إيلاف من الرياض: انطلقت في العاصمة السعودية الرياض أعمال القمة الخليجية – الأميركية، برئاسة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وبمشاركة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وقادة ورؤساء وفود دول مجلس التعاون الخليجي، في محطة اعتبرها مراقبون محورية ضمن جولة ترمب في المنطقة.
حضور خليجي رفيع
شهدت القمة مشاركة واسعة من قادة الخليج، حيث وصل كل من أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وأمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، وولي عهد أبوظبي الشيخ خالد بن محمد بن زايد، ونائب رئيس الوزراء العماني أسعد بن طارق آل سعيد، وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة. وكان في استقبالهم كبار المسؤولين السعوديين في مطار الملك خالد الدولي.
وتعكس هذه المشاركة الرفيعة، بحسب مراقبين، حالة التوافق السياسي بين دول مجلس التعاون، وأهمية التنسيق الاستراتيجي مع واشنطن في ملفات الدفاع والأمن والاستثمار، لا سيما في ظل التحديات الإقليمية القائمة.
تصريحات مشتركة ورسائل أمنية
في كلمته الافتتاحية، أكد ولي العهد السعودي أن الولايات المتحدة "شريك أساسي لدول مجلس التعاون"، مشددًا على أن القمة تهدف إلى تعزيز القدرات الدفاعية والأمن الجماعي، في إطار رؤية سعودية تقوم على الشراكة متعددة الأبعاد.
وشدد ولي العهد السعودي على أن الولايات المتحدة "شريك أساسي لدول مجلس التعاون"، مشيراً إلى أن القمة تركز على تعزيز القدرات الدفاعية والأمن الجماعي. وأضاف أن العمل المشترك بين الرياض وواشنطن لا يقتصر على الاقتصاد بل يشمل الأمن والاستقرار الإقليمي.
عاجل..
— أخبار السعودية (@SaudiNews50) May 14, 2025
ولي العهد:
نرحب بوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان.#القمة_الخليجية_الأمريكية
-
pic.twitter.com/tnTA6WjDZn
من جانبه، وصف ترمب القمة بأنها "فرصة لصياغة فجر جديد في الشرق الأوسط"، مشيداً بدور السعودية القيادي، ومعتبراً إياها "قلب العالم". ولفت إلى أن بلاده ستبقى ملتزمة بالدفاع عن "حلفائها وأصدقائها" في المنطقة.
استثمارات ضخمة: 600 مليار دولار في الأفق
على هامش القمة، عُقد منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي، الذي شهد توقيع اتفاقيات بقيمة 300 مليار دولار، في إطار خطط التعاون الاقتصادي الموسّع. وأعلن ولي العهد السعودي أن نحو 40% من استثمارات صندوق الاستثمارات العامة تتجه إلى السوق الأميركية، واصفًا الولايات المتحدة بالشريك الاقتصادي الأول للمملكة في المنطقة.
في المقابل، أشاد الرئيس ترمب بـ"التحول الاقتصادي المذهل" الذي تشهده السعودية، قائلاً إنها لم تعد فقط بلدًا نفطيًا، بل باتت "مركزًا عالميًا للتقنية والابتكار".
لقاء سعودي – أميركي – سوري يفتح باب التهدئة
في تطور لافت، عقد لقاء جمع الأمير محمد بن سلمان، مع الرئيسين الأميركي دونالد ترمب والسوري أحمد الشرع، وبمشاركة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هاتفياً.
وأفادت مسؤولة في البيت الأبيض بأن ترمب والشرع التقيا قبل اجتماع أوسع لقادة الخليج في السعودية خلال جولة ترمب في المنطقة.
وكان ترمب أعلن، الثلاثاء، أنه سوف يأمر برفع العقوبات عن سوريا، عقب طلب من الأمير محمد بن سلمان، معلناً أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو سوف يلتقي نظيره السوري لاحقاً في تركيا.

وخلال كلمته في "منتدى الاستثمار السعودي – الأميركي" الذي أعقب "القمة السعودية الأميركية"، الثلاثاء في الرياض، برئاسة الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترمب، قال الرئيس الأميركي إنه قام بأولى الخطوات لتطبيع العلاقات مع سوريا، وإنه يرفع عنها العقوبات، ليعطي الشعب السوري "فرصة رائعة"، مطالباً السوريين بأن يظهروا "شيئاً خاصّاً" على حد وصفه، وأشار إلى أن الرئيس التركي طلب منه أيضاً رفع العقوبات عن سوريا.
