ايلاف من بيروت: من الفضاء، بدت وكأنها رقعة شطرنج عملاقة، بلونها الأبيض والرمادي الذي يكسوه الثلج في الشتاء. في ولاية أيداهو الأمريكية، بالقرب من نهر بريست، رصد رائد فضاء من وكالة ناسا هذا النمط الهندسي الغريب، الذي أثار فضول الجميع. لكن القصة ليست عن ظاهرة طبيعية غريبة، بل عن أسلوب متقدم في إدارة الغابات يعود إلى القرن التاسع عشر.
استراتيجية ذكية للحفاظ على البيئة
يقع هذا النمط على مساحة تزيد عن 5 أميال، ويتكون من حوالي 185 مربعًا، مساحة كل منها تعادل نحو 24 ملعبًا لكرة القدم. تشير ناسا إلى أن هذا النمط هو نتيجة لنهج إدارة مستدامة، يقوم على قطع الأخشاب بالتناوب بين المربعات. الفكرة الأساسية بسيطة وذكية: يتم حصاد الأشجار من مربع واحد، مع ترك المربعات المجاورة دون مساس، مما يتيح للأخيرة دعم النظام البيئي الكامل للغابة.
بعد إزالة الأشجار، يتم زرع أشجار جديدة، وعندما تصل إلى مرحلة النضج، يتم تكرار العملية في المربعات المجاورة. هذه الدورة المجدولة تضمن استمرارية الغابة ونموها بشكل صحي، وتُظهر أن التدخل البشري يمكن أن يساهم في تعزيز الاستدامة البيئية بدلاً من تدميرها.
نمط يتغير مع الفصول
تظهر الصورة الملتقطة في عام 2017 النمط بوضوح، حيث تعكس الأشجار الصغيرة المزروعة حديثًا لونًا أبيض ناصعًا بعد تساقط الثلوج. وفي المقابل، تظهر المربعات التي لم تُقطع فيها الأشجار بلون داكن. لكن هذا النمط لا يختفي في الصيف، بل يظل مرئيًا على شكل تدرجات مختلفة من اللون الأخضر بين المناطق المفتوحة والمناطق المليئة بالأشجار الكثيفة.
يُظهر النمط أيضًا الطرق المخصصة لنقل الأخشاب، والتي تمتد بشكل قطري عبر الغابة. في الماضي، كان نهر بريست هو الوسيلة الرئيسية لنقل الأخشاب، لكن مع توقف هذا الاستخدام في تسعينيات القرن الماضي، أصبحت الشاحنات البرية هي الوسيلة الوحيدة للنقل، مما يفسح المجال أمام الأنشطة الترفيهية على النهر.
قصة "رقعة شطرنج" إيداهو هي نموذج حي لكيفية تحقيق التوازن بين الاستفادة من الموارد الطبيعية والحفاظ على سلامة النظام البيئي، وهي مثال يوضح كيف أن الجمال الظاهر من الفضاء قد يكون نتاجًا لجهود إنسانية عميقة ومدروسة على الأرض.





















التعليقات