إيلاف من الكويت: قال نبيل الحمر مستشار ملك البحرين لشؤون الإعلام إن الذكاء الاصطناعي يمثل شيئا جديدا ، وكل شيء جديد يثير الكثير من اللغط ،وبالتالي ينبغي التعامل معه بوعي مع ضرورة الاستخدام الأمثل لهذه التكنولوجيا لما فيه خير للمجتمعات.
وشبه الحمر الحديث الحالي عن الذكاء الاصطناعي وكانه شيء عجيب ، بما كان عليه الأمر حين بدأت عملية استخدام شبكة الإنترنت في العالم ،موضحا كيف ان بداية تلك المرحلة كانت صعبة ، وطالها التشكيك لدرجة ان البعض قالوا انها آلة استخباراتية . لكنها في النهاية ، يقول الحمر ، استطاعت ان "تفرض نفسها وتعيننا في حياتنا العملية والمهنية" .
وجاء كلام الحمر خلال مداخلة له في الجلسة الأولى لليوم الثاني من فعاليات الملتقى الإعلامي العربي في الكويت ، التي حملت عنوان (المصداقية والتحقق من المعلومات في عصر الذكاء الاصطناعي) ، وهي الجلسة التي أدارها وزير الإعلام الكويتي الأسبق سامي النصف.
وذكر الحمر أن الذكاء الاصطناعي يعد أداة مساعدة ينبغي الاستفادة منها من دون تخوف إذ أن "هذه التقنيات لا تلغي دور الإنسان إنما تعد عاملا محفزا يعزز من قدراته العقلية وإنتاجه المعرفي".
من جانبه ، شدد أستاذ العلوم بكلية التربية الأساسية في الكويت الدكتور محمد العنزي على خطورة التحديات التي يشكلها الذكاء الاصطناعي ، وقال إنه "لا يهدد فقط دور الإنسان إنما يؤثر أيضا على مهاراته" ، مبينا أن "المهارات التي يعتمد فيها الإنسان على الآلة يفقدها تدريجيا مع مرور الوقت".
وأشار العنزي إلى أن "هناك بعض المزايا لهذه التكنولوجيا إلا أن التحديات تبقى كبيرة خاصة مع وجود انحيازات مبطنة في بعض البرامج".
من جهته ، قال عميد كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في الإمارات الدكتور محمد هويدن، إن "الذكاء الاصطناعي بات يهدد العديد من المهن إلا أنه لا يمكن محاربة التكنولوجيا أو السماح لها بالتحكم فينا..وعلينا التوازن في استخدامها".
وأضاف هويدن أن "دول الخليج قادرة على مواجهة التحديات المرتبطة بهذه التكنولوجيا بشكل سليم ، وبالتالي يبقى من الضروري إعداد جيل قادر على التفكير النقدي والإبداعي ونشر ثقافة التحقق من البيانات والمعلومات مع ضرورة وضع تشريعات محلية وإقليمية ودولية تنظم استخدام الذكاء الاصطناعي".
وشدد هويدن على الدور الكبير لمؤسسات التعليم في دعم المعلمين ليقوموا بتعليم ما لا يمكن للذكاء الاصطناعي نقله للطلبة .
من جانبه ، أكد مدير إدارة المخاطر المؤسسية في شركة (زين - الكويت)فيصل العلي أهمية المسؤولية الاجتماعية في التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي ، مشددا على ضرورة الاستخدام الحذر لهذه التقنيات خاصة من قبل الشركات والمؤسسات وعدم مشاركة معلوماتها وبيانات عملائها مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي .
وأشار إلى الحاجة لوضع أطر تنظيمية تحكم استخدام هذه التقنيات بما يحفظ الخصوصيةويضمن الأمان المعلوماتي.
وحملت الجلسة الثانية عنوان (خصوصية المستخدم وحماية البيانات في الإعلام القائم على الذكاء الاصطناعي) بالتعاون مع منتدى الفكر والثقافة العربية وأدارها رئيس تحرير صحيفة البلاد الإعلامي البحريني مؤنس المردي بمشاركة وزير الإعلام المصري الأسبق أسامة هيكل ، ورئيس جمعية الذكاء الاصطناعي في الكويت الشيخ محمد الصباح ورئيس الأمن السيبراني في دولة الإمارات الدكتور محمد الكويتي ورئيس المجموعة العالمية للذكاء الاصطناعي من البحرين الدكتور جاسم حاجي.
