دعا المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا، توماس باراك، قوات سوريا الديمقراطية "قسد" إلى التخلي عن أحلام النظام الفيدرالي، لصالح دولة مركزية. وقطع باراك بأن "النظام الفيدرالي لا يصلُح في سوريا"، مؤكداً أن هناك طريقاً واحداً أمام قوات سوريا الديمقراطية هو "الطريق إلى دمشق".
وفي بيان لها، أعربت القوى والأحزاب السياسية في سوريا عن قلقها البالغ إزاء تصريحات باراك، قائلة إنها "تتناقض مع دوره كوسيط لتقريب وجهات النظر وتتنافى مع الدور الايجابي الذي تلعبه الولايات المتحدة الأمريكية في تحقيق الأمن والاستقرار في سوريا".
ولقيت تصريحات المبعوث الأمريكي تفاعلاً واسعاً في أوساط السوريين الناشطين عبر منصات التواصل الاجتماعي.
وبدايةً، انتقد البعض هذه التصريحات، معتبراً إياها تدخلاً في شأن سوريا الداخلي:
توم باراك: "الفيدرالية لا تصلح في سوريا"#البنتاغون "سندعم #قسد بالمعدات و التجهيزات الامنية بقيمة 130 مليون و لن نتخلى عن حليفنا". بما ان #سوريا_الان أصبحت رسميا مزرعة أمريكية فليس هناك سبب لأستباق الأحداث. 😉😉😉#سوريا_اتحادية_فيدرالية #سوريا
— Darouiche Darouiche (@DarouicheDarou1) July 10, 2025
ووجّه المرصد السوري لحقوق الإنسان رسالة للمبعوث الأمريكي يذكّره فيها بأن دوره "ينبغي أن يكون دور الوسيط النزيه، لا طرفاً يعرقل التوافقات بين السوريين".
ورأى آخرون أن هذا التصريح الأمريكي "يؤكد تفكيك قوات سوريا الديمقراطية بدون فيدرالية".
هذا تصريح أميركي يؤكد تفكيك قسد بدون فيدرالية!
— Ghassan Ibrahim غسان إبراهيم (@ibrahim_ghassan) July 10, 2025
المبعوث الأمريكي إلى سوريا : الفيدرالية "لا تصلح" في سوريا ودمشق أبدت حماسا كبيرا لضم "قسد" إلى مؤسساتها
وفي نظر هؤلاء، بدا "التخلّي الأمريكي عن قوات سوريا الديمقراطية واضحاً":
"التخلي #الأمريكي عن #قسد واضح وذلك ظهر في حديث المبعوث الخاص للولايات المتحدة الأمريكية إلى #سوريا السيد #توماس_باراك بعد انتهاء جلسة التفاوض في #دمشق مبيّناً أن قسد تتباطئ في تنفيذ الاتفاق ودمشق مستعدة وجاهزة وجاد في ضمها لصفوف قوات الدولة السورية ولا فيدالية في #سوريا
— محمود حاج حسين (@Hudhaifa321) July 10, 2025
واعتبر البعض أن مجرّد الحديث عن الفيدرالية، هو بداية الطريق لـ"تفتيت" وحدة البلاد، قائلين إن "بداية أيّ تقسيم هو محاولة القول بمشروع الفيدرالية وخلطها مع اللامركزية!".
وتساءلوا: "ما هي مشكلة سوريا؟ هل هي الفيدرالية؟ إذن، كيف عاشت سوريا عقوداً بلا فيدرالية؟".
الجواب في السؤال نفسه! بداية أي تقسيم هو محاولة القول بمشروع "الفيدرالية" وخلطها مع اللامركزية!
— علاء الأحمد - IFJ (@J_AlaaAlAhmed) July 10, 2025
ما هي مشكلة سوريا؟ هل الفيدرالية، إذن كيف عاشت سوريا عقوداً بلا فيدرالية قبل حكمها من نظام بعثي انقلابي مسلح! وكيف تعايشت كل الطوائف والأعراق فيها؟ بل وكيف ضمتهم وجعلتهم مواطنين فيها؟
واستدعى البعض "مُخطّط الشرق الأوسط الكبير"، قائلاً إن الولايات المتحدة لا تريد "سوريا فيدرالية قوية مستقبلاً"، وإن هدف واشنطن هو "تقسيم سوريا كما خطط لها مسبقاً"، وإن توماس باراك "هو الذي سيُشعل فتيل الاقتتال الداخلي الذي سيقسّم سوريا":
مفهوم الفيدرالية
ويعرّف الباحثون السياسيون "الفيدرالية" بأنها نظام حكم يقسّم السلطة بين حكومة مركزية من جهة وحكومات محلية من جهة أخرى.
