر في التعبير عن آرائهم بحرية. وفي الوقت الذي تستمر فيه الضغوط الدولية على مصر لتحسين سجلها الحقوقي، يبدو أن السلطات ماضية في تعزيز قبضتها على المجال العام، مما يثير مخاوف واسعة بشأن مستقبل الحريات العامة.
التعليقات