حشود بحرية والخيار العسكري غير مستبعد

واشنطن، طهران حنان البدري، ستار ناصر

كشفت مصادر استخباراتية أمريكية أمس ldquo;الاربعاءrdquo; ان وكالة الاستخبارات الامريكية ldquo;سي.آي.ايهrdquo; حصلت على موافقة رئاسية سرية لكي تقوم بrdquo;عمليات سوداءrdquo; ضد ايران بغرض زعزعة استقرار الحكومة الايرانية، الأمر الذي كانت ldquo;الخليجrdquo; انفردت بالاشارة إليه قبل شهرين، وعاد وأكده الكاتب الامريكي سيمور هيرش أوائل الشهر الجاري في حوار مع ldquo;الخليجrdquo; حول وجود موافقة رئاسية أمريكية للقيام بعمليات استخباراتية داخل الأراضي الايرانية وان الأمر تم بتشجيع من اليوت ابراهام المستشار بمجلس الأمن القومي الامريكي والمعروف بانتماءاته الوطيدة مع تيار اليمين الصهيوني المحافظ.

وقد تحدث مسؤولون سابقون وحاليون في الاستخبارات الامريكية أمس شريطة عدم ذكر أسمائهم لأخبار ldquo;اي.بي.سيrdquo; كاشفين هذا الأمر، وأن الرئيس الامريكي وقع على هذا الأمر الرئاسي الذي يبيح القيام بهذه العمليات من دون أن تشمل عمليات قتل وتتضمن القيام بحملة دعائية مناوئة، وبث معلومات مضللة والتلاعب بالعملة الايرانية والمعاملات الايرانية المالية الدولية.

وبينما رفض المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الامريكي التعليق على هذه الانباء على أساس تمسك المجلس بقاعدة عدم التعليق على أشياء لها علاقة بالأمور الاستخباراتية، فإن الrdquo;سي.آي.ايهrdquo; رفضت بدورها التعليق من اساسه على هذه الانباء.

وحسب مصادر ldquo;الخليجrdquo; في واشنطن، فقد اعتبرت هذا التسريب لأمر حادث منذ فترة تصعيداً ملحوظاً ضد ايران التي اعتقلت مؤخراً باحثة في معهد ويدرو ويلسون للأبحاث، وهي من أصل ايراني وكانت في طريق العودة من زيارة عائلية. إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن الرئيس الامريكي قد وضع جانباً خيار المواجهة العسكرية مع ايران لأن توقيت التسريب، حسب نفس المصادر، قد يعني أيضاً محاولة لتضليل الايرانيين بعيداً عن توجه هذه الادارة تجاههم.

جدير بالذكر أنه سبق للادارة الامريكية مؤخراً الاعتراف بأن زعيم حركة ldquo;جند اللهrdquo; وهي حركة ايرانية عسكرية متشددة كان على اتصال مع مسؤولين أمريكيين. ومازالت واشنطن تنفي قيامها بتمويل الحركة بشكل مباشر، وهي الحركة التي قامت مؤخراً بعمليات داخل ايران انطلاقاً من قواعد على الحدود الباكستانية الافغانية الايرانية المشتركة.

وكان تقرير أذاعه التلفزيون الايراني الأحد الماضي قد تضمن خبر اعتقال ايران عشرة اشخاص عبروا الحدود وضبطت معهم معدات تجسس ونصف مليون دولار نقدي، وقال مصدر باكستاني لوسائل الاعلام الامريكية إن المعتقلين ينتمون الى منظمة ldquo;جند اللهrdquo;.

في هذه الأثناء، دخلت حاملتا الطائرات في الأسطول الأمريكي الخامس ldquo;جون سي ستينيسrdquo; وrdquo;نيمتزrdquo; مصحوبتان بمجموعاتهما القتالية البحرية أمس الأربعاء مياه الخليج بالتزامن مع انتهاء المهلة التي حددها مجلس الأمن لإيران لوقف نشاطاتها النووية الحساسة. وقال بيان للأسطول الخامس ومقره البحرين إن حاملتي الطائرات ستقومان ldquo;بمهمات مباشرة لمساندة عملية ldquo;الحرية للعراقrdquo; كما ستقومان بتمارين قتاليةrdquo;. إلا أن البيان شدد على أن ldquo;التمارين لا علاقة لها بالتطورات في المنطقة وليست موجهة ضد أية دولةrdquo; في إشارة إلى إيران.

