2
دrlm;.rlm; زاهي حواس
بعد أن نشرت مقالي الأول بخصوص ما يجري في الأقصر من أعمال تطوير للمواقع الأثرية ردا علي ما كتبه الأستاذ سمير غريبrlm;,rlm; مشيرا إلي اعتراضات البعض علي أعمال التطوير مستشهدا بخطاب كتبته سيدة فرنسية تعمل في مجال الرسم الأثري مع البعثة الفرنسية بالكرنكrlm;,rlm; تلقيت مكالمة هاتفية وخطابا من زوج السيدة الفرنسيةrlm;,rlm; وكانت تحمل العديد من المفاجآت التي لم أتوقعهاrlm;.rlm;
أما المفاجأة الأوليrlm;,rlm; فهي أنه أخبرني أن زوجته قد حاولت الانتحار في فرنساrlm;,rlm; وهي حاليا ترقد داخل أحد المستشفيات بعد أن تم إنقاذها في اللحظات الأخيرة وتعاني حالة نفسية سيئةrlm;.rlm; وكانت المفاجأة الثانيةrlm;,rlm; هي تأكيده أن الخطاب الذي تم نشره علي الإنترنتrlm;,rlm; بل إرساله إلي العديد من الشخصيات المهتمة بالآثارrlm;,rlm; وكذلك إلي اليونسكو لم تكتبه زوجتهrlm;,rlm; بل كتبه أحد الأشخاص الذي من مصلحته الوقيعة بين الجانبين المصري والفرنسيrlm;,rlm; وأن زوجته ليس لها علاقة بهذا الخطاب علي الإطلاقrlm;!rlm;
إلي هنا ظننت أن موضوع هذا الخطاب قد تم حسمهrlm;,rlm; وأن الموضوع قد تم تضخيمه أكثر مما يحتمل حتي فوجئت بأن الخارجية الفرنسية قد فتحت تحقيقا موسعا لمعرفة من كتب هذا الخطابrlm;,rlm; وما هي دوافعه؟ وذلك في محاولة لكشف الحقيقةrlm;,rlm; لكن الغريب في الأمر أنه بالتحقيق مع السيدة الفرنسية أقرت بأنها هي من كتبت هذا الخطاب؟rlm;!..rlm; وبعيدا عن لغز هذا الخطاب ومن كتبهrlm;,rlm; وإن كنا نعرف دوافعهrlm;,rlm; فلا يجب علينا التوقف كثيرا لحل هذا اللغزrlm;,rlm; بل النظر إلي ما هو موجود علي أرض الواقع في الأقصر نفسهاrlm;,rlm; وما تمخضت عنه زيارة لجنة اليونسكوrlm;,rlm; وهذا هو المهم في الموضوعrlm;.rlm;
عندما بدأنا في تطوير ساحة الكرنك بالتعاون مع المجلس الأعلي لمدينة الأقصرrlm;,rlm; كان الهدف هو إزالة العشوائيات وإزالة منازل العاملين في الآثار التي بنيت أمام معبد الكرنك مباشرةrlm;,rlm; وأصبحت تشوه أجمل معابد الدنياrlm;,rlm; بالإضافة إلي وجود منزل بجوار منازل ومكاتب المصريين العاملين بالكرنكrlm;,rlm; بناه الفرنسي جورج ليجرانrlm;,rlm; الذي كشف عامrlm;1903rlm; عن خبيئة شهيرة معروفة باسمrlm;(rlm; خبيئة التماثيلrlm;),rlm; حيث كشف عن نحوrlm;17rlm; ألف قطعة أثرية ونحوrlm;751rlm; تمثالاrlm;.rlm; هذا المنزل مبني من الطوب اللبن وبه شروخ عديدة في كل مكانrlm;,rlm; أي أنه لا يمكن الاحتفاظ بهrlm;,rlm; كذلك لكونه مبنيا فوق موقع أثري مهمrlm;.rlm; وبعد قرار هدم المنزل مع المنازل الأخريrlm;,rlm; جاءت بعض الاعتراضات من بعض الأجانب والمصريينrlm;.rlm;
وحاولنا توضيح الأمر بأن آثارنا يجب ألا تهان ونترك أهم معابد الدنيا ـ معابد الكرنك ـ يجاوره عشوائيات تسيء لنا نحن المصريينrlm;.rlm; ولم يجرؤ أحد من قبل أن يتخذ قرار إزالة العشوائياتrlm;,rlm; وذلك للخوف من كل المستفيدين حول معبد الكرنكrlm;,rlm; لأن البعض يهمهم فقط المكاسب المادية خاصة الباعة الجائلين وأصحاب المحال العشوائية بجوار الكرنكrlm;.rlm;
