إيلاف من بغداد: عيّنت الأمم المتحدة الرئيس العراقي السابق برهم صالح مفوضاً سامياً جديداً لشؤون اللاجئين، خلفاً للإيطالي فيليبو غراندي، في خطوة تمثل خروجاً عن التقليد المتبع بمنح المنصب لمرشحين من الدول المانحة الكبرى.

التعيين، الذي أعلنه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس في رسالة وُقّعت يوم 11 ديسمبر/كانون الأول، يمنح صالح ولاية لخمس سنوات تبدأ في يناير/كانون الثاني 2026، وتخضع لموافقة اللجنة التنفيذية للمفوضية.

سباق ضم 10 مرشحين

تنافس نحو 10 مرشحين على المنصب، من بينهم رئيسة بلدية باريس آن هيدالغو، والمدير العام السابق للشركة القابضة التي تدير معظم متاجر "إيكيا" يسبر برودين، إضافة إلى طبيب طوارئ وشخصية تلفزيونية. وكان أكثر من نصف المرشحين من أوروبا، تماشياً مع التقليد المعتاد.

117 مليون نازح وأزمة مالية خانقة

يستلم صالح، البالغ 65 عاماً، منصبه في لحظة حرجة. تضاعف عدد الأشخاص المجبَرين على النزوح خلال عشر سنوات ليصل إلى أكثر من 117 مليون شخص، بينما انخفض تمويل المفوضية بنسبة 35% هذا العام، ما أجبرها على تسريح نحو 5 آلاف موظف، أي أكثر من ربع قوتها العاملة.

واشنطن، التي ساهمت سابقاً بنحو 40% من ميزانية المفوضية، قلّصت مساعداتها بشكل حاد، بينما حوّلت دول مانحة غربية أخرى جزءاً كبيراً من ميزانياتها إلى قطاع الدفاع وسط التوترات الدولية المتصاعدة. عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض تُلقي بظلالها على مستقبل التمويل.

"الحق في اللجوء مُهدد"

قال إيوان واتسون، كبير المتحدثين باسم المفوضية: "الحق في طلب اللجوء، الذي اتُفق عليه بين الدول عام 1951، مُهدد أكثر من أي وقت في الذاكرة الحديثة".

وأضاف: "أحياناً قد يبدو أن الخوف والانقسام يطغيان على التعاطف".

انخفاض التمويل ترك "الملايين دون إمكان الوصول إلى الأمن والغذاء والمأوى وخدمات الحماية الأساسية، فضلاً عن الوسائل اللازمة للبدء باستقلالية"، بحسب واتسون.

المفوض السامي المنتهية ولايته فيليبو غراندي وصف الوضع بأن "الأرقام قاتمة".

مهندس كردي متعلّم في بريطانيا

يُنظر إلى صالح، وهو مهندس تلقّى تعليمه في بريطانيا، بوصفه سياسياً معتدلاً. كان من أعضاء السلطات الموقتة التي شكّلتها القيادة العسكرية الأمريكية بعد إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.

تدرّج في المناصب: وزير تخطيط (2005)، نائب رئيس الوزراء لنوري المالكي (2006)، رئيس حكومة إقليم كردستان (2009-2011)، ثم رئيس جمهورية العراق (2018-2022).

ابن السليمانية... من رئاسة فخرية إلى أزمة حقيقية

صالح ابن قاض وناشطة في مجال حقوق المرأة، يتحدر من السليمانية، معقل الاتحاد الوطني الكردستاني. دفع بمشاريع رئيسية في مدينته، لا سيما سعيه لإنشاء الجامعة الأميركية في السليمانية.

في 2014، انسحب في اللحظة الأخيرة من سباق الرئاسة لصالح فؤاد معصوم، عضو حزبه، قبل أن يعود ويفوز بالمنصب الفخري عام 2018.

رئاسة العراق، التي تُرك تقليدياً للأكراد منذ أول انتخابات تعددية في 2005، كانت منصباً فخرياً إلى حد كبير. أما المنصب الجديد، فيواجه فيه صالح أزمة حقيقية: 117 مليون نازح، ميزانية منهارة، وحق اللجوء "الأكثر تهديداً منذ عقود".