الحوار اليوم على وقع بيان المطارنة وصخب مجلس الوزراء ولقاء الحريري ونصرالله
الياس المر يفجّر قنبلة سياسية في مخاطبته لحود أمام الوزراء:
كفاك دفاعـاً عن حلفائك.. 'قــرار عنجــر' أما عبـــد وأما جثـــة

من البيان المعبّر بدلالاته وصياغته الشديدة الاتقان لمجلس المطارنة الموارنة، الى quot;تظاهرة الطناجرquot; في ساحة الشهداء، فالى الجلسة العاصفة لمجلس الوزراء، والى ترتيبات الساعات الاخيرة الفاصلة عن يوم 2 آذار... حلقات متنافسة في حماوتها وسخونتها تلاحقت ساعة اثر ساعة مستبقة اول مؤتمر للحوار اللبناني اللبناني من دون اوصياء او وسطاء عرب او غربيين سينطلق في الحادية عشرة قبل ظهر اليوم في مجلس النواب.

15 شخصية رئيسية من الزعماء ورؤساء الكتل والاحزاب والسياسيين مع معاونيهم، سيجتمعون للمرة الاولى في quot;طائف لبنانيquot; اليوم تتساوى معه احتمالات النجاح ومحاذير الفشل. والتحدي الكبير المطروح للحوار على الطاولة المستديرة، والابعد من شكلياته، يتمثل في ما اذا quot;الاتفاقquot; المرجو سيقتصر على آمال متواضعة بحيث يخرج المؤتمرون بعبارات عمومية مبهمة تترك للجان المتابعة والصياغة كمخرج للحد الادنى الممكن، ام ان المؤتمرين سيغوصون فعلا في جوهر الازمات الموزعة على المحاور المحددة الثلاثة للتوصل الى حلول فعلية وجذرية؟ وبالتالي اي مآل لمعركة اسقاط رئيس الجمهورية اميل لحود التي شهدت امس quot;زخماquot; فوق العادة على ألسنة وزراء 14 آذار في جلسة مجلس الوزراء وكذلك عبر الاعتصام في ساحة الشهداء؟ واي مآل للقرار 1559 وهو البند الاشد حساسية بعد موضوع الرئاسة؟

حلقات quot;الحدث ما قبل الحدثquot; بدأت اذن مع بيان مجلس المطارنة الموارنة الذي اثار جدلا بين من اعتبره رفعا للغطاء تماما عن رئيس الجمهورية ومن اعتبره عكس ذلك خفضا لوتيرة الضغوط عليه. لكن القراءة الدقيقة للبيان اظهرت انه اقرب ما يكون الى عظة البطريرك الماروني الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير امام الرئيس اميل لحود شخصيا في عيد الميلاد مع اضافة معبرة الى اجواء الانقسام في البلاد بين فئة تريد اسقاط الرئيس باي وسيلة، واخرى تريد ابقاءه في منصبه باي وسيلة. وخلص من ذلك الى تحميل الرئيس تبعة دوره كحكم quot;ليرى ما اذا كان بقاؤه او اعتزاله يفيد البلد ام يسيء الى مصالحه، وعليه ان يتحمل مسؤوليته امام الله والتاريخquot;.

اما في ساعات بعد الظهر فان وتيرة التصعيد ارتفعت بشكل كبير مع تدابير امنية ضخمة تمثلت في نشر ما قدر بثلاثة آلاف عنصر من الجيش وقوى الامن الداخلي وشرطة مجلس النواب في وسط بيروت تأمينا لامن جلسة مجلس الوزراء في مقره الموقت الجديد في المجلس الاقتصادي والاجتماعي، برئاسة لحود، وكذلك استعداداً لبدء اعمال الحوار اليوم.

وعلى وقع الهتافات المتصاعدة لمعتصمين في ساحة الشهداء نادوا باسقاط الرئيس لحود وحاولوا القيام بمسيرة الى مقر مجلس الوزراء، ومنعتهم العناصر الامنية، انعقدت جلسة مجلس الوزراء وسط اجواء مشدودة للغاية ولكنها ظلت مضبوطة في الداخل وان على وقع مداخلات نارية لوزراء 14 آذار اعتبرها احد الوزراء البارزين في هذه القوى انها كانت بمثابة quot;جلسة لمحاسبة رئيس الجمهوريةquot;.

الوزراء... وحماده

وتعاقب وزراء كثيرون على الكلام، فاجمع وزراء 14 آذار على مطالبة الرئيس لحود بالاستقالة، ومنهم نايلة معوض وميشال فرعون واحمد فتفت وجان اوغاسبيان وغازي العريضي، فيما طلب الوزير مروان حماده الكلام بعد الوزيرة معوض وكانت له مداخلة توجه فيها الى الرئيس لحود قائلاً: quot;اريد ان اذكّرك بالكلام الذي قلته في جلسة التمديد في مجلس الوزراء حيث دخلت علينا ووجهت لنا كلمة شكر على ثقة الوزراء بك وانصرفت، ثم ترأس الرئيس رفيق الحريري الجلسة وقال ما يقارب العشر كلمات quot;بناء على المعطيات الاقليمية (وكان واضحاً انها اوامر دمشق) هناك آلية لتعديل المادة 49 سأطرحها في شكل معكوس، هل هناك من يعترض؟quot;.

