الخميس: 2006.09.28

حسان حيدر

يشي كلام الأمين العام لـ laquo;حزب اللهraquo; في خطاب laquo;النصر الإلهيraquo; عن المفاعيل الاقليمية لأداء مقاتليه في الحرب الاسرائيلية الاخيرة على لبنان والتي قال انها ستمتد لسنوات قادمة، وعن laquo;اصحاب العروش العربية التي لا يستبدلون بها فلسطين ولا القدسraquo;، بأن الرجل والحزب راغبان في لعب دور laquo;تثويريraquo; اقليمي يكونان فيه laquo;القدوةraquo; للشعوب والقادة على حد سواء. وهو لم يتوان عن ان يأخذ على الانظمة التي يستهدفها بكلامه، تمنّعها عن القتال وعن استخدام laquo;سلاح النفطraquo;، بما يوضح العناوين الكبيرة التي يتخيلها لمستقبل المنطقة. ومن الواضح انه حين ينظر الى laquo;المنطقةraquo; التي يقصد، لا يرى فيها بالطبع سورية، ولا حتى قطر التي حضر اميرها الى الضاحية الجنوبية حاملا معه laquo;سلاح النفطraquo; في حقائب، بعد قراره تجاوز الهيئات الحكومية والتعامل مباشرة مع laquo;البديل الثوريraquo;.

واذا كان الهدف المعلن لهذا الانتقال بمهمة الحزب من جنوب لبنان ومزارعه المحتلة الى المحيط العربي الأوسع (إذ لم يكن جاداً اطلاقاً ولا ناجحاً في تجربة المشاركة اللبنانية الداخلية)، هو الاستجارة بالشعوب العربية من laquo;الحصارraquo; و laquo;الظلمraquo; الواقعين عليه وعلى حلفائه، فإن في كلام السيد ثغرة أساسية لا يمكن اخفاؤها او ايجاد تبريرات مقنعة لها، وهي ثغرة يتقاسمها ويتبادلها مع النظام في سورية حين يتباهى هذا الأخير بنصر laquo;حزب اللهraquo; ويغرق في الثناء عليه وعلى قدرته على القتال والصمود.

أما الثغرة من جانب الحزب فهي انه يقفز فوق سورية عندما يتحدث عن العروش، كون دمشق كانت اول من قدم نموذجا لا يزال قائما للقبول بنشر قوات دولية عند خطوط الهدنة مع اسرائيل في الجولان للتفرغ للمحافظة على استقرار laquo;العرشraquo; الداخلي. وهو ترتيب اغناها منذ العام 1973 عن المواجهة المباشرة مع laquo;العدو القوميraquo;، وترسخ مع فتح جنوب لبنان جبهة بديلة للمناوشة والتفاوض. ويقفز نصرالله فوق سورية مرة اخرى عندما يتحدث عن فلسطين والقدس متناسياً ان مزارع شبعا وتلال كفرشوبا التي اقسم على انه لن يتنازل عن شبر منها ملاصقة لسفوح الجولان المحتل، الأولى بالتحرير، طالما انه اقرب ويلقى أي جهد لاستعادته تأييداً شعبياً ورسمياً عربياً وتغطية سياسية دولية لأن المجتمع الدولي بأكمله يعترف به ارضاً محتلة تجوز فيها المقاومة.

والثغرة من الجانب السوري، هي ان سلطات دمشق حين تبالغ في الاشادة بحليفها في لبنان وتمتدح laquo;نصرهraquo; وتهلل لنموذجه المقاوم، انما تحرج نفسها في المقابل، وهي الدولة التي تخصص اكثر من ثلاثة ارباع ميزانيتها للدفاع ولديها قوات مسلحة تفوق عددا وعدة باضعاف مضاعفة ما يملكه الحزب، ولديها نظرية متكاملة في laquo;حرب التحرير الشعبيةraquo; تلقنها لتلاميذها منذ نعومة اظفارهم، ورغم ذلك لا تتبع خطاه في شن عمليات عسكرية في ارضها المحتلة ترغم اسرائيل على الانسحاب او حتى التفكير فيه. وهو وضع مستمر منذ اكثر من اربعة عقود لأن دمشق لا تزال مشغولة ببناء laquo;التوازن الاستراتيجيraquo; ولأنها ترفض ان laquo;يفرض عليها العدو توقيت المعركةraquo;.

وأول من امس فقط، قال رئيس وزراء اسرائيل ايهود اولمرت ان الجولان laquo;جزء لا يتجزأ من ارض اسرائيلraquo; وانه لن يتخلى عنه ما بقي في منصبه. فهل يعني هذا الكلام الحليفين laquo;الثوريينraquo; في الضاحية ودمشق بشيء؟