بول كروغمان - نيويورك تايمز


الآن وقد كسب الديمقراطيون بعض السلطة، عليهم أن يقرروا ما الذي سيفعلون، والى ذلك فأحد أكبر الأسئلة يتمثل في ما إذا كان يتعين على الحزب أن يعود إلى النزعة الروبنية في الاقتصاد (الروبنوميكس)، وهو المذهب، الذي ارتبط باسم وزير الخزانة السابق روبرت روبن، الذي اعتبر خفض عجز الميزانية من الأولويات الأساسية.

والجواب في اعتقادي بالنفي. فقد كان روبن واحدا من أقدر وزراء الخزانة في التاريخ الأميركي، ولكن من الواضح الآن انه وبينما كانت النزعة الروبنية فاعلة في إطار الاقتصاديات الصرفة، فقد فشلت في أن تأخذ بالحسبان الحقائق السلبية للسياسة الأميركية المعاصرة.

والدرس المستمد من السنوات الخمس الماضية هو أن على الديمقراطيين أن يوظفوا رأس المال السياسي لخفض العجز، أما إذا كان عليهم أن يختاروا بين خفض العجز وإنفاق المزيد على الأمور الجيدة، مثل إصلاح الرعاية الصحية، فعليهم أن يختاروا الإنفاق.

ففي بيئة سياسية عقلانية كان للمنطق الاقتصادي، الذي يقف وراء النزعة الروبنية، أن يكون ملزما. وتخبرنا المبادئ المالية الأساسية أن على الحكومة أن تدير العجز في الميزانية، فقط عندما تواجه نفقات عالية على نحو استثنائي، خصوصا في زمن الحرب. وفي فترات أخرى يتعين عليها إدارة الفائض لتسدد الديون.

ولكن حقائق السياسة الأميركية أكدت أن تلك المسألة كانت غير ذات أهمية. فالرئيس بوش الثاني سرعان ما بدد فائض الميزانية، على خفض الضرائب، بما كان لصالح الأغنياء، ثم ادخل الميزانية في عجز كبير عبر خفض الضرائب على المكاسب المالية، حتى عندما أخذ البلاد إلى حرب كارثية. كما أنه يمكنكم أن تجادلوا بأن فائض روبن كان شيئا سيئا، باعتبار أنه مهد السبيل نحو هذه اللامسؤولية لبوش الابن.

وكما ذكر براد ديلونغ، وهو اقتصادي بجامعة بيركلي في إدارة الرئيس السابق كلينتون، في مدونته ذات النفوذ مؤخرا، laquo;لقد بذلنا وروبن جهدا كبيرا لاستعادة التوازن المالي للحكومة الاميركية، من زيادة معدلات النمو الاقتصادي. ولكن ما حدث، في النهاية، هو أننا اتحنا الفرصة لحرب الطبقات اليمينية لجورج بوش الابن، لجهة عدم المساواة الضريبيةraquo;. ولكن مجادلتي الوحيدة مع تلك الرؤية لديلونغ، هي أنها لم تكن حرب طبقات لرجل واحد: فحركة المحافظين بأكملها تشارك بوش أفكاره، أي تلك الرغبة في تبديد المال، الذي تم توفيره في ظل قيادة روبن.

ومن الواضح، مع الإدراك المتأخر، أن المحافظين الذين ادعوا اهتمامهم بالعجز، عندما كان الديمقراطيون في السلطة، لم يقصدوا ذلك، ويجب ألا ننسى كيف أن الان غرينسبان، الذي كان عرّاب التصحيح المالي بوجود بيل كلينتون في البيت الأبيض، أصبح المدافع عن الخفض الضريبي ـ حتى في وجه العجز في الميزانية، ما إن أصبح الجمهوريون في البيت الأبيض.

والآن بعدما عاد الديمقراطيون للسيطرة على الكونغرس، تعهدوا بألا يصيروا غير مسؤولين مثل السابقين: فنانسي بيلوسي، رئيسة مجلس النواب المقبلة، تعهدت باستعادة قاعدة laquo;ادفع الديون فوراraquo;، وهي القاعدة التي ضربها الجمهوريون عرض الحائط. وهذه القاعدة تمنع الكونغرس من تمرير ميزانيات تزيد من العجز.

وأنا من أنصار تلك القاعدة، ولكن السؤال المتبقي هو: هل من الأفضل زيادتها. فلنتصور أن الديمقراطيين تمكنوا من تحرير بعض الأموال، عن طريق توفير حلول لمشكلة برنامج العقاقير الخاص بالرعاية الصحية، وإنهاء الحرب في العراق، أو السيطرة على الشركات التي تحقق أرباحا طائلة من الحرب، أو إلغاء بعض برامج خفض الضرائب، التي طبقت في عهد بوش، فهل يستخدمون تلك العوائد لخفض العجز، أم ينفقونها في أشياء أخرى؟

الإجابة، كما اعتقد إلى هذه اللحظة، مع إنفاق الأموال، شريطة الاهتمام بإنفاقها بطريقة جيدة، تمكن الديمقراطيين من تحسين حياة الاميركيين، وفي الوقت ذاته إظهار بعض منافع الحكومة الجيدة.