لندنـ من إلياس نصرالله

انفجر الجدل في لندن أمس مجدداً حول الحجاب في شكل غير متوقع بعد الكشف عن نجاح مجرم صومالي يُدعى مصطفى جمعة متهم بقتل شرطية في الهرب من بريطانيا متخفياً بزي امرأة محجبة والاختفاء في الصومال، حيث تعالت مرة أخرى الأصوات المطالبة بمنع ارتداء الحجاب بعد أن خفتت لفترة قصيرة، فيما أعلن أن الحكومة البريطانية تقدمت بطلب إلى الحكومة الصومالية الموقتة لتسليم جمعة.
وكشفت الشرطة أن مصطفى جمعة أحد أفراد عصابة متهمة بقتل الشرطية شارون بيشينفتسكي في نوفمبر 2005 ضلل الشرطة التي كانت تطارده، إذ تخفى بزي امرأة ووضع نقاباً على وجهه لا يظهر منه سوى العينين وسافر إلى الصومال مستعملاً جواز سفر شقيقته هرباً من العدالة. وفعل جمعة ذلك في عز حملة التشديد الأمني التي بدأتها الشرطة في أعقاب التفجيرات الإرهابية التي تعرّضت لها لندن في صيف، 2005 وقتل فيها 56 شخصاً، حيث يُعتقد أن رجال الأمن في مطار هيثرو في لندن لم يكلفوا أنفسهم عناء رفع النقاب عن وجه جمعة للتأكد من هويته أو تطابق ملامح وجهه مع الصورة في جواز السفر.
وجاء الكشف عن الطريقة التي فرّ بها مصطفى جمعة أثناء محاكمة شقيقه يوسف الذي تم إلقاء القبض عليه عقب الجريمة التي وقعت في مدينة برادفورد أثناء عملية السطو التي نفذتها العصابة على مكتب وكالة للسياحة والسفر وقتلت فيها بيشينفتسكي وجرحت زميلتها الشرطية تريزا ميلبورن ويُنتظر صدور حكم بالسجن المؤبد ضده. وذكر يوسف أن مصطفى اشترى تذكرة السفر إلى الصومال بعد حصوله على 600 جنيه استرليني وهي حصته من المبلغ الذي غنمته العصابة في عملية السطو.
وقال يوسف ان مصطفى تخفى في زي امرأة منقبة حالاً بعد وقوع الجريمة وبقي متنقلاً من مكان إلى آخر في بريطانيا بضعة أسابيع هرباً من الشرطة التي كانت تطارده، إلى أن تمكن من السفر في الفترة بين عيدي الميلاد ورأس السنة في العام الماضي. وتمت عملية الهرب رغم أنه مطلوب من جانب الشرطة في أكثر من قضية، وهو مجرم معروف في المحاكم والسجون من خلال ارتكابه في السابق نحو 21 جريمة مختلفة عوقب عليها في المحاكم. واخترق حواجز الأمن بسهولة رغم أن صورته الشخصية كانت بحوزة محطات الشرطة ونقاط الحدود ومن ضمنها مطار هيثرو.
وطالبت صحيفة laquo;التايمزraquo; في افتتاحيتها أمس المطالبين بمنع الحجاب بالتروي، وكتبت ان laquo;الحجاب لا يمكنه إخفاء الثغرات في عمل الأجهزة الأمنيةraquo;، فيما قال النائب ديفيد ديفيز، وزير الداخلية في حكومة الظل المعارضة، ان laquo;هرب المجرم الصومالي يكشف عن خروقات جدية في عمل الأجهزة الأمنية تستدعي تشكيل لجنة تحقيق رسمية في الأمر، وتابع ان laquo;ما حدث لا يكشف عن ثغرات في حدودنا، بل يثبت أنها أصلاً غير موجودة. فرغم أن الصلاحيات الممنوحة لرجال الأمن في المطارات ونقاط الحدود الأخرى تمنحهم الحق في رفع الأحجبة للتأكد من هوية المسافرين، إلا أنهم كما ظهر لا يمارسون هذا الحق أو الصلاحيات الممنوحة لهمraquo;.
ونقل عن مصدر أمني أن laquo;رجال الأمن في نقاط الحدود عادة يصرّون على الداخلين إلى بريطانيا برفع الحجاب للتأكد من هوية السيدات، لكنهم لا يشددون على رفع الحجاب لدى مغادرة المسافرين بريطانياraquo;.
وأفادت مصادر أمنية بريطانية أن laquo;مصطفى جمعة يختبئ عند أقارب له في إحدى المناطق التي تستحكم فيها الفوضى في الصومال وأنه يتحدر من عائلة ذات نفوذ قوي في تلك المنطقة ومن الصعب إلقاء القبض عليه فيها، وأن أحد أعمامه كان وزيراً في الحكومة الصومالية السابقةraquo;. كما ذكرت أن laquo;والد مصطفى كان في الماضي نائباً في البرلمان وهو من أقارب الرئيس الصومالي السابق محمد سياد بري. لذلك ترى السلطات البريطانية أنه من غير المحتمل أن تتمكن الحكومة الصومالية الموقتة من إلقاء القبض على مصطفى وتسليمه إلى الشرطة البريطانيةraquo;.
ومما يثير الجدل في بريطانيا حول حق النساء المسلمات في ارتداء الحجاب، أن حالات عدة استعمل فيها المجرمون الحجاب أو النقاب للإفلات من يد العدالة، حيث ذكر أن يوسف (شقيق مصطفى) تخفى هو الآخر في زي امرأة منقبة لبضعة أسابيع، إلى أن تمكنت الشرطة من القبض عليه، في ما كان أحد الصوماليين الأربعة الذين قبض عليهم في محاولة التفجير الفاشلة لقطارات الأنفاق في الصيف الماضي استعمل الأسلوب ذاته بالتخفي في زي امرأة منقبة لبضعة أيام قبل القبض عليه.
وما يلفت النظر أن مصطفى لم يكن الوحيد من أفراد العصابة المؤلفة من ستة أشخاص الذي تمكن من الفرار، إذ تم الكشف عن أن بريطانياً آخر منهم يدعى مذكر شاه (24 عاماً) نجح أيضاً في الفرار إلى باكستان ولم تتمكن السلطات البريطانية من العثور عليه حتى الآن.