صالح القلاب

اللبنانيون وحدهم إلتـزموا بمقتضيات فترة الأعياد الأخيرة ، عيد الميلاد المجيد وعيد الأضحى المبارك وعيد رأس السنة الجديدة ، ففي العراق المذبوح من الوريد الى الوريد بقيت الدماء تسيل وبقيت السيارات المفخخة تنتقل من شارع الى شارع وفي غزة لم يجد الذين يتقاتلون على جلد الدب قبل إصطياده ما يفرحون به الأطفال الفلسطينيين سوى عمليات الخطف المتبادل وسوى قطع الشوارع والغارات المتبادلة .

وهناك في أقصى القرن الإفريقي قضى الصوماليون فترة الأعياد يركض بعضهم مع القوات الحبشية التي تجتاح بلادهم وبسرعة جنازير الدبابات ويركض بعضهم الآخر أمام هذه القوات هربا من الموت الذي يطاردهم مع مطاردة المحاكم الإسلامية التي أشبعت وسائل الإعلام مراجل وتبجحات جهادية ولكنها عندما حانت لحظة الحقيقة ولــت الأدبار ورفعت ذلك الشعار المخزي : laquo;ألف جبان ولا الله يرحمهraquo;!! .

أعلن أمراء الميليشيات وتجار الحروب في لبنان أن فترة الأعياد ستكون إجازة وهدنة محترمة ولأن اللبنانيين يختلفون عن غيرهم بأنهم متمدنون وحضاريون حتى في حروبهم وصراعاتهم فإنهم إستمتعوا بأعيادهم كما في كل عام وأنهم لم يضيعوا دقيقة واحدة إن في العبادة الصادقة وإن بالهف والدف والسهر ليلة رأس السنة الجديدة حتى صياح الديكة .

كان الجنرال المتعطش للوصول الى قصر بعبدا حتى حدود ما بعد الظمأ قد وعد محازبيه الذين يتناقص عددهم مع كل مطلع شمس بأنه سيقضي فترة الأعياد في السراي الكبير ( مقر رئاسة الوزراء ) بعد إخراج السنيورة منه لكن اللبنانيين المخلصين لـ laquo;إعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا وإعمل لآخرتك كأنك تموت غداraquo; فوتوا عليه الفرصة وخذلوه خذلانا عظيما وإستمتعوا بأعيادهم حتى أقصى حدود الإستمتاع !! .

laquo;اليوم خمر وغدا أمر لا صحو اليوم ولا سكر غدraquo; .. لقد أمضى فرسان المعارضة الأيام الماضية في ساحة الشهداء يفترشون الأرض ويستمطرون السماء والآن وقد إنتهت الهدنة وعاد الجد الى الخنادق فإن الأيام المقبلة ستكون أياما عصيبة وصعيبة .. وقد يثقب رصاص الإغتيالات صدورا جديدة وقد تمزق السيارات المفخخة أجساد قادة سيلحقون بالشاب بيار أمين الجميل وبالرفيق جورج حاوي وبجبران تويني وسمير قصير .. والله يستر !! .

لقد أمضت غزة هاشم فترة الأعياد متمترسة في خنادق حرب داحس والغبراء والآن عندما يعود الحاج إسماعيل هنية من رحلة الحج المبرور والسعي المشكور فإن صراع الأخوة الأعداء سيأخذ أشكالا جديدة وبخاصة وأن هناك معلومات تتحدث عن أن laquo;شاليتraquo; أو laquo;شليطraquo; سيأتيه الفرج الإلهي على وزن النصر الإلهي وكذلك laquo;الحكم الإلهيraquo;!! الذي شهدته كاظمية بغداد في أول أيام عيد الأضحى المبارك حسب laquo;روزنامهraquo; الرمادي وفي وقفة هذا العيد المبارك حسب laquo;روزنامةraquo; فتى العروبة الأغر الشيخ مقتدى الصدر .

آه ما أسوأ حال هذه الأمة .. لقد أمضت فترة الأعياد بين النواح وقد الجيوب وبين الإقتتال وlaquo;الإنتصارات الإلهيةraquo; .. وأي إنتصارات بينما العالم كان يعيش هذه الفترة بالطول والعرض وبالإستمتاع بنشرات الأخبار التي أظهرت المحاكم الإسلامية وهي تولي الأدبار هاربة أمام الدبابات الحبشية وأظهرت العراق وهو يغرق في المأساة أكثر وأكثر وأظهرت غزة يطاردها الموت وترعب ليلها الصواريخ الدخانية الكاذبة .. فأي عيد .. أي عيد؟!.