شرح تفاصيل مبادرة الإنقاذ ولقاءه مع لحود بشأنها


حاورته غادة حلاوي


لرئيس الحكومة السابق الدكتور سليم الحص رأي في فكرة الحوار الوطني تقول ان طرحها ينطوي ضمناً على إدانة لنظامنا على انه غير ديمقراطي، إذ لا يوجد في ديمقراطيات العالم شيء اسمه حوار وطني لأن هذا الأخير يفترض تواجده يومياً في حياة المجتمع، أما وقد أعدت العدة لهذا المؤتمر الوطني للحوار الذي دعا اليه رئيس مجلس النواب نبيه بري فإن الأمل حسب وجهة نظر الرئيس الحص في نجاحه ضئيل ان لم يكن مستحيلاً، ولقوله هذا حجة وتبرير مبنيان على قراءة نقدية للحوار المنتظر بدءاً بتنظيمه الى الفرقاء المشاركين فيه وما يمثلون ومن يمثلون.
يتخوف من ان يدخلنا هذا الحوار في مأزق آخر بدل من ان يخرجنا منه ويتمنى لو ان مبادرته الانقاذية كانت محوراً من محاوره تناقش من قبل المشاركين وهو خارجهم كونه يمثل قوة ثالثة غير ممثلة إلا بنائب واحد داخل البرلمان.
يتوقع ألا تستغرق مناقشة قضية اغتيال الحريري أكثر من عشر دقائق من وقت المؤتمرين على مدى أيام قد تزيد على ثلاثة، أما الوقت الآخر فسيصرف على مناقشة القرار الدولي 1559 من دون جدوى، أما عندما يحين موعد مناقشة بند العلاقات اللبنانية ــ السورية فحينها سينتهي النقاش قبل بدئه وعلى خصومة بين المتحاورين.
يشرح الحص ما دار من نقاش مع رئيس الجمهورية حول مبادرة القوة الثالثة لاستقالته، يطالب بتحني لحود ولكن بطرق سلمية ودستورية، أما الصيغ الأخرى المطروحة من قبل الفريق الآخر فهي ضرب من المستحيل.
bull; بعد ان وضعت في أجواء تحضيرات مؤتمر الحوار البرلماني كيف تقيم هذه الخطوة؟
ــ بعد زيارة سابقة لوفد من حركة أمل، زارني أخيراً فريق من السادة النواب موفد من الرئيس نبيه بري كي يضعني في أجواء مؤتمر الحوار الذي يحضر له.
تداولنا في مسألة الحوار وقلت للوفد ما في ذهني وهو انني لو دعيت لكنت طرحت مبادرة منبر الوحدة الوطنية quot;القوة الثالثةquot;، لحل الأزمة القائمة في صدد الرئاسة والمطالبة باستقالة الرئيس.
bull; هل تؤمن ان الحوار هو خشبة الخلاص من الأزمة اليوم؟
ـــ كان لي رأي في موضوع الحوار يقول ان مجرد طرح فكرة مؤتمر للحوار الوطني انما تنطوي ضمناً على إدانة للنظام بأنه غير ديمقراطي، وكأنما الرئيس يرى فعلاً ان نظامنا غير ديمقراطي وأنا صاحب القول ان في لبنان كثيراً من الحرية وقليلاً من الديمقراطية، ولكن إذا كان نظامنا ليس ديمقراطياً فلنعمل على إشاعة الديمقراطية فيه وتنميتها ولا نستعيض عنه ببدائل مثل مؤتمر الحوار الوطني.
وأطرح هنا السؤال: لو تطلعنا الى ديمقراطيات العالم الأكثر تقدماً متى كان آخر مؤتمر للحوار الوطني في أميركا أو بريطانيا أو فرنسا أو غيرها، يكون الجواب لا يوجد لأن الحوار الوطني هو شبه يومي وانما يتم داخل مؤسسات الدولة.
