علي الأمين


ينقل زوار دمشق هذه الأيام انطباعات ايجابية عن أحوال القيادة السورية، والارتياح الذي يرتسم على ملامح وجوه المسؤولين السياسيين والأمنيين، والى هذه الانطباعات ينقلون أخباراً ومعلومات غير متداولة عن حركة أوروبية نشطة باتجاه دمشق لا تستثني الفرنسيين والبريطانيين. وهي حركة تعكس بنظر القيادة السورية، اعادة الاعتبار لمبدأ التعاون السياسي بين المجتمع الدولي عموماً ودمشق.
المسؤولون الأوروبيون ومنهم من هو ذو صفة أمنية، يذهبون الى دمشق في محاولة للعب دور الوسيط بين دمشق والادارة الأميركية، بعدما بات من الصعب الحديث عن حيز أوروبي فاعل ومؤثر quot;في الشرق الأوسطquot; في معزل عن الولايات المتحدة الأميركية.

وفي حين ينقل زوار دمشق تأكيدات سورية عن العلاقات غير السوية مع المملكة السعودية ومصر، يشير المسؤولون السوريون الى أن مسؤولاً كبيراً منهم تلقى اتصالاً من وزير سعودي بارز يعبّر فيه عن عدم رضاه عن زيارة نائبي الرئيس السوري السابقين عبد الحليم خدام ورفعت الأسد الى المملكة، مؤكداً ان هذه الزيارة تمت برعاية من فريق داخل الحكومة السعودية من دون أن تحظى بموافقة مسؤولين كبار في المملكة.

الى هذه الاشارات التي تعكس في ذهن زوار دمشق استعادة القيادة السورية القدرة على المبادرة والحضور الاقليمي والدولي، يعزز من ثباتها ما يمكن أن يشار اليه بشأن الحماية الروسية، التي يتحدث عنها مسؤولون سوريون، ولعل الموقف من نظام المحكمة ذات الطابع الدولي يشير الى أن روسيا تقوم بدور يضمن حصانة القيادة السورية من المحاكمة كما بات معروفاً.
وما قاله رئيس الحكومة الروسية السابقة بفغيني بريماكوف في دمشق (أمس الأول) عن اقتناعه ببراءة سورية من اغتيال الرئيس رفيق الحريري قد يعكس التوجه الروسي الطامح الى استعادة دور الاتحاد السوفياتي خلال الحرب الباردة.

واذا كان هناك من يعتبر ان الحرب الباردة هي الحرب البائدة، الا أن ذلك لا يمنع من القول ان الأزمات التي تواجه السياسة الخارجية الأميركية من كوريا الشمالية الى أفغانستان وايران والعراق ولبنان وفلسطين، قد تتيح القول ان روسيا والصين تحاولان استثمار هذه المآزق في سباق تعزيز دورهما الدولي والاقليمي.
على أن هذا الحضور الروسي والصيني، لا يتيح القول ان الولايات المتحدة قد فقدت فرص اعادة صوغ مشروعها الشرق الأوسطي.

ما يتوقعه القادمون من دمشق من المعادين للسياسة الأميركية في المطلق، ان القيادة السورية التي استقبلت مندوبين أميركيين بعد الحرب الاسرائيلية على لبنان لم تتوصل بعد الى مشروع تسوية للخلاف القائم مع الادارة الأميركية وان كانت تتوقع بحسب ما ينقل زوارها، حصول تسويات مرحلية تطال بعض الملفات العالقة.
في الشأن اللبناني، لا يبدي المسؤولون السوريون تفاؤلاً حيال ما ستؤول اليه ادارة الشؤون اللبنانية من قبل فريق الأكثرية.

وفي حين يؤكد زوار دمشق على استمرار العلاقة الاستراتيجية والوثيقة بين دمشق وطهران يؤكدون أن العلاقة السورية مع حزب الله قد تطورت بشكل كبير خصوصاً بعد خروج سورية من لبنان.
هذه الانطباعات والمعلومات التي تعكس حالة من الارتياح لدى دمشق، تثير قلقاً لدى بعض فرقاء 14 آذار سيما ان هناك من يقول ان دمشق تدعم قيام تحرك واسع على مستوى الشارع اللبناني ضد حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الا أن ما يقف عائقاً أمام انطلاق هذا التحرك موقف حزب الله الذي يبدو أنه رغم الضجيج الذي يحدثه ليس متحمساً للتغيير عبر الشارع, ان كان ممكناً تحقيق جزء منه بوسائل أخرى وهو ما يبدو ان السعودية وفرنسا تسعيان الى تحقيقه عبر حكومة جديدة تؤمن استمرار السنيورة.