واشنطن من حنان البدري: أكد ريتشارد باوتشر المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لــ "الخليج" في واشنطن ان من الضروري ان تتم محاسبة قادة ميلشيا الجنجويد في السودان، وقال إن هناك فريقاً امريكياً يوجد حالياً في تشاد لمقابلة النازحين واللاجئين السودانيين. وجدد التلويح بإصدار قرار من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يفرض عقوبات على حكومة الخرطوم. وفي اطار الضغط المتعاظم على السودان قدم اعضاء في مجلسي الشيوخ والنواب الأمريكيين مشروعي قانونين إلى الكونجرس لوصف ما يحدث في دارفور (غرب السودان) بأنه تطهير عرقي. وانضم إلى تثنية احد المشروعين المرشح الديمقراطي للرئاسة جون كيري ونائبه جون ادواردز، وبحث قضية دارفور مع رئيس وزراء باكستان تشودري شجاعت حسين وزير خارجية ألمانيا يوشكا فيشر سعياً وراء مساندة باكستان العضو غير الدائم في مجلس الأمن لقرار في المجلس يدين الخرطوم.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية باوتشر في حوار مع "الخليج" ضرورة ان تتم محاسبة قادة ميلشيا "الجنجويد" في دارفور (غرب السودان) وتقديمهم للعدالة. وشدد على تأييد واشنطن قرار الاتحاد الافريقي ارسال قوة حماية ومراقبين إلى دارفور. وكشف ان هناك فريقاً امريكياً يوجد حالياً في تشاد لاجراء ما قد يصل إلى ألف مقابلة مع اللاجئين السودانيين في محاولة لفهم ما يحدث والعناية بهؤلاء وتقديم المساعدات إليهم، مع الوضع في الحسبان الناحية القانونية وفقا لأقوال اللاجئين في هذه اللقاءات للنظر في أدلة تثبت حدوث "تطهير عرقي".

وسألت "الخليج" باوتشر عن علامات الاستفهام التي أحاطت بمقابلة تمت قبل بضعة أيام بمقر السفارة الأمريكية في الخرطوم بين القائم بالأعمال الأمريكي والشيخ موسى هلال أحد المطلوبين الخمسة الذين اعلنت واشنطن انهم مسؤولون عن احداث دارفور، فرد باوتشر بعدم معرفته أي تفاصيل حول "اجتماعات عقدت في الخرطوم".
وأضاف الناطق الأمريكي: "نطالب الحكومة السودانية بتوقيف الجنجويد وتقديمهم للعدالة" وسألته "الخليج" عن تصريحات نسبت إلى كوندوليزا رايس مستشارة مجلس الأمن القومي الأمريكي حول طلب واشنطن من ليبيا التدخل لمعالجة الأوضاع في دارفور، وهو ما نفته وزارة الخارجية الأمريكية لاحقاً وأعلن تالياً ان برنامج الغذاء العالمي اتفق مع الحكومة الليبية بطلب امريكي على استخدام اراضيها لتوصيل المساعدات الى سكان دارفور، فقال: هذا صحيح، وهذا شيء نشجعه، وقد كان السفير وليام بيرنز مساعد وزير الخارجية في ليبيا أخيراً وطلب من الليبيين وشجعهم على هذا الأمر، يجب ان نفعل كل ما بوسعنا لتوصيل الغذاء والمهمات الانسانية إلى دارفور، والطريق من ليبيا أفضل من استخدام الطريق القادم من بورتسودان، لا سيما ونحن على اعتاب موسم الإمطار".

وعن ارسال قوات أجنبية إلى دارفور، قال باوتشر ل "الخليج": نحن نؤيد قرار الاتحاد الافريقي بهذا الشأن، وبالفعل هناك 120 مراقباً سيصلون الى دارفور، وصل ثلاثة ارباعهم إلى هناك بالفعل، كما سيتم ارسال قوة حماية من 300 شخص الى هناك في مهمة مراقبة لوقف اطلاق النار، وما اذا كان يحترم من قبل الحكومة السودانية والمتمردين. وأضاف: "نظراً لأن دارفور منطقة واسعة ومترامية الاطراف، بالتالي نحن لا نستطيع وضع شرطي في كل ناحية، أو أن يتم احتلالها، فالحل إذن أن يطلب من الحكومة السودانية تنفيذ تعهداتها والتزاماتها، وكذلك من المتمردين ليحترم الطرفان وقف اطلاق النار".

