بوتين يزور الرياض في 11 و12 شباط المقبل ...


مسقط، الرياض - محمد سيف الرحبي، سليمان نمر

اعربت المملكة العربية السعودية وسلطنة عمان عن قلقهما البالغ لتدهور الوضع في العراق، ودعتا العراقيين كافة الى تغليب المصلحة العليا لبلادهم، ودعتا المجتمع الدولي الى تفعيل عملية السلام في الشرق الاوسط وفق مبادرة السلام العربية وخريطة الطريق وقرارات الشرعية الدولية، وأكدتا دعمهما مبادرة جامعة الدول العربية لايجاد حل للأزمة في لبنان.

جاء ذلك في بيان صدر في ختام زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز امس الى مسقط التي استمرت ثلاثة ايام، تباحث خلالها مع السلطان قابوس بن سعيد في عدد من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.

وأشاد البيان بالعلاقات الطيبة بين البلدين الشقيقين اللذين عبرا عن رضاهما عما وصلت اليه تلك العلاقات من نمو وتقدم، في ظل الرعاية الكريمة لعاهلي البلدين، وأعربا عن تطلعهما الى مزيد من التعاون والتنسيق لما فيه مصلحة الشعبين.

وأعرب خادم الحرمين الشريفين عن إعجابه الكبير بالتقدم والنهضة اللذين تشهدهما عمان في شتى المجالات، كما اشاد السلطان قابوس بالتطورات التي تشهدها المملكة في ظل القيادة الحكيمة للملك عبدالله، وأثنى على الدور الذي يضطلع به خادم الحرمين في دعم مسيرة دول المجلس، ومساندته للعمل الخليجي المشترك بما يحقق دعائم الأمن والاستقرار في المنطقة.

وفي الشأن العربي، عبّر الجانبان عن قلقهما البالغ من تدهور الوضع في العراق، ومعاناة الشعب العراقي، ودعوا الاطراف العراقية كافة إلى تغليب المصالح العليا، وأكدا احترام وحدة العراق وسيادته واستقلاله، كما استعرضا تطورات الاحداث الفلسطينية ومسيرة عملية السلام في الشرق الاوسط، وأكدا استنكارهما الشديد وادانتهما لاستمرار الاعتداءات الاسرائيلية على الشعب الفلسطيني، وحضا المجتمع الدولي على التحرك السريع لوضع حد لتلك الاعتداءات، وتفعيل عملية السلام وفق مبادرة السلام العربية وخريطة الطريق وقرارات الشرعية الدولية.

واشار البيان الى ان السلام العادل والشامل في الشرق الاوسط لن يتحقق الا بقيام الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للبقاء وعاصمتها القدس الشريف، والانسحاب الاسرائيلي من الجولان العربي السوري المحتل الى خط الرابع من حزيران (يونيو) 1967، ومن مزارع شبعا في جنوب لبنان.

وعبرت المملكة والسلطنة في البيان المشترك عن قلقهما من تطورات الاحداث والاختلافات السياسية المؤسفة في لبنان، ودانا بشدة مسلسل العنف والاغتيالات، كما اكدا دعمهما للحكومة اللبنانية وتأييدهما ومساندتهما لجهود الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى لإيجاد حل للازمة، بما يحافظ على وحدة الصف اللبناني ويعزز الامن والاستقرار والالتزام بالمؤسسات الدستورية الشرعية، ويغلب التوافق والحكمة والحوار.

ودعا الجانبان الاطراف الصومالية المتصارعة إلى تغليب لغة الحوار وحل المشكلات بالطرق السلمية بما يحافظ على استقرار الصومال واستقلاله.

وعبر الجانبان العماني والسعودي عن اسفهما لاستمرار المعاناة الانسانية في اقليم دارفور، وثمن البلدان جهود الحكومة السودانية وحرصها على احتواء الازمة، واشادا بالجهود التي تبذلها الجامعة العربية والاتحاد الافريقي والامم المتحدة لمساعدة الحكومة السودانية في تحقيق المصالحة الوطنية في دارفور، وفي هذا الشأن حضا الحكومة والفصائل السودانية على الجلوس معاً الى طاولة المفاوضات، وتغليب المصالح الوطنية العليا للسودان.

وفي ما يخص الملف النووي الايراني، أكدا دعمهما كل الجهود الرامية الى التوصل الى حل سلمي لهذه الازمة، وحض البلدان ايران على مواصلة الحوار والتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بما يحقق الالتزام بالمعايير الدولية للأمن والسلامة، ومراعاة الجوانب البيئية، وأكدا مجدداً مطالبتهما بجعل منطقة الشرق الاوسط خالية من اسلحة الدمار الشامل، بما فيها منطقة الخليج، مع اقرارهما بحق دول المنطقة في امتلاك الخبرة في مجال الطاقة النووية للاغراض السلمية، على ان يكون ذلك متاحاً للجميع في اطار الاتفاقات ذات الصلة.

