السبت: 2006.09.23


إيمان عارف


فجأة وعلي غير توقعrlm;,rlm; وضع الجيش التايلاندي نهاية للأزمة السياسية الطاحنة التي تعيشها البلاد منذ شهر مايو الماضيrlm;,rlm; بعد أن نجح قادته أخيرا في القيام بانقلاب عسكري سلميrlm;,rlm; تم بمقتضاه إقالة رئيس الوزراء وحكومتهrlm;,rlm; وتعطيل الدستور وفرض الأحكام العرفيةrlm;,rlm; بدعوي اعادة الوحدة الوطنية لتايلاند التي شهدت في عهد رئيس الوزراء المخلوع تاكسين شيناوترا خلافات وانشقاقات غير مسبوقة بسبب سياساته المشجعة للفساد والمحسوبيةrlm;.rlm;

ومع أن المتابعين للوضع السياسي المتأزم في تايلاند بسبب المشاكل العديدة التي يواجهها رئيس الوزراء أجمعوا علي أن غالبية المواطنين كانوا يرغبون في ازاحته عن السلطةrlm;,rlm; إلا أن هناك شعورا عاما بعدم الراحة تجاه الطريقة التي تم بها ذلكrlm;,rlm; بالرغم من الاشارات المطمئنة التي أرسلها قائد التمرد الجنرال سونتي بونيارانجلين بأن الجيش لا ينوي البقاء في السلطةrlm;,rlm; وأنهم بصدد تسليمها لحكومة انتقالية خلال اسبوعينrlm;,rlm; فضلا عن التلميح بموافقة الملك الضمنية علي ما حدث وتأييده لهrlm;.rlm;

فالانقلاب كان تطورا مثيرا ومفاجئا في دولة طالما وضعت في مصاف الدول الأسيوية الرائدة في المجال الديمقراطيrlm;,rlm; التي عرفت قدرا من الاستقرار السياسيrlm;,rlm; حيث يعد هذا الانقلاب الأول منذrlm;15rlm; عاماrlm;,rlm; بينما عانت البلاد قبل ذلك من تاريخ طويل من عدم الاستقرارrlm;,rlm; حيث شهدت الفترة ما بين عاميrlm;1932rlm; وrlm;1991rlm; نحوrlm;17rlm; انقلاباrlm;.rlm;

وفي الوقت الذي اعتبر فيه تحرك الجيش مفاجئا باتفاق الجميعrlm;,rlm; الا ان الأوضاع في البلاد التي تعيش اجواء أزمة سياسية خانقة لم تكن تبشر بالخيرrlm;,rlm; خاصة في ظل تصاعد الرفض الشعبي الموجه لشخص رئيس الوزراء بشكل لم يشهده من قبلrlm;.rlm;

فرئيس الوزراء الذي اعتاد مواجهة الأزمات السياسيةrlm;,rlm; والخروج منها منتصرا ومحتفظا بشعبيتهrlm;,rlm; لم يستطع منذ اندلاع الأزمة الأخيرة التي تعود جذورها لشهر يناير الماضيrlm;,rlm; ان يتعامل معها بالشكل المطلوبrlm;,rlm; بالرغم من المؤشرات الايجابية التي صاحبت صعوده للسلطة منذ المرة الأولي عامrlm;2001,rlm; والانتصار الساحق الذي حققه في انتخابات عامrlm;2005,rlm; ليصبح اول رئيس وزراء في تاريخ تايلاند يرأس حكومة منتخبةrlm;,rlm; ويستمر في منصبه أربع سنوات كاملةrlm;.rlm;