واضاف حماده: quot;قلت في هذه الجلسة انني مع تقديري الكامل للاعتبارات الاقليمية التي عرضت امامنا اليوم ومع احترامنا الاكمل للخط الوطني الذي نعتبر انفسنا اكثر من غيرنا مؤسسين له ومستمرين فيه وصوناً لفكرة التلازم بين اتباع الاصول الديموقراطية والحريات العامة واحترامها التي لا تتعارض مع ثبات العلاقة مع سوريا وصون المقاومة والدفاع عن خط الصمود في مواجهة العدو الاسرائيلي، فمن واجبنا جميعاً احترام مبدأ تداول السلطة وفق الاصول الديموقراطية على كل المستويات. لذلك باسم اللقاء الديموقراطي نعارض معارضة مقاطعة التمديد. هذا ما قلته في ذلك اليوم المشؤوم وبعد 31 يوماً وجه النظام الامني الي هدية مفخخة. ان ما جرى بعد ذلك ونتيجة لذلك من اغتيال للرئيس رفيق الحريري وباسل فليحان وسمير قصير وجورج حاوي وجبران تويني ومحاولة اغتيال الياس المر ومي شدياق تتحمل انت شخصياً مسؤوليته. قد لا اقول انك كبست الزر انما اقول ان ما جرى بعد التمديد من حوادث وويلات تتحمل انت شخصياً مع فريق عملك مسؤوليته بدءاً بالمسؤولية الدستورية مروراً بالمسؤولية الامنية كونك كنت رأس المجموعة وصولاً الى المسؤولية السياسية والتحريض على القادة السياسيين والصحافيين الذي جرى اعداده وبثه ونقله محلياً والى دمشق من جانب فريق عملك. ثم استمر مسلسل الاغتيالات والتفجير ومحاولات وضع اليد على ما تبقى من مؤسسات الدولة حتى الغائها وكان ذلك واضحا من خلال رد القوانين والمراسيم وغيرها من الممارسات التي أدت بالبلاد الى الحالة الكارثية التي وضعتنا أنت فيهاquot;.

وخلص الى تحميل لحود مسؤولية quot;تأجيج الوضع الداخلي حيث بات الجميع في البلد إما يطالب باستقالتك، او يفاوض على ابدالك. فهل تعتبر ذلك طبيعيا؟ وهل تستطيع الاستمرار على هذا النمط من التصرف؟quot;.

وضم حماده صوته الى quot;أصوات الذين ينادونك، وفي مقدمهم السادة الاحبار الموارنة، بأن تتحمل مسؤولياتك امام الله والتاريخ وبأن تفرج عن لبنان السيد الحر المستقل والديموقراطيquot;.

وكانت مداخلة الوزيرة نايلة معوض اتسمت بحدة كبيرة ايضا اذ اتهمت الرئيس لحود بـquot;التمويه والتعمية على التحقيق في اغتيال الرئيس رينه معوض الذي مهد لقيام الدولة الامنية وعهد الوصاية الذي كنت انت أداة لقيامهماquot;. كما حملت على دوره في عملية 13 تشرين وما شهدته من تصفيات وجرائم تحت ذريعة انهاء تمرد العماد ميشال عون.

رد لحود

ورد الرئيس لحود على الوزراء مؤكدا انه ما تعود التخلي عن مسؤولياته وهو لن يتخلى عنها في هذا الظرف. وقال: quot;لن أسلم مؤسسة دستورية وانا لست مطمئنا الى أين ستأخذونها، ولن أترك البلد في مهب الريح وأنا لست مسرورا لسماع الشتائم ليل نهارquot;، كما لست متمسكا بالكرسي ولكنني لن أترك المؤسسة الدستورية في أيد غير آمنة. وليس سمير جعجع من يطالب ببعبدا وهو الذي ارتكب جرائم وحروبا ودين بقتل رئيس حكومةquot;. ورد على كل وزير بمفرده متحدثا عن quot;ماضيه ومآثرهquot;، داعيا الى الكف عن اتهامه زورا.

قنبلة المر

المفاجأة الكبيرة بل القنبلة السياسية في الجلسة فجرها على نحو غير متوقع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الياس المر في كلمة توجه بها الى الرئيس لحود وأحدثت دويا قويا وخصوصا بعدما كشف وزير الاعلام غازي العريضي بعد اذاعته المقررات الرسمية مقتطفات منها.

