التليفزيون يقوم بحملة ابادة ضد الإخوان:
ويسألونك عن الحياد في الانتخابات البرلمانية المصرية



من أحبه ربه سلط عليه التليفزيون المصري ليشهر به، فالإعلام الحكومي في مصر ما ان يقف ضد احد، حتي يرفعه درجة او درجات، وما ان يحتفي بأحد حتي يفقده الثقة والاعتبار.. قدرة! فالتليفزيون المذكور لصاحبه الرائد متقاعد صفوت الشريف وابن شقيقته (دعك من وزير الاعلام فهو لا يهش ولا ينش)، هذا التليفزيون يا حضرات (سره باتع)، والدليل انه يشن حرب داحس والغبراء ضد جماعة الإخوان المسلمين، ومع هذا فان الشعب المصري التف حول مرشحيهم للانتخابات البرلمانية، ولولا الحصار الامني الفج، والتزوير المفضوح لما سقط منهم مرشح واحد.
هناك من أكدوا علي وجود صفقة بين الجماعة والنظام، بمقتضاها خاض الاخوان الانتخابات بهذا العدد الضخم، لاول مرة في تاريخهم (120مرشحا)، وضمن بنودها ايضا ان يهاجم التليفزيون المحترم الجماعة المحظورة، حتي تكسب تعاطف الناس وثقتهم، وهو رأي لم اسمعه من العامة والدهماء، ولكني سمعته من مثقفين، مؤكد انهم من أنصار نظرية المؤامرة، وربما يكن لهم عذرهم لان الشيء اذا زاد عن حده انقلب الي ضده، ولان الهجوم التليفزيوني علي الجماعة المذكورة انتقل من خانة النقد المباح الي حد فرش الملاية، والردح البين، فهو اقرب الي خناقات الحواري، وفي المقابل فان جموع الناخبين احتشدوا خلف مرشحي الجماعة، ودفعوا بهم الي البرلمان، واسقطوا رموزا للنظام، علي الرغم من ان المعركة لم تكن سهلة. فاذا كان التليفزيون خرج عن حالة الحياد الوهمي، وتعامل بمنطق كيد العواذل، فان رجال الإدارة حولوها الي معركة تكسير للعظام، حتي ليظن المراقب ان البلاد وقعت في قبضة الاحتلال الأمريكي، وان أنصار الجماعة يمثلون المقاومة لهذا الاحتلال، ولم يبق الا ان تقف كونداليزا رايس في مواجهة عدسات الفضائيات لتؤكد ان مستر زرقاوي قد ترك بغداد الي القاهرة، وان بوش اقسم برأسها، وبساقيها أيضا، ان يأتي به من ارض الكنانة حيا او ميتا.
وفي الواقع فان حالة الحرب ليست ملامحها فقط في الدماء المسفوكة امام اللجان الانتخابية، وانما في ان التليفزيون يكثر في هذه الأيام، من إذاعة الأغاني الوطنية في حب مصر، دون ان يكون هناك مبرر لهذا، الا ان نكون في حالة حرب بين مليشيات الإخوان من ناحية، وبين النظام المصري من ناحية أخري.
لقد أعادنا التليفزيون المذكور، ببثه هذه النوعية من الأغاني بكثافة، الي الأيام الأخيرة في عصر الرئيس السادات (فال الله ولا فالي)، حيث كثر فيها بث الأغاني التي تذوب صبابة في حب مصر، وكان السادات رحمه الله يعتبر نفسه في حالة حرب مع كل القوي الوطنية، من أقصي اليسار الي أقصي اليمين، وكان يواجه ما اطلق عليه في حينه بالفتنة الطائفية. وهذا ما يؤكد علي وجود خلاف بين الحالتين، حيث ان النظام الحالي يواجه جماعة واحدة، بينما باقي القوي لا تملك لنفسها نفعا ولا ضرا، وان يسلبهم الذباب شيئا لن يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب.
ولعل طبيعة المرحلة، او الحرب، بحكم كونها مع جماعة واحدة، هي التي فرضت الاكتفاء بأغنية واحدة، هي تلك التي أنتجتها جريدة الجماهير لصاحبها معتز الشاذلي نجل خالد الذكر والرجل القوي في مصر كمال الشاذلي، والذي يتعامل بمنطق البخيل، الذي فقد ابنه، فنشر اعلانا في احدي الصحف ينعيه ، ولم ينس ان يعلن ان مهنته هي إصلاح الساعات، ناشرا عنوان محله الذي يمارس فيه مهام عمله!
فالأغنية تنتهي بإعلان عن الجريدة، متضمنا اسم رئيس مجلس إدارتها، ورئيس تحريرها.
وقد كنت أظن ان هذا دليل ذكاء للنجل، وهو الخالق الناطق ذكاء الوالد، وهو والشهادة لله مشهود له بالذكاء. فقد ظننت ـ يا قراء ـ ان الفتي عندما اهدي الأغنية للتليفزيون، ضمن بحركة معلمة ان يعلن عن جريدته أكثر من خمس مرات في الساعات مجانا، كما ظننت انه نظرا لان الأغنية تذاع بكثافة في برنامج (صباح الخير يا مصر)، ان هذا راجع الي الإعجاب الشخصي من قبل العبقري عبد اللطيف المناوي، لاسيما وان إذاعة الأغنية بشكل ممل تزامن مع توليه رئاسة قطاع الأخبار، لكن بعد ان رأيت ان قناة النيل للأخبار تسرف في إذاعته، أيقنت ان هذا يرجع الي طبيعة المرحلة.