سعود الفيصل وبن علوي

وفي السياق ذاته، أكد وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، أن دول الخليج لا تخشى من المراهقات السياسية التي تعصف بعدد من الدول العربية حالياً. وقال في مؤتمر صحافي عقده في مسقط أمس مع الوزير المسؤول عن الشؤون الخارجية يوسف بن علوي بن عبدالله، رداً على سؤال لـ laquo;الحياةraquo;، إن laquo;دول المنطقة لا تخاف من هذه المراهقات بحكم تجربتها المختلفة مع العراق ولبنان وفلسطينraquo;.

من جهته، تحدث بن علوي عن زيارة الملك عبدالله للسلطنة، ووصفها بأنها laquo;ناجحة بكل المقاييسraquo;، بما أوجدته من قوة المشاعر الفياضة لقوة الروابط التي تجمع المملكة وعمان. وقال إن اللقاء الاخوي الذي جمع خادم الحرمين الشريفين وسلطان عمان يؤكد المواقف المبدئية الثابتة التي تقوم عليها العلاقة بين البلدين في جميع الميادين، والتي سعى الزعيمان الى تجسيدها عملياً على ارض الواقع، سواء أكانت ثنائية في اطار مجلس التعاون، أم في المحيطين العربي والاسلامي، وصولاً الى الاطار الدولي.

وحول العملة الموحدة، أعرب الوزير السعودي عن عدم وجود تحفظ لدى المملكة عن انطلاقتها عام 2010، معرباً عن أمله في تجاوز الصعوبات، وأن يكون الأمر ضمن الإجماع بحيث تكون هذه القناعات المثلى.

فيما أكد بن علوي أن هذه الزيارة ستعمل على تذليل ما يمكن تذليله لدفع مسيرة المجلس، نافياً أن تكون هذه الزيارة جاءت لتذليل صعوبات محددة في المشاريع المشتركة.

وأشار الى أن الولايات المتحدة دولة صديقة، ومشكلات الشرق الاوسط ليست حكراً على جهة معينة، فكل من له مصلحة في الشرق الاوسط أسهم بصورة أو بأخرى في حل هذه المشكلات، ونعرف ان الولايات المتحدة تبذل جهوداً لحل العديد من المشكلات، ولكن لن يتحقق النجاح الا بتعاون الجميع، داعياً الى مساعدة كل جهد من أجل ايجاد حلول لهذه المشكلات، خصوصاً القضية الفلسطينية.

كما تحدث بن علوي عن الأهمية الاقتصادية والاجتماعية لإقامة الطريق البري الذي يربط المملكة بالسلطنة عبر رملة خيلة - الربع الخالي.

زيارة بوتين

من جهة ثانية، علمت laquo;الحياةraquo; ان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيقوم يومي 11 و12 شباط (فبراير) المقبل، بزيارة رسمية الى السعودية، هي الأولى، بناء على دعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي سيبحث معه في تعزيز العلاقات الثنائية والقضايا ذات الاهتمام المشترك، وفي مقدمها الأوضاع في الشرق الأوسط.

وسيرافق بوتين في زيارته وفد كبير يضم مسؤولين سياسيين بينهم وزير الخارجية سيرغي لافروف، واقتصاديين بينهم وزيرا الاقتصاد والنفط. ويرجح توقيع عدد من اتفاقات التعاون المشترك في مختلف المجالات، خصوصاً الاقتصادية، مثل اتفاق لمنع الازدواج الضريبي. ولم يعلم ما اذا كان سيتم التوقيع بالأحرف الأولى على صفقة اسلحة روسية للمملكة، ستكون الاولى من نوعها، اذا تم الاتفاق بشأنها.

وعلمت laquo;الحياةraquo; ان محادثات جرت بين خبراء عسكريين سعوديين وروس هذا العام، بهدف بحث امكان تزويد المملكة بنحو 150 دبابة روسية من طراز laquo;تي. اس. 90raquo;، إذ تسعى موسكو إلى عقد هذه الصفقة من الدبابات المطورة التي جربت في الأراضي السعودية مطلع العام الحالي، لاختبار مدى قدرتها على العمل في الأجواء الصحراوية.

وترى الاوساط السياسية ان زيارة بوتين المرتقبة ستسهم في تعزيز التنسيق السياسي بين موسكو والرياض، والذي بدأ منذ زيارة الملك عبدالله لموسكو عام 2003، وتبعتها زيارات متبادلة لمسؤولين من البلدين، بينهم زيارة أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز لموسكو في حزيران (يونيو) الماضي.