ودعا أسامة هيكل إلى الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة مع الحذر من التحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي إذ أنه "قد يشكل تهديدا للأمن الاجتماعي في الدول إذا لم يحسن التعامل معه"، مشددا على "ضرورة وضع ميثاق أخلاقي ومهني ينظم استخدام الذكاء الاصطناعي".
بدوره ، حذر الدكتور محمد الكويتي من التهديدات التي يشكلها الذكاء الاصطناعي على الأمن الوطني ، مشيرا إلى دوره في تسريب البيانات وانتشار الجرائم الإلكترونية والإرهاب السيبراني مما يؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد ومختلف جوانب الحياة . وشدد على أهمية وجود حوكمة واضحة لأنظمة الذكاء الاصطناعي إلى جانب تعزيز التوعية المجتمعية وحماية البنى التحتية والبيانات والتأكد من موثوقيتها.
وأوضح الكويتي أن دولة الإمارات العربية المتحدة بدأت بالفعل في اتخاذ خطوات عملية من خلال إدخال مفاهيم الذكاء الاصطناعي ضمن المناهج الدراسية لتأهيل الأجيال المقبلة وتعزيز الوعي والاستخدام الآمن للتقنيات الحديثة.
من جهته ، بين رئيس جمعية الذكاء الاصطناعي في الكويت محمد الصباح أن الجمعية تعمل على إعداد مقترحات لقوانين تهدف إلى حماية خصوصية المستخدم وتدعم الجهات الرسمية وتوعي الأفراد بالاستخدام الآمن والمسؤول لتقنيات الذكاء الاصطناعي آملا أن تكون هناك تشريعات موحدة على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية بما يضمن استخداما متوازنا وآمنا للذكاء الاصطناعي يعزز التنمية ويحفظ الحقوق.
من جانبه تحدث الدكتور جاسم حاجي عن خطوات مملكة البحرين نحو الذكاء الاصطناعي حتى انطلاقة مسيرته بشكل رسمي في المملكة من خلال مبادرات حكومية تهدف الى دمج تقنيات الذكاء في مختلف القطاعات ، مشيرا إلى تطورات وتقنيات الذكاء الاصطناعي ما قبل الذكاء الاصطناعي المستقل.
وجاءت الجلسة الثالثة التي حولت عنوان (الإعلام والعالم الإفتراضي .. تحولات المشهد الإعلامي في ظل العصر الرقمي) بالتعاون مع مركز تريندز للبحوث والاستشارات في الإمارات وأدارها الإعلامي الكويتي نادر كرم.
وشارك في الجلسة وزير الإعلام البحريني الدكتور رمزان النعيمي ووزير الإعلام اللبناني بول مرقص ورئيس الهيئة الوطنية للإعلام في مصر أحمد المسلماني والرئيس التنفيذي لمركز تريندز الدكتور محمد العلي.
وقال النعيمي إن التحول إلى استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي أسهل مما يتوقع البعض موضحا أن هذه التقنيات وجدت لتسهيل المهام وهي تمثل واقعا وتحديا في الوقت ذاته لكنها أيضا فرصة يجب مواكبتها والاستفادة منها.
وأشار النعيمي إلى ضرورة تأهيل الدول لمرحلة التحول الإعلامي ومواكبة ثورة التكنولوجيا، مبينا أن "الذكاء الاصطناعي أسهم في زيادة الإنتاج مع استهلاك أقل للموارد ".
وشدد الوزير البحريني على أهمية وضع استراتيجية واضحة للتحول الرقمي باستخدام أدوات الذكاء الاصطناعي إذ أن "الهدف ليس استبدال الوظائف وإنما تحويلها والتمهيد لتحول وظيفي يتكيف فيه الموظف مع الواقع الجديد".
بدوره ، قال وزير الإعلام اللبناني إن "تحديات الذكاء الاصطناعي يجب ألا ينظر إليها كسلبية إنما إيجابية يمكن الاستفادة منها إذا ما تم توظيفها بالشكل الصحيح".
ودعا الوزير مرقص إلى تضامن عربي لمواجهة تلك التحديات من خلال تشكيل لجان متخصصة ودائمة تسهم في توجيه الطاقات نحو تطوير إعلام عربي قادر على مواكبة التكنولوجيا الحديثة.
