الجزائر - أشرف العشري


في الوقت الذي شارفت فيه الحرب اللبنانية علي الوصول إلي نهايتها وتوقفت صواعق القتل والتفجير وصولا لتسوية سياسية متكاملةrlm;,rlm; مازالت تجري هنا في الجزائر حرب سياسية شرسة أخري اقرب إلي معارك تصفية الحسابات وثقافة التخوين بين الحكومة من ناحيةrlm;,rlm; والاحزاب السياسية والصحف من ناحية أخريrlm;,rlm; وقاسمها المشترك بالطبع الحرب اللبنانية حيث تساق الاتهامات القاسية ضد الحكومة علي مدار الساعة بتقاعس ادائهاrlm;,rlm; وتراجع دورها وصوتها طيلة أيام الاعتداءات الإسرائيليةrlm;,rlm; خاصة ان الضحية هذه المرة كان بلدا عربيا هو لبنان تعرض لحملة اغتيال وطني وشعب تحت الحصار والركامrlm;.rlm;

الحكومة بعد فترة صمت مطبق عادت ورفعت الصوت عاليا في الأيام الأخيرة للحرب وجاهرت بتأييدها لعمليات وضربات حزب اللهrlm;,rlm; بل وطالبته بضرورة ضرب عمق إسرائيل بعد أن استطاع رفع هامة العرب من جديدrlm;,rlm; بل سارعت الحكومة علي لسان رئيسها عبدالعزيز بلخادمrlm;,rlm; بصب جام غضبها علي الولايات المتحدة الامريكية وإسرائيل التي وصفها بالدولة المجرمة المارقة فعقدت الدهشة لسان الجميعrlm;,rlm; وقالواrlm;.rlm; لماذا لم يكن كل هذا منذ البداية؟rlm;!rlm;

كانت اتهامات الأحزاب والقوي السياسية في الجزائر واضحة منذ البداية بان اداء الجميع في هذه المعركة كان ضعيفا ومتراخيا ولم يكن علي مستوي عظمة ولهيب الاحداث في لبنان والسبب مجمل العراقيل ولائحة المحظور التي وضعتها الحكومة في وجه الجميع وكانت اقرب إلي سياسة اللاءات الثلاثةrlm;..rlm; لا للمظاهرات لا للمسيرات في العاصمةrlm;..rlm; لا للاحتجاجات فكانت النتيجة ضعف الاداء وسكون الصوت والسبب محاذير قانون الطواريء التي مازالت سارية المفعول وتمنع السير لاي تجمعات حتي ولو كانت قليلة ثلاثة امتار فقطrlm;.rlm;

وعندما خاطبت العديد من الاضراب السلطات بالاذن لها بتسيير مسيرات أسوة ببقية دول العالم العربي والإسلامي خاصة ان بعضها مازال يخضع للطواريء إلا أن الحكومة ردت وبقوةrlm;:rlm; ولكنها دول لايوجد فيها ارهاب الجزائرrlm;..rlm; فعادت قوي المعارضة بالسؤالrlm;:rlm; ألم تقولوا لنا وللعالم ان الإرهاب قد انتهي ورحلrlm;..rlm; الحكومة من جديدrlm;:rlm; ولكنه مازال يكمن في الجبالrlm;,rlm; وبالتالي سيظل الخطر قائما حتي اقتراب ساعة المواجهة ودك الحصون التي اقتربت وربما تكون أول الشهر المقبل حسب تأكيدات يزيد زرهوني وزير الداخلية الذي توعد بسحق امبراطورية الإرهاب بمجرد انتهاء لفترة المهلة الرئاسية التي حددها الرئيس بوتفليقة بنهاية اغسطس الماضي للإرهابيين بالعودة وقبول المصالحة الوطنية الشاملةrlm;.rlm;

وبالرغم من كل الحيل والممارسات التي لجأت إليها قوي المعارضة للتفاعل بشكل أكثر جماهيرية مع أحداث لبنانrlm;,rlm; إلا ان كل ذلك لم يخيل أو يمرر قبل الحكومة حتي خلال الصفقة التي عقدتها مع حزب حركة مجتمع السلم عضو التحالف الرئاسي والحكومة بتسيير مظاهرة سلمية عدة امتار حيث انه بمجرد موافقة السلطات بشكل مبدئي عادت وسارعت بالغائها قبل الانطلاق بدقائق معدودة حيث كانت المفاجأة ان معظم القيادات والاحزاب قد غابت وحضرت كوادر وقيادات جبهة الانقاذ المنحلة لتحتل الصفوف الامامية وحتي الخلفية فشعرت الحكومة بالمؤامرة وطوقت المسيرة في الحالrlm;,rlm; وأرادت تعويض الأحزاب والقوي السياسية بتجميع حكومي مناهض للحرب الإسرائيلية في لبنان وبالرغم من حشد الحكومة لعدة ايام وإحداث تعبئة جماهيرية كبيرة فإن الجميع قاطع الحضور ورفض المشاركة بحجة المعاملة بالمثلrlm;.rlm;

