مواقف القادة العرب من القضية الفلسطينية مخزية وبعضها متواطئ مع جرائم العدو
ترشيحي لصالح لم يكن مفاجئا وولدي حميد حزبي ولذلك ايد شملان




حوار:خالد الحمادي - صنعاء


عاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر، رئيس مجلس النواب اليمني، زعيم حزب الاصلاح المعارض ورئيس مؤسسة القدس الدولية الي صنعاء قبل أيام، بعد غياب دام نحو ثمانية أشهر في السعودية لتلقي العلاج، وعاش فترة حمي الانتخابات الرئاسية اليمنية المنصرمة وهو في الخارج، حيث تابعها عن بعد، وكان له موقف خاص بذلك، خلافا لكل التوقعات، باعلانه ترشيح الرئيس علي عبد الله صالح، علي الرغم من أنه رئيس لحزب الاصلاح المعارض، كما أن نجله الشيخ حميد الأحمر، كان أبرز الداعمين لمرشح المعارضة فيصل بن شملان ماديا ومعنويا.
وقد حملت اليه الكثير من الهموم والقضايا اليمنية التي كنت أعتزم طرحها عليه في هذا اللقاء لـ القدس العربي وبالذات الكثير من الملفات التي كانت تنتظر عودته، وتنتظر رأيا منه، الا أنه رفض الحديث عن أي قضية أخري غير القضية الفلسطينية التي تحتل مرتبة متقدمة في اهتماماته الشخصية، خشية أن يفسد ذلك الأجواء السياسية، في وقت البلد في غني عن ذلك، وبعد محاولة والحاح قبل بالتعريج علي بعض القضايا المحلية الملحّة.

هنا نص اللقاء:


ـ بداية شيخ عبد الله، ما هو رأيكم فيما يجري من مجازر اسرائيلية للفلسطينيين، وما هي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ذلك؟
ـ ما يجري الآن وما قد جري من مجازر ومن ابادة للشعب الفلسطيني، ومن تخريب لممتلكاته، ومن تعسّفات لحقت به، هذا شيء وحشي وشيء اجرامي وشيء لم يسبق أن حصل مثله في العالم، والعجيب أن الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الكبيرة والصغيرة في الغرب وفي الشرق والدول العربية والاسلامية، وبالذات العربية منها، كلهم مواقفهم مما يجري في فلسطين مواقف ضعيفة ومواقف خسيسة، ومواقف مجاملة ومشجعة للاجرام الصهيوني، واللوم الكبير علي الحكام العرب، حينما ينظرون ويسمعون ويرون ما يجري في فلسطين وهم ساكتون، والساكت عن الحق شيطان أخرس، فأين الحميّة الاسلامية؟ وأين الحميّة العربية؟ وأين الدم العربي؟ وأين قول الحق وأين كلمة الحق؟ فما يجري في فلسطين هو عار علي جبين الأمة العربية والاسلامية، لأن هؤلاء الفلسطينيين هم أخوتنا في الدين، أخوتنا في العروبة، وأخوتنا في الدم، والسكوت عما ينالهم من الضيم وما ينالهم من الظلم، لا يجوز أبدا، وسيحاسبنا الله عليه، وأنا أعتقد أن العدو الصهيوني لم يتشجع ولم يتمادي الا لسكوت الحكام العرب ولسكوت الأمة العربية والاسلامية، وبتشجيع من الولايات المتحدة الأمريكية، وكذا بسكوت الأمم المتحدة ومجاملة الدول الأوروبية الكبيرة، وكأنهم متآمرون علي هذا الشعب الفلسطيني الأعزل، وكأنهم متفقون علي ابادته، فما يجري من الابادة والاجرام للفلسطينيين لا يجوز السكوت عنه، وشيء لم يسبق له مثيل، والسكوت المطبق الذي ساد دول العالم وبالأخص الدول العربية شيء فظيع ومخز، واللوم الكبير علي الحكام العرب، الذين أصبح البعض منهم متآمر ومتواطئ مع جرائم العدو الصهيوني، وهم محاسبون ومسؤولون أمام الله وأمام شعوبهم وأمام التاريخ، وهذا شيء مخز لهم ومواقفهم السلبية والمنحطة فضائح، والواجب علي الدول التي بينها وبين اسرائيل علاقة دبلوماسية أن تسحب سفراءها وممثليها وتطرد السفراء الاسرائيليين من بلدانها، فماذا استفادوا وماذا أفادوا القضية الفلسطينية من اقامة العلاقة مع اسرائيل؟