من جانبه، أكد الدكتور عبد العزيز بن صقر، رئيس مركز الخليج للأبحاث، أن "هناك إدراكاً على المستويين الإقليمي والدولي، أنه لا يمكن الاستغناء عن الدور السعودي في السياسة الإقليمية والدولية". وأضاف في حديث لـ"الشرق الأوسط": "المملكة تمتلك مميزات متعددة تؤهلها للعب دور محوري، ومن الصعب أن تجتمع في دولة أخرى، كونها موطن الدين الإسلامي ومركزه، وهي ميزة لا يمكن لأي طرف آخر منافستها". وتابع: "كما أن دورها، بصفتها من أهم الدول العربية، يضمن لها دوراً قومياً، وبصفتها أكبر الدول الخليجية، يمنحها دوراً وبعداً قيادياً آخر، هذا بجانب مركزها النفطي، والمالي، والاقتصادي".
ووصف ترمب العقوبات بأنها كانت وحشية لكنها كانت أداه مهمة في ذلك الوقت، في إشارةٍ إلى فرضها إبان وجود نظام بشار الأسد، عادّاً أنه حان الوقت لسوريا للارتقاء والحفاظ على مصلحة الناس، معرباً عن أمله في أن تنجح بتحقيق الاستقرار، وشدّد على أن إدارته تسعى للسلام مع الجميع.
ترحيب سوري

ترحيب سوري رسمي
وعقب لحظات من إعلان ترمب، رحّبت سوريا بتصريحاته بشأن رفع العقوبات التي فُرضت على سوريا. وأعرب وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، في بيان نشره حساب وزارته في "إكس"، عن جزيل الشكر والتقدير للسعودية قيادةً وحكومةً وشعباً، على "الجهود الصادقة التي بذلتها في دعم مساعي رفع العقوبات الجائرة عن سوريا"، عادّاً هذه الخطوة "انتصاراً للحق وتأكيداً على وحدة الصف العربي".
وأكّد الشيباني أن الدبلوماسية السعودية أثبتت مجدداً أنها "صوت العقل والحكمة في محيطنا العربي"، وأضاف أن مساهمتها الفاعلة في رفع العقوبات عن سوريا تعكس "حرصاً حقيقياً على وحدة سوريا واستقرارها وعودة دورها الفاعل في الإقليم".
ولفت الشيباني، إلى أن دمشق تنظر إلى رفع العقوبات كبداية جديدة في مسار إعادة الإعمار، وعدّ أنه بفضل "مواقف الأشقاء، وفي مقدمتهم السعودية، نفتح صفحة جديدة نحو مستقبل يليق بالشعب السوري وتاريخه".
وقال الشيباني في تصريح لوكالة الأنباء السورية (سانا)، إن هذه العقوبات فُرضت "رداً على جرائم الحرب البشعة التي ارتكبها نظام الأسد". وأضاف أن هذا التطوّر يمثِّل نقطة تحول محورية للشعب السوري، "بينما نتجه نحو مستقبل من الاستقرار، والاكتفاء الذاتي، وإعادة الإعمار الحقيقية بعد سنوات من الحرب المدمّرة".
وأكّد الشيباني أن بلاده تنظر إلى هذا الإعلان بإيجابية بالغة، مؤكّداً الاستعداد لبناء علاقة مع الولايات المتحدة تقوم على الاحترام المتبادل، والثقة، والمصالح المشتركة. وفقاً لوصفه، وكشف أنه يمكن للرئيس ترمب أن "يُحقق اتفاق سلام تاريخياً ونصراً حقيقياً للمصالح الأميركية في سوريا"، لافتاً إلى أنه قدّم للشعب السوري "أكثر من أسلافه الذين سمحوا لمجرمي الحرب بتجاوز الخطوط الحمراء وارتكاب مجازر لا إنسانية".
مخرجات سياسية وتحولات محتملة
يرى مراقبون أن القمة شكّلت نقطة ارتكاز لتحولات محتملة في شكل التحالفات الإقليمية، بما يعزز مكانة الرياض كفاعل محوري في رسم السياسات الأمنية والاقتصادية. كما تؤكد المخرجات أن الولايات المتحدة تنظر إلى استقرار الخليج كجزء من أمنها القومي، لا سيما في ظل تطورات الملف النووي الإيراني، والأزمات المستمرة في اليمن وسوريا ولبنان.
التعليقات