ويأتي إعلان الأسطول الخامس بالتزامن مع انتهاء المهلة التي حددها مجلس الأمن لكي تعلق إيران نشاطاتها النووية الحساسة. ونشرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً اعتبرت فيه أن إيران مازالت تتجاهل قرارات مجلس الأمن المتعلقة ببرنامجها النووي، وأشار إلى تكثيف النشاطات في مصنع نطنز بوسط إيران ما يخالف مطالب مجلس الأمن، وأن قدرة الوكالة على إجراء مهمات تفتيش في المواقع الإيرانية تتراجع.

وعلى الرغم من تأكيد البنتاجون بأن تحرك قطع البحرية، والتي تضم حاملات للطائرات وعدداً من المدمرات وبحوزتها ما يصل إلى 17 الف عنصر من البحرية الأمريكية، يأتي في اطار تدريبات بحرية تستهدف الحصول على الخبرة وليس بهدف تهديد دولة ما، وإظهاراً للالتزام الأمريكي بأمن منطقة الخليج واستقرارها وتجاه الحلفاء في المنطقة، إلا ان عدداً من المراقبين في واشنطن حذروا من مغبة ان تقوم ادارة بوش ldquo;اليائسةrdquo; على فتح جبهة جديدة بينما كارثة جبهتها في العراق مستمرة.

وطالب المراقبون أعضاء الكونجرس بالتدخل فورا ومحاولة معرفة التوجهات الحقيقية لهذه الإدارة، ومعاودة قراءة تصريحات ديك تشيني على متن حاملة الطائرات جون ستينس لدى زيارته الأخيرة للمنطقة، والتي لوح فيها بأن واشنطن وحلفاءها سيقومون بمنع إيران من إعاقة الملاحة في المنطقة ومن امتلاك سلاح نووي.

وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوردون جوندرو إن التقرير الجديد للوكالة ldquo;يدل على أن تصرفات إيران تشكل تحدياً مستمراً للأسرة الدولية، ويدل أيضاً على أن المسؤولين الإيرانيين يساهمون في زيادة عزلة الشعب الإيرانيrdquo;. وأضاف أن ldquo;الولايات المتحدة ستتشاور مع شركائها حول الخطوات المقبلة الواجب اتخاذها لكن الوقت قد حان لتلتزم إيران بمطالب مجلس الأمن وتتعاون مع الوكالة الدولية وأن تقوم أولاً بتعليق أنشطة تخصيب اليورانيومrdquo;.

واعتبر مراقبون هذه التطورات رسالة واضحة إلى إيران مفادها أن الخيار العسكري واقعي ومطروح بالنسبة لواشنطن، كما أن الولايات المتحدة تريد التأثير بقوة في المسار الدبلوماسي والضغط على هذا المسار في إطار مناقشة مجلس الأمن الخطوات التي يفترض به اتخاذها للتعامل مع عدم امتثال إيران لقراراته. وأكد محلل استراتيجي في المنطقة أن ldquo;الامريكيين مقتنعون بأنه يجب تهيئة نوع معين من القدرة للتعامل مع الحرب الصدفة حتى لو لم يكن هناك قرار بالحربrdquo;. واضاف ldquo;ان هذه الحرب الصدفة قد تنتج عن احتكاك مع الايرانيين في العراق أو في مياه الخليج حيث تقوم طهران بدورها بمناورات، وهكذا حادث يستوجب من الامريكيين رداً سريعاً، وبالتالي هي تعمل على أن تمتلك القدرة على الرد بأسرع وقت ممكنrdquo;. واعتبر المحلل ان ldquo;سمعة الولايات المتحدة لا تحتمل اهانة من دون رد سريعrdquo;.

من جهته، أكد وزير الدفاع الايراني مصطفى نجار ان ايران مدعومة بقواتها المسلحة وحرس الثورة وقوى الأمن الداخلي وتحت قيادة المرشد الاعلى، قادرة على رد الصاع صاعين على الاعداء والمعتدين. وقال مسؤول ايراني رفيع ان التحشدات الامريكية في الخليج ليست غائبة عن ايران، واعتبر انها تدخل في اطار الحرب النفسية، قبيل الحوار المباشر بين الامريكيين والايرانيين في بغداد بشأن العراق. واشار الى أن الادارة الامريكية، التي تتعرض لضغوط الكونجرس ومن ورائه الشعب الامريكي، تلجأ الى مثل هذا الاستعراض من القوة من أجل التغطية على هزائمها الداخلية والخارجية وتقوية موقفها السياسي أمام الجمهورية الاسلامية.