النيل للأخبار، محطة تليفزيونية إخبارية، وهي لا تذيع الأغاني، الوطني منها أوالعاطفي، وعندما تركز علي الأغنية المهداة من نجل كمال الشاذلي، فان الأمر يتجاوز الإعجاب الشخصي لرئيس قطاع الأخبار في تليفزيون الريادة الإعلامية، ويرجع الي ان حكومتنا الباسلة تخوض غمار الحرب، واذا كانوا في أواخر عهد السادات يذيعون باقة من الأغاني الوطنية، فلأن هذا يرجع الي انه كان في حرب مع كل القوي، أما جماعتنا الذين هم في السلطة الان فهم في حرب مع تيار واحد، وهو امر يستدعي الاكتفاء بأغنية بعينها، روعي ان ينتجها نجل الرجل القوي في مصر، ربما لانه الأعلم بما يتمشي مع الظرف الراهن الذي تعيشه البلاد، بحكم عمله وانتمائه الوظيفي، وليس بهدف الإعلان المجاني عن صحيفة عدد محرريها أكثر من عدد قرائها، ويصبح الظن بأنه يهدف الي الإعلان عن مطبوعته من خلال هذه الأغنية المهداة، هو من باب الظن السيئ الذي هو اكذب الحديث، فالشاذلي الابن، والشاذلي الأب، لا تنقصهما الأموال حتي يتحايلان علي الإعلان عن بضاعتهما، فضلا عن انه يمكنهما بحكم كونهما من أصحاب البلاد ان يحصلا علي تخفيض علي سعر الدقيقة الإعلانية، حتي تصبح بثمن بخس، دراهم معدودات، يحصلها منهما القائمون علي الأمر في ماسبيرو، وهم فيها من الزاهدين، ذرا للرماد في العيون!
معذرة، فقد سرحت، وانا تنتابني حالة من السرحان عندما اكتب او أتحدث، فاخرج عن الموضوع دون ان ادري، وهي حالة مستعصية، وقد زادت معي وانا اكتب هذه السطور، لانني سقطت توا في الانتخابات البرلمانية، وكنت انوي ـ والنية لله ـ اذا نجحت ان اجعل الشاذلي عبرة لمن يعتبر، وهو الذي يدير مجلس الشعب بلغة الإشارة، وبأحدث لغة توصل اليها العلم الحديث، وهي لغة العيون، لكن قدر الله وما شاء فعل، واضح انه محظوظ.
ما علينا، فلنعد الي موضوعنا، وهو الخاص بحملة الابادة الجماعية التي يقودها التليفزيون المصري ضد جماعة الإخوان لانها اكتسحت الانتخابات، ونجحت كذلك في ان تهز عرش الحزب الحاكم، فتجعل مرشحيه يتساقطون كما ورق الشجر اليابس، علي الرغم من انحياز الدولة بكل مقدراتها لصالحهم، وعلي الرغم من عمليات التزوير الفاضحة والمفضوحة، والتدخل الامني الفج والعنيف. وهذه الحملة لعمري نسفت تصريحات وزير الإعلام انس الفقي التي اعلن خلالها ان الاعلام الرسمي سيلتزم الحياد في الانتخابات البرلمانية، ففوجئنا بالصحف القومية، التي هي مملوكة بحكم الدستور للشعب، تتحول الي نشرات دعائية للحزب الحاكم، مغطية علي فشل جريدة مايو ، التي يصدرها الحزب الوطني، وكنا نتصور ان التليفزيون سيحافظ علي الحياد الوهمي، لكن بمجرد ان ظهرت قوة الإخوان في بداية المرحلة الانتخابية الاولي، حتي تحول تليفزيون البلاد الي ميكرفون ومكبر صوت يدعو للحزب الحاكم، ويهاجم منافسيه بشكل خرج به عن الوقار، حتي رأينا كثيرا من المحللين الجهابذة وقد خرجوا عن وقارهم العلمي، وامسكوا في خناق جماعة الإخوان المسلمين.
قل في الإخوان ما شئت، فقد قلت فيهم ما قال مالك في الخمر، لكن لا ينبغي ان يهاجمهم التليفزيون وفي كل برامجه علي النحو الحاصل الان، لان هذا يمثل تأثيرا في ارادة الناخبين وهو امر يجرمه القانون، اللهم الا اذا كان من حقنا ان نتعامل مع الحزب الحاكم بالمثل، باعتباره حزب الفساد الأول في مصر.
لقد بلغت ضراوة الحملة علي الإخوان ان رأينا كتابا يتسابقون في التقرب من أهل الحكم زلفي بالهجوم علي الجماعة ـ مجرد الهجوم ـ لدرجة انهم اخذوا علي الإخوان أنهم جماعة غير شرعية، مع ان هذا يدين مانحي الشرعية، ويلصق بهم تهمة الانحراف التشريعي وإساءة استخدام السلطة، عندما تحجب الرخصة القانونية عن جماعة بهذا الثقل، وتمنح لمشروعات حزبية مصنوعة في (بئر السلم) وعلي يد أجهزة الأمن، ومن عملائها. هذا فضلا عن ان الشرعية التي تحصل عليها التنظيمات السياسية من الجماهير، هي أكثر قانونية من تلك التي تمنحها الأنظمة. وقبل هذا وبعده فان الحزب الحاكم وجماعة الإخوان المسلمين لم يحصلا علي رخصة من لجنة شؤون الأحزاب المنوط بها منح التراخيص، فكلا من الجماعة والحزب حصلا علي شرعية الأمر الواقع.
عموما فان التأثير في إرادة الناخبين الذي يقوم به التليفزيون المصري، لا اعني به هذا النوع من التأثير الذي يجعل الناخب يحجب صوته عن مرشح الإخوان، ولكنه من النوع الذي يحرضه علي منحه له، نكاية في الحكومة. فالحاصل ان تليفزيون البلاد يقوم بأكبر حملة دعاية لمرشح الجماعة المحظورة، وعلي المرشد العام ان يتوجه علي رأس وفد من مكتب الإرشاد عقب الانتخابات ليوجهوا الشكر لوزير الإعلام ولرجاله ولصفوت الشريف في المقام الأول علي هذه الخدمات الجليلة، والدعاية التي لا تقدر بمال.
ان تليفزيوننا الهمام كالدبة التي قتلت صاحبها، والله نسأل ان يقتل كل أصحابه.. ادعو الله وانتم موقنون بالاجابة.

