عبد الرحمن الراشد

لنقر بما لا تريد حكومة فلسطين الجديدة ان تقوله على لسانها. حماس كونها السلطة الفلسطينية المنتخبة، تريد ان تحقق للفلسطينيين دولتهم الموعودة. حماس رغم نفيها المتكرر مستعدة للاعتراف بإسرائيل، وبوجودها المحدد دوليا قبل حرب 67، ومستعدة للقبول بدولة فلسطينية في الضفة وغزة. ووفقا لهذا المنطق الصامت مستعدة للتفاوض وإنهاء الكفاح المسلح.
ان كانت هذه القراءة صحيحة، وأنا واثق من ذلك، فلماذا لا تعلنها وهي الحكومة التي انتخبت؟ خوفها من خذلان ناخبيها وشماتة خصومها فيها.
لكن السؤال الذي يجدر بحماس الاجابة عليه هو، هل الشعب الفلسطيني، نعني الذي صوت لها، يريد الشيء نفسه؟ أم أنه انتخبها لأنها ضد التفاوض وضد الاعتراف ومع الحرب؟ انتخبها لأن صورتها تبدو أكثر كفاءة ونزاهة وتستحق الفرصة، وليس لأنها تريد شن حرب تحريرية، لأن الكفاح المسلح له خط خارج السلطة. وإذا كانت هذه الرؤية صحيحة فإن حماس ستجد ثقة الناس فيها كبيرة ويريدونها أن تفاوض العدو، لا laquo;فتحraquo; التي استهلكت سمعتها ووقتها وكل وعودها. إذا قادت التفاوض سيقبل الناس بما تقبل به حماس، يظنون أنها ستعطي أقل وستأخذ لهم أكثر.
وليس من قبيل التعسف ان نقول ان الفلسطينيين صوتوا لها لأنهم يريدونها ان تفاوض، لا ان تقاتل. وسيساندونها حتى بعد لحظة التوقيع لو جاء وقت الاحتفال باتفاق سلام. وان كانت هناك من مشكلة لحماس فهي رغبتها في المحافظة على جمهورين مختلفين في آن واحد. جمهور عربي لا يعيش تحت الاحتلال ويصفق لكل مواجهة هو بعيد عنها. اما الجمهور الثاني، فهو الفلسطيني الذي يعيش عالما مختلفا في معاناته وآماله ومحرماته. وبين جمهور ما وراء النهر وداخله، على حماس ان تقرر مبكرا ماذا تريد ان تفعل، لا ان تبدو كثور محاصر بين الهتاف العربي والرماح الاسرائيلية.
وقد يبدو غريبا ان حماس تتعلثم وتردد اجابة laquo;لعمraquo;، كما فعل في رسالته وزير الخارجية الفلسطيني الجديد محمود الزهار، الذي بعث بها لكوفي عنان قائلا، ان حكومة حماس تؤيد وجود دولتين متجاورتين من دون ان يسمي اسرائيل. وحتى عندما فعل لم نسمع نقدا ضده، هذا اذا كانت الرسالة مجرد بالون اختبار تريد ان تجس من خلالها نبض الشارع المؤيد لها، فها هي النتيجة غير مستنكرة.
حماس تعرف ان الشعب الذي انتخبها يريد ايضا دولة وخدمات، وهي لن تستطيع ان تحقق له الدولة بلا تفاوض.
حماس تبدو في وضع خجول لأنها تريد ان تفاوض وتعلن انها مع الحل السلمي، وعلى استعداد للتخلي عن الكفاح المسلح باتجاه الدولة المرجوة تفاوضيا. انها تعيش نفس المحنة التي واجهت منظمة التحرير الفلسطينية عندما كانت في المنفى التونسي، حيث اضاعت الكثير من الوقت باستخدامها للفذلكة اللغوية والمناورات الكلامية لتوقع اخيرا في اوسلو اتفاق سلام أوليا انهى غربة المقاتلين، وفتح الضفة وغزة وصارت السلطة حقيقة، بعد ان كانت مجرد ملحق في بيانات وزارات الخارجية العربية.

[email protected]