طرحت سؤالاً جوهرياً حول من هم أطراف الحوار ومن الذي يقررهم، قد يقول قائل ان الأمر يقتصر على مجلس النواب كما هو الأمر اليوم ولكن إذا انحصر الموضوع داخل مجلس النواب فهذا يطرح أكثر من سؤال جوهري أولها في النظام الذي طبقناه حتى اليوم وهو النظام الأكثري (قانون 2000) ماذا يمثل مجلس النواب من الشعب اللبناني؟ كانت نسبة الاقتراع عموماً بين 40 و50 في المئة ولكن الذين فازوا نالوا نسبة 30 الى 40 في المئة من نسبة الاقتراع ولو فرضنا ان الذين فازوا نالوا نسبة 50 في المئة من الخمسين في المئة الذين شاركوا في الاقتراع، فهذا يعني انهم يمثلون بين 20 و25 في المئة من الشعب اللبناني، كما اننا وطبقاً لنظامنا البرلماني فنحن نحكم منطق الأكثرية فإذا كان مجلس النواب يمثل 25 في المئة من الشعب اللبناني فماذا تمثل الأكثرية؟ 15 أو 20 في المئة من الشعب اللبناني؟ فهل يجوز لهذه النسبة من الشعب اللبناني ان تقرر مصيرنا؟ وهل هذا هو الحوار الوطني؟
أما إذا قبل بعدم حصرنا في مجلس النواب بل ان نشمل كل الأطراف السياسية داخل مجلس النواب فهذا تعجيز لأن اجتماع 3 أفراد يحولهم الى فريق ما يعني ان ثمة نحو ألف فريق في لبنان، فمن الذي يقرر الذين يشاركون أو لا يشاركون، هل الرئيس بري وحده؟ وضمن أي إطار وبناء على أية مقاييس؟.
bull; كيف تتوقع ان ينتهي اليه هذا الحوار النيابي؟ وهل تتوقع له النجاح؟
ـــ الحوار لن يخرجنا من المأزق بل سيدخلنا في مأزق آخر لا سمح الله. أتمنى لمؤتمر الحوار النجاح من كل قلبي ولكني لا أراهن عليه لأن المواضيع المطروحة هي ثلاثة: جريمة اغتيال نكراء أودت بحياة الرئيس الشهيد وظروفها وملابساتها وتفرعاتها والقرار 1559 وسلاح حزب الله والفلسطينيين، والعلاقات بين سورية ولبنان.
أتوقع ان الموضوع الأول تنتهي مناقشته ضمن دقائق عشر، وسيكون هناك إجماع على كل شيء يطرح وحتى المحكمة الدولية، وإذا دام المؤتمر ثلاثة أيام مثلاً فسيمضي المؤتمرون بقية الوقت في مناقشة القرار 1559 وهل المقاومة مقاومة أم ميليشا ولماذا المقاومة بدل الجيش ولماذا لا تحرر شبعا عبر المحكمة الدولية؟ وسيكون الحوار من دون جدوى ولن يصلوا الى اتفاق.
وحينما يصل الحوار النقاش الى الموضوع السوري فأخشى ما أخشاه ألا يقلع وينفضّ الحوار وينتهي.
أتصور مسبقاً وليد جنبلاط وسمير جعجع ومعهما سعد الحريري يواجهون نبيه بري وحسن نصرالله في هذا الموضوع بالذات، فالنقاش لن يبدأ حتى ينفضّ الحوار.
bull; على من تعول القوة الثالثة لتبني مبادرتها الانقاذية، هل على رئيس الجمهورية مثلاً؟
نعم عوّلنا على فخامة الرئيس، بدأنا المبادرة معه، وللعلم ان هذه المبادرة كانت اقتراحاً للرئيس لحود، بعد ان قمنا بجولة على كل القوى السياسية، طلبنا موعداً من فخامة الرئيس كي نستعرض معه كل حصيلة تلك الاتصالات، زرته برفقة 25 عضواً من القوة، اجلسهم في صالة كبيرة وأدخلني الى مكتبه فاقترحت عليه هذا الاقتراح كمبادرة يجب ان تصدر منه، قلت له انت تواجه يومياً مطالبة بالتنحي وترد عليها بالقول انك باقٍ حتى آخر لحظة. أول مرة سمعنا هذه الكلمة أعجبنا بك وثاني مرة سمعناها تقبلناها وثالث مرة مشيناها لكنها تكررت رابعة وخامسة وسادسة حتى باتت تأكل من كرامتك، وهذه العبارة بعد تكرارها تصورك أمام الناس وكأنك متمسك بالكرسي بأي ثمن حتى ولو لمصلحة البلد أو الوحدة الوطنية أو السلم الأهلي.