وقمنا بعمل اجتماعات حضرها كل الأجانب المهتمين بالآثار ومدير معهد شيكاغو هاوس بالأقصر والجانب الفرنسيrlm;,rlm; وعرضنا المشروع بالكامل لكي يعرف الجميع أن الهدف هو حماية الآثارrlm;,rlm; واتفق الجميع علي ترك الأشجار في ساحة الكرنك وإزالة العشوائياتrlm;.rlm;
أما منزل ليجرانrlm;,rlm; فقد حاول البعض أن يشير إلي ضرورة ترميمه وتوظيفهrlm;,rlm; بحيث يصبح مركزا تعليميا للأطفالrlm;,rlm; ولكن الجانب الأثري أوضح أن هذا المبني قد أقيم فوق الميناء القديم الذي يرجع للدولة الوسطيrlm;,rlm; ولذلك تم الاتفاق علي هدم هذا المنزل وتم اختيار مواقع أخري بديلة لكي يتم بناء منازل لإقامة الفرنسيين ومكاتب إدارية للمصريين والفرنسيين لا تحجب رؤية معابد الكرنكrlm;,rlm; وهي معابد نقرأ فيها تاريخ مصر مسجلا علي جدرانها منذ الدولة الوسطي حتي نهاية العصر الرومانيrlm;,rlm; وأهم ما سجل علي جدران تلك المعابد هو ما يرجع لمصر في عصرها الذهبيrlm;,rlm; عندما حكمت العالم كله بالحق والعدل منذ أكثر من ثلاثة آلاف وخمسمائة عامrlm;,rlm; وهو عصر المجدrlm;..rlm; عصر الدولة الحديثةrlm;1550rlm; قrlm;.rlm; م
والغريب في الأمرrlm;,rlm; أنه لايزال هناك بعض من يحاول إعاقة المشروع وعدم تنفيذه لأسباب ومنافع شخصيةrlm;,rlm; برغم مناقشة هذا الموضوع مرات ومراتrlm;,rlm; لكن يبدو أنهم يرفضون أن يكون قرار الحفاظ علي الآثار قرارا مصرياrlm;,rlm; خاصة أن مصر كان يوجد بها العديد من مناطق نفوذ الأثريين الأجانبrlm;,rlm; وتم التخلص من هذا النفوذ تماماrlm;,rlm; وأصبحنا بالفعل قادرين علي حماية آثارناrlm;,rlm; وفي الوقت نفسهrlm;,rlm; نقبل التعاون الأجنبيrlm;,rlm; ولكن القرار لابد أن يكون قرارا مصريا وفي المرتبة الأولي يراعي مصلحة أعز ما نملك من تراث حضاريrlm;.rlm;
وبفعل ما أثير من اعتراضاتrlm;,rlm; جاءت لجنة من اليونسكو للمعاينة علي الطبيعةrlm;,rlm; وقابلت أعضاءها في القاهرة وشرحت لهم موقف الآثار بالتفصيل كما هو موجود في هذا المقالrlm;,rlm; ولم أسافر معهم إلي الأقصر لأتيح لهم الفرصة لكي يروا علي الطبيعة ما نقوم به من أعمال ومقابلة من يريدون مقابلته دون أي تأثير من جانبناrlm;.rlm;
وقد عاينت اللجنة المواقع التي تم تنفيذ قرارات الإزالة بها لمجموعة من المنازل الواقعة في الجهة الشمالية الغربية من معابد الكرنكrlm;,rlm; وذلك لأعمال التطوير الخاصة بالساحة الأمامية للكرنك وفتحها علي النيلrlm;,rlm; وهذا هو السبب المباشر للتعاون مع دrlm;.rlm; سمير فرج رئيس المجلس الأعلي لمدينة الأقصرrlm;,rlm; وهو أننا نعمل معاrlm;,rlm; ولكن في المقام الأول يأتي احترام الآثار وتنفيذ قرارات اللجنة الدائمة للآثار المصريةrlm;.rlm;
وأقول وبكل أمانةrlm;:rlm; إن دrlm;.rlm; سمير فرج لم يقم بأي عمل في الأماكن القريبة من الآثار دون الحصول علي موافقة الآثار ومراقبة الآثار لأي عمل يتمrlm;,rlm; لأن الأقصر مقامة فوق مدن ومعابد أثريةrlm;.rlm;
واتضح للجنة اليونسكو أنه قبل البدء في إقامة أي أعمال تطوير تقوم الآثار بعمل حفائر منظمة بهrlm;,rlm; وكان من نتيجة ذلك أنه تم الكشف عن أقدم سد حجري قام المصري القديم بتشييده لحماية معابد الكرنك من خطر فيضان النيل علي المعبدrlm;.rlm; والسد عبارة عن سور حجري ضخم شديد من الحجر الرملي النوبي بارتفاع سبعة أمتار وبطول واجهة المعبدrlm;,rlm; ويقع إلي الجنوب والشمال من الميناء الخاص بزيارة معابد الكرنكrlm;,rlm; الذي يقع جزء منه أسفل منزل ليجرانrlm;.rlm;