السيقان الملفوفة!

يبدو ان برنامج (صباح الخير يا مصر) قد توقف عن سياسة تغيير طاقم مقدميه، فقد أصبحنا نشاهد مذيعة بعينها تشارك في عملية التقديم كل يوم، ولو كان بيدي شيء من الامر لطالبت بظهورها طوال اليوم، فهي وان كانت لا تصلح من ناحية المضمون لان تكون مذيعة، فانها تصلح لهذه المهمة من ناحية الشكل، يكفي انها تلبس علي الموضة، ومعلوم ان (الجيب القصير) هو موضة هذا العام، وهي تبالغ في تقصيره، ولا مانع لدينا، فهي ملفوفة القوام، ويمكن ان ندخل بها في منافسة مع كونداليزا رايس فتهزمها بالضربة القاضية، وهي التي اشتهرت بجمال ساقيها، الي درجة ان بوش نفسه تغزل فيهما.
لكن المريب، هو إصرار المخرج علي التركيز عليهما بشكل مبالغ فيه، واخشي ما اخشاه ان يكون سيادته مغلوب علي امره فيما يفعل وان هذا يتم بأوامر من المذيعة نفسها، واذا كانت سيقان (المحروسة) نفاخر بهما الأمم، ونكيد بهما بوش وكونداليزا رايس، الا ان طريقة التركيز عليهما يمكن ان تتسبب في ان يقوم حاسد بحسدهما فلا نجد ما ننافس به كونداليزا.

الضيفة المستديمة

كلما فتحت تليفزيون جمهورية مصر العربية وجدت الدكتور مديحة خطاب ضيفة في احد برامجه، فهل هذا مقدمة لتعيينها وزيرة في التغيير الوزاري المقبل، أم لكونها تركت مهنة الطب، وتفرغت للتليفزيون.. يا قوم ارحمونا.. نحن في عرض النبي!
كاتب وصحافي من مصر
[email protected]