سألني ماذا تعتقد فأجبته لو كنت مكانك لتحينت اللحظة المناسبة لأوجه كلمة للبنانيين أقول فيها جملة أولى quot;فش خلقك فيهاquot; انك لم تطلب التمديد لنفسك وأولئك الذين يطالبونك اليوم بالتنحي هم الذين كانوا يطالبونك بقبول التمديد ورضخت لمشيئتهم فإذا كان هذا يرضيك فقله في البداية، انما العبارة الثانية يجب ان تكون منسجمة وقولي quot;وأنا لست متمسكاً بالكرسيquot; وعلى استعداد للتنحي وانما ضمن مبادرة للإنقاذ الوطني وأشرح نظريتك لهذا الإنقاذ، وهكذا تكبر بما تقول ولا تصغر وتكون قد ضحيت بموقعك من أجل الوطن.
وأرى ان الإنقاذ الوطني انما يكون باستصدار قانون انتخاب جديد، أوشكت اللجنة المولجة على إنهاء صيغتها للقانون نهاية هذا الشهر، والقانون يجب ان يبنى على قاعدة النسبية اذا ما آمنت بما نؤمن به وهذا يحيي الثورة في البنية السياسية، نحن بحاجة اليها، على ان يتضمن هذا القانون ضوابط للاعلام والاعلان الانتخابيين وسقفاً للانفاق الانتخابي حتى لا يبقى المال السياسي متحكماً بنتائج الانتخابات وكي لا تبقى قلة متحكمة بالدعاية التي ترافق الحملات الانتخابية، كما على هذا القانون الجديد ان ينتهي بنص يحل مجلس النواب ويحدد موعدا لانتخاب آخر على غرار ما حصل عام 1992.
واذا كان الانقاذ هو في قانون جديد للانتخابات فما قيمة هذا القانون اذا لم ينفذ، اذاً فلينته القانون بتحديد مهلة لحل المجلس القائم واجراء انتخابات جديدة، فاذا اعطيت مهلة شهرين لقانون الانتخاب وأربعة اشهر لحل مجلس النواب واجراء الانتخابات فنكون خلال ستة اشهر امام مشهد سياسي جديد وانت يا فخامة الرئيس تتقدم باستقالتك امام المجلس الجديد ويأتي رئيس جديد.
bull; ماذا كان رد رئيس الجمهورية على مبادرتكم؟
ــ عندما سمع المبادرة، انفتح عليها وناقشني فيها بايجابية كلية ولكنه لم يتعهدها وطلب التفكير بها ملياً، وعندما انضمينا سوية الى بقية وفد القوة الثالثة اجاب على سؤال احد الاعضاء بما ينبئ بأنه يفكر جدياً بهذا الاتجاه.
bull; مضت على هذا الحديث مدة شهرين فلماذا تعتقده متردداً في الاستقالة؟
ــ اعتقده يتقبل هذا المشروع وينظر اليه بايجابية لان تعليقاً سلبياً لم يصدر عنه بشأنه. اما لماذا لم يتجاوب معه حتى الآن فهذا سؤال يوجه اليه في تقديري ان رئيس الجمهورية يخشى ان يفسر ذلك على انه رضوخ للضغوط التي تمارس عليه وانهزام امام مهاجميه. القصة هنا باتت معنوية.
bull; بالانتقال الى الفريق الآخر هل تعتقد انه سيربح معركته في اسقاط لحود بطريقة ما؟
ــ هذه كلها تؤثر على الرئيس سلباً، ولا يملك ما يوازيها ولا يملك وسائل اعلام بقدر ما يملك خصومه ولا يمكنه تنظيم تظاهرات مثل خصومه وهذه التحركات تأكل من رصيده مع مرور الوقت، وتهز ثقة الشعب به ولا ننسى ان شرعيته مستمدة من ثقة هذا الشعب.