فقد نجح بعد شهور قليلة من انتصاره أن يبدد موجة التفاؤل التي صاحبت نجاحهrlm;,rlm; وأن يهدي لمعارضيه الذين طالما انتقدوه بسبب اخفاقه في القضاء علي مشكلة العنف والتمرد في الجنوب المسلمrlm;,rlm; وميله للسيطرة علي وسائل الإعلامrlm;,rlm; وعدم تسامحه مع الانتقادات الموجهة لهrlm;,rlm; أهم مبرر لتشديد معارضتهم لهrlm;,rlm; وذلك بعد قيام أسرته في مطلع العام الحالي ببيع نصيبها في شركة الاتصالات الضخمة التي يملكها إلي مستثمرين من سنغافورةrlm;,rlm; وهي الصفقة التي أحاطتها شبهة فساد واسعةrlm;,rlm; بعد أن بدا للعامة أن عائلة شيناوترا تجنبت دفع الضريبة المستحقة عن قيمة الصفقة التي بلغتrlm;2rlm; مليار دولارrlm;,rlm; بل وتخلت لمستثمرين أجانب عن بعض الأصول الوطنية التي لايجب التفريط فيهاrlm;.rlm;

وهي الأزمة التي اعتبرها المراقبون بداية النهاية لمسيرته السياسية التي بدأت بتأييد جارف خاصة من قبل فقراء تايلاندrlm;,rlm; وسكان المناطق النائية الذين رحبوا بسياساته الموجهة لتحسين أوضاعهم المعيشية وتوفير الرعاية الطبية الرخيصة لهمrlm;.rlm; وشاركهم في تأييده ايضا رجال الأعمال الذين رحبوا بأسلوبه في إدارة البلادrlm;,rlm; وسياساته المالية التي أنعشت الاقتصاد بعد الأزمة المالية الطاحنة التي أطاحت ببعض الدول الآسيوية في نهاية التسعينياتrlm;,rlm; فضلا عن ادارته الناجحة لأزمة تسوناميrlm;.rlm;

وحتي الانتقادات التي واجهها بسبب أسلوب ادارته العنيف لحملة القضاء علي تجارة المخدراتrlm;,rlm; وانتشار الجريمةrlm;,rlm; او معالجته لمشكلة التمرد المسلح المزمن في جنوب البلادrlm;,rlm; لم تؤثر علي شعبيته بشكل كبيرrlm;,rlm; وبدا أنه يستطيع تفادي العواصف السياسية الواحدة تلو الأخريrlm;,rlm; حتي كانت الأزمة الأخيرة التي أطاحت بمصداقيته إلي حد دفع الجماهير للنزول للشارع ومطالبته بالاستقالةrlm;.rlm;

وبرغم محاولاته الالتفاف حول الأزمةrlm;,rlm; باجراء انتخابات في ابريل الماضي لحسم موقفهrlm;,rlm; واظهار شعبيته امام معارضيه واسكاتهمrlm;,rlm; فإن تلك الخطوة لم تسلم هي الأخري من الاتهامات في عدم مشروعيتهاrlm;,rlm; بسبب مقاطعة أحزاب المعارضة لهاrlm;,rlm; وفشل معظم مرشحي الحزب في الحصول علي نسبة العشرين في المائة اللازمة لعضوية البرلمانrlm;,rlm; برغم حصول شيناوترا عليrlm;57%rlm; من أصوات الناخبين لتعيش البلاد حالة من الشلل السياسيrlm;,.rlm;فقد قدم شيناوترا استقالته عقب الانتخاباتrlm;,rlm; وانسحب من الحياة السياسية لعدة أسابيع قبل أن يعود مرة أخري في شهر مايو الماضيrlm;,rlm;وسط حالة من عدم الاستقرار دفعت الملك لطلب رأي المحكمة العليا التي حكمت بعدم شرعية الانتخابات التي جرتrlm;,rlm; وطالبت بتحديد موعد جديد كان من المقرر اجراؤها في نوفمبر القادمrlm;,rlm; قبل أن يخطو الجيش خطوتهrlm;,rlm; وينهي الأزمة علي طريقتهrlm;.rlm;

لقد حظي الانقلاب الأخير بردود أفعال سلبية تراوحت بين الصدمة والشعور بالأسفrlm;,rlm; كما سادت حالة من الحذر والقلق بين الدول المجاورة والغربيةrlm;,rlm; ازاء الوضع في بانكوكrlm;,rlm; وانخفضت قيمة العملة التايلاندية البات نتيجة لذلكrlm;,rlm; في الوقت الذي يبدو فيه الملك شبه مؤيد لما حدثrlm;,rlm; ليبقي باب التساؤلات مفتوحا وغامضا أمام مستقبل البلادrlm;.rlm;