الإتحاد الإماراتية: الأحد: 29 ـ 05 ـ 2005

صباح الخير يا بيروت الذاهبة باتجاه "الديمقراطية" هذا الصباح. أثقلوا جدرانك ومقاهيك وحواريك وأزقتك التعبة بالصور التي يكاد يفوح منها عطر اللاهثين إلى النيابة والوجاهة والمرافقين, وشاشات الفضائيات الخ... من أدوات الزفة.

صباح الخير يا أهل مدينتي, التي ألقى البحر على خصرها زبد المتوسط. مدينة تزاوجت في حضنها أرقى لمحات الحب, وأرذل حالات الحقد والضغينة.

هذا هو سرك يا بيروت, لا تستسلمين لحال أو حالة, وهناك في ذلك السر يكمن الخوف منك وعليك. يكمن الخوف على بعض أهلك الكثر الذين باعوك مرات ومرات أنت تعرفين عددها وأنا أيضا في سوق النخاسين, برلماناً وراء برلمان.

رغم ملايين الدولارات التي دفعت, وآلاف الكرامات المستباحة ليحكي باسمك من لا يستحقك, ومن يخرس بعد الوصول إلى ساحة النجمة - موقع البرلمان اللبناني في بيروت- لا تزالين تمارسين في المواسم الانتخابية تجارة البيع والشراء.

تاجرة أنت يا بيروت, مدينة الساحل المفتوح على كل الاحتمالات ولكل البحارة. ويا ليت بحرك والبحارة يبيعون مثل أيام زمان الحرير والشاي والبهارات... فقط.

صباح الخير يا "عروس" العرب, التعبة من "العروبة", الراطنة في بعض أحيائك بالفرنسية حينا, وبالإنكليزية حينا, وبالسريلانكية على شرفات البيوت.

لمن ستصوتين يا جميلة العرب المغناج, ويا مدينة وقف فيها الوطن ذات يوم وقفة حق وصرخ: حرية... وحدة وطنية. وبعد ذاك اليوم أصابته "العين" وأصبحت وقفة الحق... مواقف يزايدون بها على بعضهم بعضاً, وعلى أبناء ذلك الوطن.

أقول لك يا نوارة القلب, لا تصوتي إلا لمن سيصونك. لا تصوتي لمن يحبك ويكره غيرك. لا تصوتي لمن يعطيك ويأخذ من غيرك. لا تصوتي لمن يفديك ولا يفدي مدينة غيرك في هذا الوطن. لا تصوتي لمن يشتريك اليوم ويبيعك غدا. لا تصوتي لمن يرفع صوته اليوم ويخفي صوتك مع الأيام. لا تصوتي لمن يستغل وجعك وحزنك ليصل, وعندما يصل يفرح لوحده... وتبقين أنت حزينة. لا تصوتي لمن حسب حساباته الإقليمية والدولية قبل أن يكسر الجرة ويحسب حسابات أهل الدار. لا تصوتي للأغاني والشعارات, رغم جمالها وجودة ألحانها وكليباتها... صوتي للشاعر الذي يلمس نبضك ويحبس نفسك في مداد حبره.

صوتي يا بيروت, وأتينا بمن لا يقبل إلا أن تبقى رأسك مرفوعة وكرامتك مصونة في كل المواسم وليس فقط في موسم الانتخابات. صوتي يا بيروت للتاجر الذي يكسب مالك بالحلال, وللبحار الذي يرسو على شاطئك ليغفو بأمان ولمن بعد الانتخابات يرى ويسمع ويتكلم.

صوتي لمن أنت واثقة أنه أحبك أنت... كما أنت. صوتي لمن سيصون أطفالك من الأمية, وفقراءك من الجوع, ومرضاك من الوجع والموت. صوتي لمن يريد أن يفعل هذا لأنه مؤمن به, وليس لأن ذلك أقرب طريق إلى السلطة. صوتي لأم ربت وتعبت وكبرت ولا تريد الأمومة أن تذوي فيها. صوتي لمن يهتم بالفنون والموسيقى والشعر والكتاب لأنك سيدة الأبجدية.

صباح الديمقراطية يا بيروت... صوتي لمن يسرب هذه الحرة إلى بيوتك وأزقتك ومدارسك وجامعاتك... لمن يلفك وأهلك بها.