وفي النظام الفيدرالي أو الاتحادي، تحتفظ كل وحدة بحُكم ذاتي في مجالات محددة، بينما تتولى الحكومة المركزية مسؤولية الشؤون الوطنية.
ومن أبرز الدول التي تتبع نظام الحُكم الفيدرالي، الولايات المتحدة، والتي كانت مستعمرات إنجليزية، قبل أن تستقل عن إنجلترا وتتخذ فيما بينها نظاماً تعاهديا "ميثاقا" استمر العمل به حتى عام 1787 والذي شهد انعقاد مؤتمر فيلادلفيا حيث تقرر إلغاء هذا الميثاق ليحل محلّه دستور جديد يجعل من هذه الولايات دولة اتحادية (فيدرالية) هي الولايات المتحدة.
وبموجب هذا الدستور، تتمتع الولايات الأمريكية بنصيب كبير من الاستقلال الداخلي؛ فلكل ولاية دستورها الخاص، ولكل منها حاكم يُنتخَب بإجراء انتخابات عامة، كما أن لكل ولاية محاكمها الخاصة.
جورج واشنطن
وفي حديث لقناة تلفزيونية لبنانية، يوم الثلاثاء، قارن المبعوث الأمريكي توماس باراك بين تجربة رئيس المرحلة الانتقالية في سوريا أحمد الشرع من جهة، وتجربة أول رئيس للولايات المتحدة الأمريكية جورج واشنطن من جهة أخرى – وذلك من حيث الانتقال من ميدان القتال إلى بلاط السُلطة.
وقال باراك: "انظروا إلى التاريخ الأمريكي، جورج واشنطن بدأ بحربين دمويتين قبل إعلان الاستقلال، وبعد 12 عاماً، أصبح رئيساً!".
هذه المقاربة التي ساقها المبعوث الأمريكي أثارت ردود فعل متباينة على منصات التواصل الاجتماعي السورية.
فاتفق البعض، من أنصار النظام السوري الجديد، مع ما ذهب إليه المبعوث الأمريكي، قائلاً إن "الشرع هو باني الدولة الحديثة وبأقلّ الأضرار والدماء":
توماس باراك يقول ما قلته عن الرئيس الشرع و هو باني الدولة الحديثة و بأقل الاضرار و الدماء
— alaa fares (@AlaaBerakdar) July 11, 2025
فشر اتاتورك و جورج واشنطن أمامك سيادة الرئيس 🤣🤣🤣🤣
لكنْ في المقابل، شكّك آخرون في نوايا الولايات المتحدة إزاء سوريا، بالقول إن "الجهة التي فرضت العقوبات على النظام السوري (السابق) وحرّضت على حصاره دولياً. هي نفسها اليوم التي تسوّق لزعيم تنظيم القاعدة في سورية على أنه جورج واشنطن":
الجهة التي فرضت العقوبات على #النظام_السوري_المجيد، وحرّضت على حصاره دولياً، وتهديد أي حكومة تقَّوي علاقاتها به بالعقوبات.
— مخلص أمين (@j22sr) July 11, 2025
هي نفسها اليوم تُسوّق لزعيم تنظيم القاعدة في #سورية على أنه جورج واشنطن. https://t.co/BxJWgmDvhv
يُذكَر أن جورج واشنطن (1732 -1799) كان خصماً للانفصاليين، وأنه قاد ثورة التحرير التي انتهت بالاستقلال الأمريكي عن بريطانيا في يوليو/تموز 1786، كما قاد جهوداً لإقرار النظام الفيدرالي بين الولايات الأمريكية حتى تكلّلتْ جهوده بالنجاح في عام 1787.
واختير جورج واشنطن بالإجماع ليكون أول رئيس للولايات المتحدة، مؤدياً أول قسَم دستوريّ في تاريخ البلاد في 30 أبريل/نيسان 1789.
- قصة عقيد في الجيش البريطاني أصبح أول رئيس أمريكي
- هل تهدد أزمة كاليفورنيا أسس النظام الفدرالي الأمريكي؟
- قسد: ماذا نعرف عن قوات سوريا الديمقراطية وقائدها مظلوم عبدي؟






















التعليقات