النيويورك تايمز


ما لم يتغير شيء ما في القريب العاجل، فإن كوريا الشمالية تكون قد أنتجت من البلوتونيوم مع حلول نهاية الولاية الثانية للرئيس بوش ما يكفي لصناعة عشر قنابل نووية او اكثر، في ذات الوقت الذي يقترب فيه العلماء الايرانيون من حيازة المهارات والتقنيات اللازمة لصنع أسلحتهم النووية الخاصة. ويا له من إرث يخلفه رئيس أقسم على أن يجعل أكثر أسلحة العالم خطورة بعيدة عن الوقوع في ايدي اكثر انظمة العالم خطورة.

وحتى لو أن الولايات المتحدة لم تكن مكبلة اليدين في العراق، فان القيام بأي عمل عسكري سوف يكون بمثابة الكارثة. والى ذلك، فان المحللين الاميركيين لا يعرفون اين وضعت كوريا الشمالية مخزونها من البلوتونيوم، كما انهم لا يعرفون ماهية التكنولوجيا التي قد تكون ايران اخفتها. ولا يزال مفاعل الطرد المركزي الضخم الذي تمتلكه إيران في ناتانز فارغا تقريبا. وكلما شعرت ايران بتهديد اكبر، زادت الاسباب لديها لاخفاء تفاصيل برنامجها النووي.

اذا ما كان لدى السيد بوش اي امل في تجنب مثل هذا الارث، فان عليه ان يتخلى عن احلامه في تغيير الأنظمة، وأن يقنع دائرته الداخلية المحاربة بانه يعني ذلك، وأن يقوم بتوجيه وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بأن تقوم بمقايضة جياد دبلوماسية حقيقة، والتي تبدأ بقطع تعهد واضح بان لا تحاول الولايات المتحدة الاطاحة بحكومتي البلدين طالما تخليا عن طموحاتهما النووية.

ليس سوى في عالم السيد بوش القائم على مبدأ ndash;إفعل ما تريد وحدك- سيمكن للسيدة رايس الحصول على الكثير من الصدقية الخارجية، على قدر مساو من النقد الداخلي- لطريقتها في العض على النواجذ في مثل المفاوضات. لكن ذلك بدوره لا يجدي نفعاً.

لقد تمردت ايران على مطلب مجلس الامن القاضي بوقف تخصيبها لليورانيوم. أما الاخبار الجيدة، فهي انها انما تحرز تقدما بطيئا فحسب. كما انها تحد ايضا من وصول المفتشين إلى منشآتها وترفض الاجابة على الأسئلة.

لقد كانت ادارة الرئيس بوش على حق عندما جلبت ايران لتمثل أمام مجلس الامن. وعليها ان تبذل جهدا اكثر لاقناع كل من روسيا والصين بفرض بعض العقوبات. وربما يكون للتهديد بفرض العزلة بعض التأثير على السياسة الايرانية. ولكن المجلس لم يوافق على وقف صادرات النفط الايرانية، علماً بأن البيت الأبيض بلغته الفظة لا يبدو مستعداً حتى لدفع الثمن السياسي لارتفاع أسعار البترول، كما أن قادة إيران لن يسارعوا إلى تغيير مواقفهم بسرعة على الارجح.

لقد مضت اشهر منذ ان اجرت كوريا الشمالية واعضاء الوفد السداسي مباحثات مباشرة. وعندما اقترح مساعد وزيرة الخارجية كريستوفر هيل الذهاب الى كوريا الشمالية لإحداث حراك في العملية التفاوضية، رفض رؤساؤه الاقتراح.

ولعل الطريقة الوحيدة، والتي تنطوي مع ذلك على ابعد فرص النجاح، إنما تكمن في اقناع هذين النظامين المذكورين بأنهما لا يحتاجان الى اسلحة نووية لضمان استمرار وجودهما، وأن مكافآت حقيقية ستقدم لهما مقابل تعديل سلوكهما ليصبح أكثر عقلانية.

غير ان هذا لا يعني تجاهل كل افعالهما الاخرى المشينة. واذا ما كان ثمة شيء، فإنه يجب عليهما ان يسمحا للولايات المتحدة بإجراء مباحثات اوسع معهما حول اساءة معاملتهما لمواطنيهما او رعايتهما للارهاب او بيعهما للتكنولوجيا المحظورة.

ليست هناك من ضمانات بأن طهران او بيونغ يانغ ستقبلان بمثل هذا العرض. لكن من المؤكد ان تزيد اي محاولة جدية تقدم عليها واشنطن من معارضة كل من روسيا والصين والاوروبيين المتقلبين رفض فرض عقوبات أمراً أكثر صعوبة. وفي حالة ايران، فإنها قد تشرع ايضاً في بدء النقاش السياسي الداخلي الذي لا يني السيد بوش يأمل في حصوله - والذي فشلت كل صلواته حتى الساعة من اجل نشر الديمقراطية في تحقيقه.