وليد شقير

يحق للخائفين من عدم التوصل الى توافق على مخرج للحل في لبنان، في الحوار الدائر بين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وزعيم تيار laquo;المستقبلraquo; النائب سعد الحريري قبل القمة العربية، ان يخشوا احتمال أن تأخذ الأزمة بعد القمة منحى تصعيدياً، أو تعود الى المربع الأول مستهلكة جلسات الحوار التي عُقدت بين قطبي المعارضة والأكثرية فضلاً عن الاتصالات العربية وفي طليعتها رعاية المملكة العربية السعودية لهذا الحوار، إضافة الى اللقاءات السعودية - الإيرانية والاتصالات المصرية - السورية وغيرها من الجهود التي بُذلت في شكل حثيث خلال الأسابيع الماضية.

لكن في مقابل هذه الخشية المشروعة من العودة الى المربع الأول هناك اعتقاد بأن العوامل التي تسمح بتجنّب التصعيد تبقى قائمة، وأن أي تصعيد جديد لا يمكن ان يكون بقرار من القوى اللبنانية المحلية المعنية بالأزمة، بل هو قرار خارجي محض. فهل من مصلحة القوى الخارجية ان يحصل المزيد من التصعيد؟ أم ان حصول هذا التصعيد سينقل الأزمة اللبنانية الى المزيد من التعقيد ومزيد من الصراعات الخارجية على لبنان، وربما المزيد من القرارات الدولية في شأنه تضاف الى سجل القرارات التي تلزم سورية بخطوات اضافية في علاقتها بالمجتمع الدولي؟

في انتظار عقد القمة العربية في الرياض ونتائج التواصل السعودي - السوري الذي يفترض ان يحصل خلالها، فإن العوامل التي تستدعي الخشية من العودة الى المربع الأول، والتي ظهرت مع الحوار بين بري والحريري وبعده يمكن تلخيصها بالآتي:

1- مجاهرة الرئيس السوري بشار الأسد في ثلاثة احاديث صحافية خلال الأيام العشرة الماضية بموقف من المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري يعتبر سورية غير معنية بالمحكمة، بالتزامن مع رفض حلفائه في لبنان تقديم ملاحظاتهم على مشروع المحكمة الى الأكثرية التي تعتبرها اساس الازمة السياسية. وهذا ما أثار حفيظة قوى الأكثرية التي رأت في الموقفين ما يستدعي تحفظها عن اقتراح بري إعلان نيات يكتفي ببحث laquo;الملاحظاتraquo; على المحكمة في إطار لجنة من الفريقين، مقابل التزام بالتسليم بمطلب المعارضة في شأن الحكومة، فماذا يضمن ان يتوصل الجانبان الى اتفاق في شأن المحكمة إذا جاءت ملاحظات المعارضة على المحكمة غير مقبولة من الأكثرية؟

2- إبلاغ الديبلوماسية الإيرانية في بيروت قيادات في الأكثرية، أنها اذا ارادت حل الأزمة فعليها ان تلبي مطالب سورية من جهة ومطالب المعارضة من جهة ثانية، وهو أمر أثار حفيظة هذه القيادات التي رفضت مبدأ تقديم كل شيء من دون الحصول على شيء في المقابل، وخصوصاً المحكمة ذات الطابع الدولي. فالنصيحة الإيرانية تعني تخلياً من طهران عن تفاهمها مع الرياض على مخرج للحل اتُفق عليه في شهر كانون الثاني (يناير) الماضي يشكل تسهيل إقرار المحكمة في المؤسسات الدستورية اللبنانية بنداً رئيساً فيه.

3- فضلاً عن استمرار الخلاف بين الأكثرية والمعارضة على مطلب الأخيرة الحصول على الثلث المعطل في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة، فإن حلفاء دمشق يصرون، في أي ترتيب لتوسيع هذه الحكومة لزيادة حصة المعارضة فيها، على ألا تبقى تسمية الوزير السنّي الإضافي في يد الحريري وأن تحصل المعارضة على حق تسميته، وعلى وجوب تكريس هذا المبدأ، حتى لو لم يتم الاتفاق على الحل الكامل للأزمة الآن. وهو ما أثار حفيظة الأكثرية لجهة مخاوف قادتها من سعي بعض المعارضة الحليفة لسورية الى مقارعة الحريري، الذي حاز الأكثرية الساحقة من ابناء طائفته، على تمثيلها مقابل التسليم لمعارضين بحصرية تمثيلهم لطوائفهم.

وبغض النظر عما قيل خلال الأيام القليلة الماضية في شأن الأوراق ومشاريع الحلول فإن العوامل الثلاثة المذكورة، كفيلة بشرح أسباب المخاوف من العودة الى المربع الأول وبالتالي من عودة التأزم.

إلا ان المراهنة على معاكسة التأزم تستند الى عوامل لا تقل أهمية ايضاً من بينها حرص بري على عدم العودة الى ما يفتح باب الحساسية الشيعية - السنية وكذلك الحريري، فضلاً عن ان الأخير اظهر في المفاوضات مزيجاً من الحزم والمرونة في مواكبة الحاجة الى التهدئة.