وسألت "الخليج" باوتشر عن أن ما يتردد الآن يركز على نزع أسلحة الجنجويد، فماذا عن المتمردين في دارفور الذين لم يطالب أحد بنزع اسلحتهم؟ فأجاب: "بالقطع لا بد ان يطبق على المتمردين الأمر نفسه" لكنهم وقعوا على اتفاق لوقف اطلاق النار في ابريل/نيسان والحل هو ان نوقف اطلاق النار ثم نجمع الحكومة والمتمردين للحوار للتوصل إلى حل سياسي. الأسبوع الماضي في اديس ابابا لم يشارك المتمردون حقيقة في المفاوضات ولذا نحن والمجتمع الدولي نريدهم ان يشاركوا مشاركة فعلية في المفاوضات وان يجلسوا مع الحكومة السودانية ليصلوا الى حل سياسي".

وسئل الناطق الرسمي الأمريكي عن تساؤلات اثيرت حول اشخاص حضروا مفاوضات اديس ابابا ويزعم بأن لهم ارتباطات سياسية مع أجنحة سياسية بالسودان، مثل خليل إبراهيم وما يقال عن ارتباطه بحسن الترابي، فقال باوتشر: "لا أعرف تحديداً الارتباطات والصلات التي بينهما. على المتمردين أن يعودوا إلى مائدة المفاوضات وأن يتكلموا للتوصل لحل سلمي للنزاع".
وأكد باوتشر عدم معرفته بما يتردد عن مصدر الأسلحة الحديثة التي يملكها المتمردون. وحول عامل "البترول" وتأثيره في حجم الأزمة في دارفور، لا سيما بعد حصول شركة "توتال" الفرنسية على حق التنقيب واستكشاف البترول في دارفور أخيراً بعد فقدانها الامتياز نفسه في جنوب السودان، قال باوتشر ان القلق الدولي حيال مشكلة دارفور مصدره الوضع الانساني في تلك المنطقة، وكذلك القلق على الوضع الأمني.

وأضاف: نحن قلقون على الوضع الأمني هناك، وهو الأمر الذي لا بد وأن نركز جميعاً عليه. ليس هناك محل لشيء آخر. لا بد أن يتم التحكم في العنف كأمر حتمي، مع وضع الجنجويد تحت السيطرة، والسماح لسكان دارفور بالعودة إلى منازلهم وأسرهم. وهو ما نعمل عليه من قرب مع الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، وسيبلغ ممثل السكرتير العام جان برونك العائد لتوه من هناك مجلس الأمن بما تم التوصل إليه في لجنة التطبيق المشترك وتقويم الأمم المتحدة لمدى تعاون والتزام الحكومة السودانية بمطالب الأمم المتحدة التي تعهدت الخرطوم تنفيذها خلال زيارتي الوزير كولن باول والأمين العام العام للأمم المتحدة كوفي أنان لدارفور.

وأضاف باوتشر أن باول يتحدث مع أنان يومياً حول الموقف في دارفور، وبعد تقديم تقرير الأمم المتحدة لمجلس الأمن الدولي سيتم النظر في الخطوات المفترض اتخاذها بالنسبة لاستصدار قرار من مجلس الأمن في شأن دارفور. وأكد باوتشر ان استصدار قرار من مجلس الأمن ضد السودان ما زال قائماً. لكنه اضاف ان مع ذلك لا تزال هناك حاجة لإعادة تقويم الموقف واجراء المزيد من المشاورات مع حكومات دول أخرى.
وسألت "الخليج" باوتشر عن الدور المصري بالنسبة لدارفور، لا سيما وأن الشأن السوداني من أهم الأولويات الاستراتيجية والأمنية لمصر. فأجاب: "كل الدول مهتمة بالموضوع، ليبيا فتحت طريق الامدادات، وتشاد فتحت حدودها للاجئين وأماكن توصيل المساعدات إليهم. هناك أشياء وحاجات كثيرة يمكن لدول المنطقة كلها فعلها لمحاولة اعادة الاستقرار للمنطقة".