اما اسقاطه حسب الدستور فلا توجد اي طريقة وهذا قاله الاستاذ حسن الرفاعي وهو ثقة في هذا المجال، واي تعديل للدستور يستوجب ثلثي الأصوات غير متوافرة عند الاكثرية ودورة عادية غير موجودة اليوم، واقتراحاً من رئيس الجمهورية نفسه لن يتقدم به، ثم ان مجلس الوزراء لو قرر تحويل مشروع قانون بهذا الصدد فلن يحوله رئيس الجمهورية، واذا وصل الى مجلس النواب مشروع من هذا النوع يستوجب ثلثي الاصوات غير متوافر، واذا اخذ المجلس النيابي قراراً وارسله الى رئيس الجمهورية بامكانه رده الى المجلس وفي هذه الحالة على المجلس تأمين تصويت ثلاثة ارباع أصوات النواب للموافقة عليه وهذا امر مستحيل لان الاكثرية لا تملك الثلثين فكيف لها ان تملك ثلاثة ارباع الاصوات. الأمر شبه مستحيل دستورياً.
bull; لكن علام تعتقد انهم يراهنون في معركتهم، سمير جعجع قال أخيراً: لحود طاير وقابله آخرون بالايحاء بأن الامر محسوم؟
ــ لست من يفسر كلام سمير جعجع، قصة اخراج وليس اكثر، امام الرأي العام الداخلي وفي الخارج. يريدون إحراجه فاخراجه ولا طريق آخر.
bull; ماذا تتوقع ان يحصل في 14 آذار؟
ــ لن يحصل شيء ويجوز ان تحصل تظاهرات وهذا حق مقر قانوناً، وانما يخشى ان تقام مقابلها تظاهرات سلمية تعارضها وان يحصل صدام في التظاهرات.
bull; في خضم معركة اسقاط الرئيس التي اطلقتها الاكثرية كيف ترى وضع الحكومة؟
ــ تتعرض الحكومة بلا شك لضغوط شديدة جداً لان اعضاءها ليسوا متفقين على موقف واحد، وتتنازعها قوى متعارضة وتعول على طول بال فؤاد السنيورة وقناعته وإلا فالقرار أصبح في الشارع وليس بيد الحكومة، وهي لا تستطيع شيئاً.
bull; هل تنظر الى العماد ميشال عون مرشحاً للرئاسة خلفاً للحود؟
ــ لا شك ان العماد عون هو من ابرز زعماء المسيحيين الموارنة هذه الايام.
bull; من أبرزهم او انه أبرزهم؟
ــ قد يكون ابرزهم ايضاً ولا شك ان امامه فرصة وهو مرشح جدي لكن منافسيه كثر.
طاقة اللبنانيين على التحمّل كبيرة
برهنت الايام ان طاقتنا على التحمل في لبنان كبيرة جداً وهذا ما منع انهيارنا في السابق بسبب ثلاثة عوامل هي: اولاً هجرة الشباب الى الخارج حيث لكل عائلة تقريباً مهاجرون في الخارج حموها من الانهيار.
ثانياً: من حسن طالع لبنان ازدياد اسعار النفط اخيراً، اضعاف ما كانت عليه حتى لامست سبعين دولاراً وهذا امر خيالي بعد ان كانت لا تزيد على 15 دولاراً، ما اوجد فوائض مالية عند الدول العربية تبحث عن ابواب للاستثمار، وهذه عادة ما تذهب الى انحاء مختلفة من دول العالم ويأتينا نذر قليل منها قد لا يتعدى النصف في المئة لكنه ونظراً لحجمنا الصغير يكون مفيداً، ولذا غمرتنا الفوائض العربية، والدليل اننا على رغم سوء حالنا والتمزق الحاصل سياسياً والفساد المستشري والأحداث الأمنية المتتالية فالسياحة ما زالت ناشطة واسعار سوليدير تزداد والليرة صامدة ومصرف لبنان يقف موقف المشتري للعملات الاجنبية وليس البائع كما في الماضي والقيم العقارية تزداد، هذه كلها عوّمت لبنان ومنعت الانهيار. ثالثاً: المال السياسي الذي يدفع يمنة ويسرة من قبل المتمولين تحقيقاً لمآرب سياسية، فالسياسي يدفع مقابل ظهوره على الاعلام يومياً، والمتمولون من السياسيين يدفعون اموالاً كثيرة للمتنفذين ولمفاتيح الاحياء والمؤثرين في الرأي العام ولوسائل الاعلام كمساعدات وبدل اعلانات وغيرها.