بدوره ، قال المسلماني إن وفرة المعلومات التي تقدمها أدوات الذكاء الاصطناعي بحجم غير مسبوق باتت تؤثر على أدوات القوى الناعمة التقليدية ، مبينا أن العالم يواجه مأزقا حقيقيا بين ترك الإبداع والصناعات الرقمية في يد الأفراد والمؤثرين أو التدخل عبر سن قوانين وتشريعات تحد من السلبيات الناتجة عن استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي.
من جهته ،قال الدكتور محمد العلي إن الهوية الإعلامية في خطر في ظل العالم الافتراضي وتواجه تهديدات منها تراجع اللغة العربية في المنصات الرقمية واستخدام الإعلام كسلاح في الحروب السيبرانية وسيطرة المحتوى الأجنبي مشيرا إلى أن "الإعلام شهد في العقدين الأخيرين تحولات جذرية ويعمل في عالم رقمي لا تخذله الحدود ولا تقيده القوانين".
وأشار العلي أيضا إلى أهم التحديات أمام الإعلامان العربي ومنها تراجع الثقة في المؤسسات الإعلامية الرسمية والتضليل الإعلامي والتزييف العميق وصعوبة مجابهة الأخبار الكاذبة وغياب الإطار القانوني المرجعي.
وحملت الجلسة الرابعة عنوان (دور البيئة الإعلامية المتكاملة في استقطاب المؤسسات الإعلامية العالمية) وأدارتها الإعلامية أسرار الأنصاري بمشاركة المدير التنفيذي في مدينة دبي للإعلام ماجد السويدي ومدير إدارة تطوير الصناعة في هيئة الإعلام الإبداعي في الإمارات خالد الخوري.
وقال السويدي إن دولة الإمارات تفتخر بمرور 25 عاما على انطلاق مدينة دبي للإعلام وعملت على تطوير المدينة وتعزيز البنية التحتية في قطاع الاتصالات ما ساهم في استقطاب نحو 4000 شركة عالمية.
وأضاف أن هذه الشركات تستفيد من الفرص الاستثمارية التي يوفرها الاقتصاد الإماراتي في الوقت الذي تستفيد فيه الدولة من خبراتها، مشددا على وجود تكامل بين الجهات الإعلامية كافة بما يصب في مصلحة التطوير الإعلامي الشامل.
وتحدث خالد الخوري عن هيئة الإعلام الإبداعي التي تركز على ثلاثة محاور منها استقطاب الشركات العالمية وتصوير الأفلام والمسلسلات في أبوظبي إضافة إلى تركيزها على التدريب المهني والإعلامي من خلال أكاديميات معتمدة.
أما الجلسة الأخيرة من اليوم الثاني للملتقى فكانت بعنوان (الفن .. بين المسؤولية ومتطلبات السوق) أدارها رئيس اتحاد إذاعات وتلفزيونات دول منظمة التعاون الإسلامي في مصر الدكتور عمرو الليثي بمشاركة الفنانين سامح حسين من مصر وزهير النوباني من الأردن وخالد مظفر من الكويت.
وقال الفنان حسين إن الإعلام يلعب دورا مساندا وداعما للفن والفنان ، مشددا على أن الفن رسالة ومسؤولية وأن الجمهور هو من يحدد مستوى الأعمال الفنية ونجاحها.
وأضاف أن هناك حاجة إلى وجود قوانين ولوائح منظمة إلى جانب رقابة خارجية تعقبها رقابة داخلية لضمان جودة المحتوى الفني وتوجيهه بما يخدم المجتمع.
من جهته قال النوباني إنه "على الفن أن ينتصر للقيم الإنسانية النبيلة" ، مبينا "أن الغاية من الفن هي الإمتاع والإقناع وأنه كلما بني الإنسان على هذه القيم لن يخشى من أي تطور رقمي بل سيتم توظيفه كأداة إيجابية".
وخلص إلى القول "إن أساس الإبداع هي الحرية.. والفن قريب من الناس ويمكن من خلاله تمرير رسائل إيجابية تسهم في بناء المجتمع وتعزيز وعيه".
من جانبه قال الفنان مظفر إن الفن مسؤولية كبيرة ، مؤكدا حرصه على أن تحمل أعماله دائما قصة ذات معنى ورسالة واضحة فـ"الفن قادر على إيصال رسائل وقيم مؤثرة تسهم في توعية المجتمع".
وأضاف أن "السطحية في الأعمال الفنية تحد من خيال المشاهد رغم أن الفن يعتمد في الأساس على الخيال مما يستدعي تعزيز هذا الجانب من خلال أعمال ذات جودة ومحتوى عميق".
التعليقات