وبالفعل تراجع الحراك السياسي والشعبي وانقسم الشارع الجزائري الذي ارجع ضعف الاداء بسبب الانقسامات والخلافات الحزبية من ناحية وتسارع بعض الاحزاب الأخري بالسعي لترضية الحكومة وعقد صفقات سياسية معها قبل معركة الانتخابات التشريعية التي ستجري اوائل العام المقبلrlm;,rlm; وبالتالي البعض منها يأمل في أن يشارك ضمن ائتلاف أو قوائم مشتركة مع حزب جبهة التحرير الحاكم ذات الاغلبية والأكثر حضورا في الشارع باعتباره حزب الثورةrlm;.rlm;

ومع تفاقم الخلافات قررت مجموعات المثقفين الانشقاق وفض التحالف مع احزاب وقوي المعارضة وفضلت اقامة منتديات وتجمعات ثقافية لكبار الكتاب والمثقفين يعبرون من خلالها علي طريقتهم بالتضامن مع الشعب اللبناني في حين ان بقية الاحزاب لجأت إلي حيلة أخري لاتعرضهم للصدام مع الحكومة عبر القيام بجمع توقيعات من افراد الشعب وارسالها إلي كل من الرئيس الأمريكي جورج بوش وكوفي انان عبر سفارة أمريكا ومكتب الأمم المتحدة في الجزائرrlm;.rlm;

إلا ان اللافت في الأمر هو لجوء قيادة جبهة الانقاذ لمبادرة فردية للتعبير علي طريقتهم ضد الاعتداءات الإسرائيلية في لبنان حيث قام علي بلحاج الرجل الثاني في الجبهة والأكثر شعبية بالاعتصام امام مقر السفارة الأمريكية في الجزائر لعدة ساعات منددا بالمواقف السلبيةrlm;,rlm; ومتوعدا حكومة ايهود أولمرت بعمليات من قبل انصار الانقاذ والمتطوعين في الجزائر الذين قال انهم يستعدون للذهاب إلي لبنانrlm;.rlm;

ولكن مع تزايد وتيرة الانتقادات للحكومة خرج عبدالعزيز بلخادم بمواقف ربما تصنف بانها أشد قوة وتأثيرا من مواقف المعارضة والتي قال البعض إنها مزايدات دون تأثير ملموس بعد أن تحولت المعارضة إلي ظاهرة صوتية في الصحف فقطrlm;,rlm; ورد بلخادم علي الجميع بصوت عال أن الحكومة كانت ومازالت حاضرة في قلب الاحداث منذ الساعات الأولي حيث كنا أول من طلب عقد قمة عربية وسارعنا بتقديم طلب لمجلس الأمن باسم المجموعة العربية وشحذنا الهمم والاتصالات السياسية والدبلوماسية مع عواصم العالم للتنديد ولفضح الممارسات الإسرائيليةrlm;.rlm;

وعندما سئل عن سبب برودة ورعونة موقف الجزائر وهل لعامل الجغرافيا تأثير علي ذلك؟ رد بلخادم بغضبrlm;:rlm; الأخوة في المشرق العربي يعملون في كثير من الاحيان علي أن يكون الموضوع متروكا لدول الجوار والمواجهة فقطrlm;,rlm; ولكن الجزائر عضو في الجامعة العربية وأي اتفاق يتم التوصل إليه نحن نقبل به ونؤيده في الحال ومع أي اجماع عربي يضمن حقوق ومصالح الأمةrlm;.rlm;

وعندما سأل احدهم بلخادمrlm;:rlm; كيف تقولون بكل ذلك وانتم منعتم حتي المسيرات التضامنية مع الشعب اللبنانيrlm;,rlm; عاد وقرر بعدها السماح بتسيير المظاهرات والمسيرات في كامل ولايات الجزائر باستثناء العاصمة فقطrlm;,rlm; ولما العاصمة هي الاستثناء اعتبر بان المسيرات بها تستغل لأهداف ولأغراض اخري الكل يعلمها في إشارة بالطبع إلي جبهة الانقاذ وامكانية استعادة شعبيتهاrlm;.rlm;

ويبدو أن بلخادم اراد استغلال حضوره المتعدد هذه الأيام للدفاع عن موقف حكومته تجاه تأييد ومساندة لبنان والذي نال العديد من الانتقادات طيلة الاسابيع الماضية ليقطع الطريق علي الجميع بشأن قضية غياب الرئيس بوتفليقة ويبدد الهمس باليقين عندما سئل عن الاسباب الحقيقية لغياب واختفاء رئيس الجمهورية خاصة بعد تزايد الهمس والتسريبات حول حالته الصحية خرج بلخادم ليؤكد ان الرئيس بوتفليقة موجود وبصحة جيدة وتساءلrlm;:rlm; ألا يستحق رئيس الجمهورية الخلود للراحة عدة ايام مثل جميع المواطنين وقالrlm;:rlm; لماذا تستغربون في الجزائر ان يأخذ الرئيس بعض الراحة؟rlm;.rlm;