يوسي ألفير - الديلي ستار

قد لا يكون وراء وقف اطلاق الحالي الفلسطيني-الاسرائيلي الراهن اي شيء على الاطلاق، لا عملية سلام او اتفاقية مؤقتة. واذا كانت تلك هي الحالة، فان وقف اطلاق النار عندها لن يدوم طويلا. وعلى الجانب الفلسطيني يبدو ان الرئيس محمود عباس قد تخلى عن مشروع تشكيل حكومة وطنية، وهو يبحث عن بدائل قد تفضي الى إجراء انتخابات. وهو ما قد يؤدي الى تأجيل تبادل الاسرى وتشكيل حكومة فلسطينية جديدة لأشهر، ان لم يكن أكثر، وتلك هي الحوامل المفقودة لاستكمال الرزمة اللازمة لاجراء مفاوضات اسرائيلية - فلسطينية جديدة.

وفي الاثناء, طرح رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولمرت في سدي بوكر مؤخراً سلسلة من الشروط المعقولة لاستئناف المفاوضات بهدف التوصل الى عملية طويلة تتضمن تنازلات اقليمية اسرائيلية اضافية. ومع ذلك، فان الحالة لا تعتبر ناضجة بشكل كاف لتجديد المفاوضات. وعلى أي حال، فان من المشكوك فيه ان يمتلك اولمرت حالياً ذلك الدعم السياسي اللازم للمضي قدما في عرضه تقديم مزيد من التنازلات فيما يخص إعادة اراضي الضفة الغربية للفلسطينيين وازالة المستوطنات.

ثمة الكثير مما هو مطلوب لتحويل وقف اطلاق النار الى عملية سلام. ومن غير ذلك، سيقف وقف اطلاق النار وحده ما يؤدي الى ذوبانه في خضم تجدد العنف ما لم تستطع حكومة حماس في غزة ان توقف تماما وبشكل لا يتم نقضه اطلاق صواريخ القسام ووقف تهريب الاسلحة والذخائر عبر او تحت ممر فيلادلفيا الفاصل بين قطاع غزة وسيناء. كما لا يوجد اي امل باستقرار وقف اطلاق النار عبر مده ليشمل الضفة الغربية. ومن دون وقف لاطلاق النار هناك ايضا فانه يمكن لاي حادثة عنف في الضفة الغربية ان تنهي التهدئة في غزة.

في هذا الاطار، يكون خطاب اولمرت quot;كلمة الرؤياquot; الذي ألقاه مؤخراً سابقا لاوانه. ولا يمكن لعملية السلام السياسية التي وصفها ان يتم التفكير بها حتى يستقر وقف اطلاق النار ويتوسع، وان تتم عملية تبادل السجناء، وان تأخذ عملية سياسية فلسطينية ديناميكية مكانها لتقوية شوكة عباس ولخلق حكومة سلطة فلسطينية اكثر احتراما.

الى ذلك، وفيما وراء كافة هذه الاعتبارات quot;المحليةquot;، فان وقف اطلاق النار يجب ان يفهم كجزء من حقيقة اقليمية معقدة ومتداخلة، والتي تنتظمها سلسلة متصلبة تضم قضايا محلية واقليمية. ففي المقام الأول، يتطلب تعزيز وقف اطلاق النار ان تشير حماس بوضوح إلى انها لا تنوي استغلال الهدوء النسبي وغياب اي ضغط عسكري اسرائيلي في قطاع غزة بغية بناء قدراتها العسكرية هناك كما تشك اسرائيل.

ويتطلب ذلك في المقابل ان يتقبل زعيم حماس خالد مشعل الذي اعطى الضوء الاخضر لوقف اطلاق النار وداعموه السوريون تلك الحقائق الموجودة على الارض. ويجب ان يتنازلوا عن جزء من سلطتهم في فلسطين ويدخلوا في عملية تكون نتيجتها الطبيعية التوصل الى حل على اساس الدولتين، يكون هو الحل الدائم او حل الامر الواقع الذي لا يلبي حتى احلام عباس بانجاز (حق العودة، ولا اقل من كامل الضفة الغربية وعدم بقاء القوات الاسرائيلية في وادي الاردن). لكن صناعة القرار السورية فيما يتعلق بحماس والموضوع الفلسطيني تظل في حد ذاتها مرتبطة بالازمتين في العراق ولبنان المجاورين وبرغبات ايران حليفة سورية وباحتمال حدوث تغييرات في سياسات واشنطن الشرق اوسطية.

وبكلمات اخرى فان اي متابعة ايجابية لوقف اطلاق النار تظل مرتبطة، مثل وقف اطلاق النار نفسه، ليس فقط بالحقائق الاسرائيلية الفلسطينية اليومية، ولكن ايضا بسيناريو النزاع الاقليمي الاوسع الذي يهيمن عليه احتلال الولايات المتحدة الكارثي للعراق ونجاح ايران المتنامي في تقوية طموحاتها للهيمنة. حتى أن الهدف المتواضع المتمثل بتحقيق وقف لاطلاق النار يكون اكثر استقرارا وشمولية ويعتمد على القيادة الفلسطينية الخارجية ومؤيديها الاقليميين من الدول وطبيعة مواجهتم مع الولايات المتحدة.

في هذا الصدد، فإن الجزء الاكثر اهمية في كلمة اولمرت في سدي بوكر مؤخراً بالاضافة الى استعداده لاطلاق سراح سجناء ملطخة ايديهم بالدماء والوعد بدولة فلسطينية مع اراض متصلة، وسيادة تامة مع حدود معرّفة، إنما تتمثل في اعتراف رئيس الوزراء الاسرائيلي الجزئي بمبادرة السلام السعودية لعام 2002 ودعوته لخلق تعاون اوثق مع الدول العربية المعتدلة. ذلك أن المتضمن هنا هو القبول باطار اقليمي جديد وموسع لاي ديناميكية اسرائيلية-فلسطينية قد تخرج عن وقف اطلاق النار.

وفي حين ان شواهد هذا النوع من وقف اطلاق النار ليست مشجعة بشكل خاص، فان التشابكات الاقليمية التي تربط النزاع الاسرائيلي الفلسطيني والازمتين في العراق وفي لبنان والتهديدات الموجهة من سورية وايران وحزب الله والجهاديين، إنما تتحدث كلها عن حلبة جيو-استرايتيجة جديدة اوسع تطرح الفرص وتنذر بالمخاطر على حد سواء. ومع ذلك فان ايران وزباءنها قد اظهروا هنا حتى الان استراتيجية اكثر تساوقاً مما فعلت اسرائيل والغرب والدول العربية المعتدلة.