ـ هل يعني هذا أن الحكام العرب هم شر البلية والسبب الرئيس وراء هذا التمادي الاسرائيلي فيما يجري للفلسطينيين؟

ـ المواقف الضعيفة للقادة العرب شجعت اسرائيل وطمأنتها وشجّعت أمريكا وطمأنتها، وأصبح سكوت القادة العرب عن ذلك رضا عما يجري، والساكت عن الحق شيطان أخرس، وهؤلاء يتفرجون علي الشعب الفلسطيني وهو يباد، ودمه كأنه مباح ويباد صباحا ومساء، وهم ساكتون، فلا بد أن يتحمّلوا المسؤولية.

ـ وماذا بشأن الدول الأخري وبالذات الأوروبية، التي تضغط علي العالم العربي باتجاه اتخاذ سياسات لا تخدم القضية الفلسطينية، ما رأيكم في مواقف تلك الدول؟

ـ اللوم علي الدول العربية والاسلامية أكثر من اللوم علي أوروبا، لأن أوروبا هي حليفة الولايات المتحدة الأمريكية وتابع لها، وما كان منتظرا أن تكون مواقف الدول الأوروبية التي تربطها صداقة بالدول العربية والاسلامية غير ذلك، ما كان متوقعا منها أن تتخذ مواقف أخري غير هذه المواقف الضعيفة، وهذه المواقف المجاملة لأمريكا واسرائيل.

ـ وما هو رأيكم في الأمم المتحدة، التي يفترض أن تتبني مواقف محايدة في هذه القضية كما غيرها؟

ـ الأمم المتحدة كلما حاولت أن تتخذ قرارا مقبولا استخدمت الولايات المتحدة حق الفيتو ضد ذلك القرار، وبدا المشهد وكأن الأمين العام للأمم المتحدة وأعضاء مجلس الأمن قد أدّوا واجبهم، بمواجهتهم لهذه القوي الضاغطة، وهذا لا يفيد ولا أعتقد أنه مبرر لذلك الموقف السلبي والمجامل.

ـ هل يعني هذا أن الأمم المتحدة أصبحت أداة بيد الولايات المتحدة، لخدمة أهدافها؟

ـ هذا هو الواضح.

ـ ما الحل اذا للقضية الفلسطينية، بعد طول ضياع وتدهور، وتكالب الأمم عليها؟

ـ المثل يقول ما حكّ جلدك مثل ظفرك ، والحل في اعتقادي بيد الدول العربية، وهي قادرة علي أن تفعل الشيء الكثير، فهي قادرة علي أن تضغط علي الولايات المتحدة ومجلس الأمن والأمم المتحدة ودول أوروبا، من أجل أن يقف مع الحق الفلسطيني.

ـ شيخ عبد الله، ترأسون مؤسسة القدس الدولية، فما هي طبيعة نشاط هذه المؤسسة، وهل هي ذات طابع رسمي أم شعبي؟

ـ طابع عمل مؤسسة القدس طابع شعبي، وتعمل علي الوقوف الي جانب القضية الفلسطينية وعلي دعمها، اعلاميا وماديا قدر الامكان، فهي ليست رسمية، وصوتها غير مسموع، انما نعمل من خلالها لاحياء القضية الفلسطينية لدي الشعوب العربية والاسلامية وايقاظهم.

ـ هل طابعها الشعبي كان ردا علي الصمت الرسمي والتخاذل الرسمي العربي؟

ـ في الحقيقة أنشأت هذه المؤسسة من أجل هذا، من أجل ايقاظ الضمير الانساني والضمير العربي والاسلامي عند الشعوب وعند الحكام.

ـ عودة الي الوضع المحلي اليمني، يعقد نهاية الأسبوع مؤتمر دولي للمانحين لليمن بلندن، هل تعتقدون أن الحكومة اليمنية يمكن أن تنجح في تحقيق الأهداف المرجوة من هذا المؤتمر في كسب دعم كبير من قبل المانحين؟

ـ هذا ما نأمله، واتجاه الدول المانحة وفي مقدمتها دول مجلس التعاون الخليجي وكذا الدول الشقيقة والصديقة يسير في هذا الاتجاه ويبشر بخير.