وحول احتمال إرسال قوات مصرية لاحتواء الأزمة في دارفور، أجاب باوتشر بأنه لا يعلم في الواقع ان كانت دول الاتحاد الافريقي قد ناقشت هذا الأمر. وبالنسبة لموقف تشاد التي ينتمي رئيسها ادريس ديبي لقبيلة الزغاوة احدى أكبر قبائل دارفور، قال باوتشر باقتضاب: "نحن نتعامل بشكل مباشر مع حكومة تشاد، كما نتعامل مع حكومة السودان ومع المتمردين، وكذلك مع الأمم المتحدة ودول الاتحاد الافريقي من أجل توصيل المؤن والمساعدات للمحتاجين والأهم وقف العنف، لقد عملنا مع كثيرين ونأمل أن يتعاونوا معنا لحل مشكلة دارفور".

وأوضح باوتشر ان هناك فريق عمل أمريكي ارسلته الادارة الأمريكية لاجراء مقابلات مع اللاجئين من دارفور في تشاد، مكون من ستة أفراد تمكنوا من اتمام خمسين مقابلة وبنهاية هذا الصيف ربما تصل اللقاءات التي سيجرونها هناك إلى حوالي ألف لقاء. وهي اللقاءات التي بناء على مضمونها ستتشكل الرؤية الأمريكية حول الذي حدث وكيف يمكن وقفه ومحاولة فهم الأمر، وأيضاً محاولة العناية وتقديم المساعدة لهؤلاء، باعتبارها أولوية أمريكية. كما انه سيتم النظر أيضاً من خلال هذه "اللقاءات" في ما إذا كانت هناك أدلة تثبت حدوث تطهير عرقي أم لا.

وأكد باوتشر ان التحقيق في ما يحدث يجري على الناحيتين: معسكرات اللاجئين في تشاد، ومع سكان دارفور داخل الأراضي السودانية.
على صعيد آخر، قبل يوم من بدء العطلة الصيفية لمجلس الشيوخ والنواب، سارع عدد من الأعضاء بالمجلسين لتقديم مشروعي قانونين يحضّان الإدارة الأمريكية على الإسراع بالاعتراف بأن ما يحدث في دارفور "تصفية عرقية" توجب الملاحقة القانونية والمحاسبة، بل وفرض العقوبات على حكومة السودان.

وتقدم السيناتور سام براونباك (الجمهوري من ولاية كنساس) المعروف بانتمائه إلى تيار "المحافظين الجدد" بمشروع قرار تم تحويله أمس (الخميس) إلى لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ بعد أن وقعه 21 عضواً للتصويت عليه، بينهم السيناتوران جون كيري وجون إدواردز كنائب له.
ويحض مشروع القانون الرئيس جورج دبليو بوش على السعي لدى مجلس الأمن الدولي لاستصدار قرار ضد "التطهير العرقي" في دارفور وملاحقة المسؤولين عن "الفظائع" في دارفور، ويسمح بنشر قوة متعددة الجنسيات في دارفور لضمان وصول المساعدات وأمن عمال الإغاثة. ويحض المشروع مجلس الشيوخ على وقف فوري للعنف في دارفور، وتوقيف الميليشيات المسلحة والجيش السوداني، وتشكيل لجنة تحقيق في عمليات "التطهير العرقي"، وأن تكون هناك محاسبة وتقرير لما سيتم عمله في دارفور وخطوات عملية السلام والتوصل إلى حل دائم.

ويتضمن المشروع الذي يتكوّن من عشر نقاط ومطالب رئيسية، مطالبة مدير هيئة المعونة الأمريكية بإنشاء صندوق يهدف إلى تقديم المساعدة المطلوبة لإعادة بناء وإصلاح البنية التحتية وإعادة توطين سكان دارفور.
أما أعضاء مجلس النواب الأمريكي، فقد قدّموا مشروع قانون حمل الصياغة نفسها. وقد اقترحه النائب رونالد بين الذي شارك أخيراً في تظاهرات احتجاج أمام السفارة السودانية في واشنطن، ووقّع عليه النائبان المعروفان بتأييدهما ل "إسرائيل" جيرالد نادللر (ديمقراطي من نيويورك) والنائبة تشيلي بيركلي (ديمقراطية من نيفادا). وحمل هذا المشروع الذي أحيل للجنة العلاقات الدولية في مجلس النواب للتصويت عليه توقيعات 108 نواب.

* الخليج الإماراتية