وقد أعلن المر انه لا ينتمي لا الى 14 آذار ولا الى 8 آذار quot;وانما أنتمي الى 12 تموز يوم الانفجار الذي استهدفني و12 كانون يوم استشهاد جبران تويني وتشرين يوم محاولة اغتيال مروان حماده و14 شباط يوم استشهاد الرئيس الحريريquot;. واعتبر ان اقصاءه عن حكومة عمر كرامي كان بفعل quot;القرارات الامنية التي اتخذتها لمصلحة لبنانquot;، مشيرا الى ان الرئيس لحود quot;فعل المستحيلquot; لدعمه ولكن quot;كان هناك مركز عنجر وقراره: يا عبد يا جثة. ولا حل وسطا ولم نعمل عبيداًquot;. وقال للرئيس لحود: quot;انت متهم زورا لان عندك من نفس. لم أنس انك قلت لي بعد محاولة اغتيالي quot;فلّquot; من لبنان خايف عليك وما فيي احميكquot;. وأضاف مخاطبا لحود: quot;اني أخاطبك الليلة كرئيس للبنان وجدّ لأولادي الثلاثة.. اني أعرف انه لو كان الموضوع يعود اليك دون الاخذ في الاعتبار حلفاءك لكنت مشيت امس قبل اليوم، اما من أجل حلفائك فانك تتحمل البهدلة والضغط الاعلاميquot;.

ودعاه الى العودة الى اقتناعه الشخصي مذكّراً اياه بقوله قبل سنتين: quot;عم عّد الأيام يوم بيوم لأخلصquot;، قائلاً: quot;خذ القرار الجريء... ليس مسموحاً ان يدافع عنك حلفاؤك بالرمادي وانت تدافع عنهم يا ابيض يا اسودquot;.

الحريري ونصرالله

في غضون ذلك، اكتسب الكشف عن quot;لقاء الساعات السبعquot; بين رئيس كتلة quot;المستقبلquot; النائب سعد الحريري والأمين العام لـquot;حزب اللهquot; السيد حسن نصرالله مساء الثلثاء في قريطم أهمية خاصة نظراً الى توقيته وطول مدته والى كونه أول لقاء بينهما منذ غياب الحريري عن لبنان. وقد عقد اللقاء في حضور المعاون السياسي لنصرالله حسين خليل ومستشار الحريري مصطفى ناصر. واذ شدد البيان المقتضب عن اللقاء على تصميم الجانبين على quot;بذل كل الجهود لوأد الفتنةquot; في ضوء أحداث العراق، وquot;تأكيد وحدة المسلمين في لبنان باعتبارها المدخل الى الوحدة الوطنية بين جميع أبنائهquot;، قالت مصادر شاركت في اللقاء لـquot;النهارquot; ان المناقشات كانت quot;جيدة جداً وتفصيلية وشاملة ومعمقة من جانب الطرفين ولم يخف أي منهما اي توجه او رأيquot;. وأضافت ان اللقاء تناول quot;كل الأمور بكل صراحة وشفافية وخصوصاً انه طوال فترة غياب الحريري عن لبنان كانت الاتصالات بين الطرفين تتم بالواسطة والرسائل وبالتالي فان اللقاء كان بمثابة عرض معمق للماضي والحاضر والمستقبلquot;.

وكشفت المصادر نفسها ان quot;كل موضوع سياسي مهم وضع على بساط البحث وكل شيء يهم البلد في السياسة طرح بين نصرالله والحريريquot;، مؤكدة بذلك ان موضوع رئاسة الجمهورية والقرار 1559 كانا من المواضيع التي أثيرت.

وهل حصل تفاهم على كل شيء؟ أجابت المصادر ان ليس هناك من تفاهم كلي بالتأكيد على كل شيء لكن الطرفين مهتمان بترسيخ المتفق عليه وبمتابعة الحوار حول النقاط التي تتباين حولها المواقف وخصوصاً ان هناك قضايا دقيقة عدة تستلزم متابعة منهما مع فريقيهما ومستشاريهما وكتلتيهما النيابيتين. كذلك نفت المصادر ان يكون توقيت اللقاء مقصوداً عشية الحوار في مجلس النواب، مشيرة الى ان لا صلة لتوقيت اللقاء بهذا الاستحقاق، واللقاء كان يتم التحضير له منذ فترة وجاء توقيته بفعل جملة عوامل بينها واجب تقديم التعزية من جانب الأمين العام لـquot;حزب اللهquot; لمناسبة مرور سنة على اغتيال الرئيس رفيق الحريري. وشددت على وجود جو ودي ومسؤول بين الجانبين وخصوصاً في ضوء الغليان الذي تشهده المنطقة، وتفاهمهما التام على ضرورة ان يبقى لبنان في منأى عن الانعكاسات والارتدادات السلبية لهذا الغليان عبر الوسيلة الفضلى والوحيدة وهي الحوار المباشر. وقالت المصادر انه ستكون هناك لقاءات اخرى لمتابعة كل الامور التي اثيرت في اللقاء الذي امتد حتى قرابة الثالثة فجر الاربعاء.

ويشار الى ان النائب الحريري التقى مساء أمس في قريطم رئيس quot;اللقاء الديموقراطيquot; النائب وليد جنبلاط. وجاء هذا اللقاء عشية بدء الحوار في مجلس النواب وغداة لقاء الحريري ونصرالله في قريطم.