وقد تم إنشاء هذا السد في عصر الأسرة الخامسة والعشرين طبقا للأدلة الأثرية أو المكتوبة التي عثر عليها أثناء الحفائرrlm;.rlm; ونظرا لإنشاء هذا السدrlm;,rlm; فقد تكونت كميات كبيرة من الغرين والرمال بسبب مياه الفيضانrlm;,rlm; مما أوجد نوعا من الجزر الصغيرة أمام هذا السد الكبيرrlm;.rlm; وقد استغل المصري القديم تلك الجزر الصغيرة في العصرين اليوناني والروماني ليسكنهاrlm;,rlm; حيث تم العثور علي منازل وورش لصناعة الفخار في هذه المنطقةrlm;,rlm; وتم الكشف عن مجموعة من الأواني الفخارية والمسارجrlm;.rlm;
وبهذا الكشفrlm;,rlm; يعتبر هذا السد أكبر وأقدم من ذلك السد الموجود أمام معبد إيزيس بجزيرة فيلةrlm;.rlm; وفي النهاية جاء تقرير اليونسكو الذي نفتخر به مؤيدا لكل ما نقوم به من أعمال تطوير بالكرنكrlm;,rlm; بل صدرت نشرة اليونسكو السنوية من لجنة التراث العالمي تشيد بالمشروعrlm;.rlm;
للأسف الشديد هناك الكثيرون الذين لا يعرفون ما يطلق عليه علمrlm;(rlm; إدارة المواقع الأثريةrlm;,rlm; وهناك البعض الذي يردد هذه الكلمات دون معرفة طبيعة إدارة الموقعrlm;.rlm; ويتلخص في حماية الموقع ووضع حد أمان حول الأثرrlm;,rlm; وإقامة مركز زوار لشرح أهمية الأثر للزائر وعمل مسار للسائحين داخل الموقع ومعمل للترميم وتدريب العاملين بالموقعrlm;,rlm; أما خارج الموقع الأثري فتقام المباني المساعدة من محلات وكافيتريا لخدمة الزائرينrlm;.rlm; وقد تم هذا بموقع المسلة الناقصة ومعبد إدفو بأسوان الذي أصبح يزار لأول مرة من مدخله الأصليrlm;,rlm; وكذلك معبد كوم امبو الذي أصبح في إمكان السائح زيارته من نهر النيل والاستمتاع بجمال المعبد بعد أن كانت الملابس والهدايا التذكارية تعلق علي أسوار المعبدrlm;,rlm; كما تم تطوير وادي الملوك ومعبد الإلهة حتحور بدندرةrlm;.rlm;
ويجري حاليا تطوير وتنظيم مواقع أبيدوس وتل العمارنة وبني حسن والجيزة وسقارة وتل بسطة وتانيس وكوم الدكة وعمود السواري بالإسكندريةrlm;.rlm; هذه هي الطريقة التي يمكن أن نعامل بها آثارنا ونكسب احترام العالم كلهrlm;.rlm;
وبالطبع لم يرض البعض باقرار اليونسكو للمشروعrlm;,rlm; ولذلك جاء موضوع السيدة الفرنسية والخطاب اللغز الذي يجب علينا ألا نتوقف كثيرا عندهrlm;,rlm; وهو ما فعله جميع من وصلهم هذا الخطاب من المهتمين بالآثارrlm;,rlm; لأنهم يعرفون تماما ما يجري علي أرض الواقع هناك بالأقصرrlm;,rlm; وكان الأستاذ سمير غريب هو الوحيد الذي كتب عنهrlm;,rlm; وكان يمكن له الاتصال بي لمعرفة حقيقة ما يجري بالأقصر قبل النشرrlm;,rlm; ولكنه لم يفعل ذلكrlm;.rlm;
وهو في الوقت نفسه له صنعة أخريrlm;,rlm; فهو المسئول عن جهاز التنسيق الحضاري الذي قام ببعض الأعمال بالأقصر ولم تستكمل رغم أن الأقصر هي المكان الأول الذي يحتاج إلي جهود التنسيق الحضاري لكي نحافظ علي هويتها والاحتفاظ بقيمتها وعدم تحديث المكانrlm;.rlm; إن عبقرية الأقصر تكمن في أنها تحمل غبار وأسرار خمسة آلاف عامrlm;..rlm; أما موضوع البر الغربي وقرية القرنة فهذا هو حديثنا القادم بإذن اللهrlm;.rlm;
التعليقات