ـ ولكن كثيرا ما تلام الحكومة اليمنية بأنها كالوعاء المثقوب، لعدم نظافة يدها من الفساد، وبالتالي دائما ما يبرر المانحون احجامهم عن الدعم لليمن، بعدم ذهاب مبالغ التمويل للمشاريع والبرامج التنموية التي خصصت لها؟

ـ أعتقد أن اللوم الذي نشر وأذيع حول الحكومة اليمنية علي أنها تتصرف بعدم مسؤولية وتعبث بالمساعدات والجهود الدولية، سيجعلها تراجع مواقفها وتراجع تصرفاتها وتصحح الخطأ وتطهّر الأجهزة من الفساد والمفسدين.

ـ هل تشعرون حاليا أن الدول الخليجية أصبحت جادة في الوقوف الي جانب اليمن وجادة في دعمها؟

ـ ما نسمعه يبشّر بخير.

ـ شيخ عبد الله، يقال انكم التقيتم الرئيس علي عبد الله صالح قبل أيام، وناقشتم معه قضية اغلاق ملف الخلاف السياسي الملتهب بين نجلكم الشيخ حميد الأحمر والعميد علي الشاطر، الي أين توصلتم في ذلك؟

ـ أنا ألتقي بالأخ الرئيس بين الحين والآخر، ليس من أجل قضية من القضايا وليس من أجل موقف من المواقف، انما من أجل هموم وقضايا كثيرة وكبيرة تهم البلد بشكل عام.

ـ هل تلقيتم وعودا رئاسية لاغلاق هذا الملف، بحكم أن الشاطر أحد المقربين جدا من الرئيس صالح؟

ـ في الحقيقة لم نركّز علي هذا الملف، وهو موضوع بسيط جدا.

ـ الشارع اليمني استغرب كثيرا اعلانكم ترشيح الرئيس صالح في الانتخابات الرئاسية الماضية، قبل أقل من شهرين، ما هو مبرر اتخاذكم لذلك القرار علي الرغم من أنكم رئيس لحزب الاصلاح المعارض، الذي رشّح فيصل بن شملان؟

ـ موقفي من الانتخابات الرئاسية اليمنية ومن ترشيح صالح واضح وقديم، فقد قلت قبل أكثر من عام بأنه جني تعرفه ولا انسي ما تعرفه ، وهو أن الرئيس علي عبد الله صالح المعروف للشعب هو الذي يجب أن يكون الرئيس للفترة القادمة، وأقدر علي أن يتحمل المسؤولية، وموقفي هذا ليس بمفاجئ وجديد.

ـ هل يعني هذا أنه ليس هناك شخص آخر مؤهل حتي الآن لقيادة البلاد خلال الفترة القادمة، غير الرئيس صالح؟

ـ من وجهة نظري، ان الأخ الرئيس هو الأقدر والأجدر من يكون لذلك.

ـ كيف نفسّر اذا موقف نجلكم الشيخ حميد الأحمر، بوقوفه ودعمه القوي لمرشح المعارضة الرئاسي فيصل بن شملان، في هذه الانتخابات، أم هو نوع من تبادل الأدوار بينكما؟

ـ ولدي حميد هو شخص حزبي، وهو من حزب التجمع اليمني للاصلاح، وموقفه واضح وموقفه قوي وصريح ومحدد وحازم، ولم يكن ذلك موقفا مفاجئا، ولم يفاجئني موقفه.

ـ هل يعني ذلك أن الحزبية مقدمة علي موقف ورأي القبيلة، في ظل المتغيّرات السياسية الحالية؟

ـ الحزبية في اليمن أصبحت أمرا مفروغا منــــه، وقد تغلـــغلت في أوساط الشعب وفي أوساط القبيلة ولكن مضارها أكثر من نفعها، لأنها فرّقت بين الأب وأولاده، وبين الأخوة، وبين أبناء القبيلة والعزلة الواحدة، وهذا من مساوئ الحزبية، وان كان لها جوانب جيدة، لكن السلبيات أكثر من الايجابيات.

ـ هل أنتم راضون عن الانتخابات الرئاسية الأخيرة، وعن الأداء الانتخابي فيها؟

ـ قد كتب عنها الكتاب بما فيه الكفاية، وقد كتب عنها الصحافيون الكثير والكثير ولا داعي لنبشها مرة أخري.