عبدالرحمن الراشد
ربما يبدو المنظر محرجا في قمة شرم الشيخ حيث جلس الرئيس الفلسطيني محمود عباس قبالة رئيس وزراء اسرائيل ايهود اولمرت. لكن المنظر الفضيحة جلوس ممثلي حماس مع مسؤولين اسرائيليين يفاوضونهم على تقديم خدمات الكهرباء والغاز والماء الى قطاع غزة الذي اصبح تحت سيطرة حماس بعد انقلابها على السلطة الفلسطينية.
أمر مثير للسخرية حقا، ولا اقول الاستغراب لان ما فعلته حماس من قتل وسلب وأهم من ذلك فصل غزة عن الضفة الغربية وشق الصف الفلسطيني، اكثر غرابة من جلوسهم مع العدو.
ما شاهده العالم في الايام الماضية ان حماس التي تعيّر الرئيس عباس بالتعامل مع الاسرائيليين ورفضه التفاوض مع حماس هي التي ارتكبت خيانتين اعظم من ذلك. الاولى انقلابها على السلطة بعد ان حماها الرئيس عباس، ورفض حلها، وأصر على التعامل معها رغم المسيرة الصعبة من الشقاق مع قيادات فتح. الخيانة الثانية ان حماس باشرت الاتصال بالأجهزة الاسرائيلية من اجل تقديم الخدمات الضرورية لقطاع غزة مؤكدة ان اتصالها الخدماتي لن يشوبه اتصال سياسي.
الاتصال بإسرائيل والتعامل معها في حقيقة الامر شيء واحد مهما نمقت كلماته. بل ان تفاوض حماس مع الاسرائيليين لأغراض خدماتية يخدم هدف الدولة اليهودية التي استمرت تطرح منذ زمن المفاوضات الاولى بأنها مستعدة للتفاهم مع laquo;المواطنين الفلسطينيينraquo; من اجل تقديم حاجاتهم المحلية، وترفض الاعتراف بهم سياسيا، وكانت تفضل التفاوض مع الحكومات العربية فقط.
ما فعلته حماس عمليا هو الاعتراف بسلطة اسرائيل عليها بعد ان انقلبت على السلطة الفلسطينية التي جاءت بها الى الحكم يوم ادخلتها في العملية الديمقراطية. ما فعلته حماس انها تفاوضت مع الاسرائيليين، لا أي جنسية أخرى، بلا وسطاء عرب او اجانب. ظلت تخدع العرب بأنها ضد الاعتراف بسلطة اسرائيل واليوم تتبضع منها وتتواصل معها وتدفع لها بالشيكل، وتوقع الاتفاقات معها، فهل هذه حماس التي تسمي نفسها حركة المقاومة الاسلامية ام انه الدجل السياسي.
وسنرى خلال الاشهر المقبلة المزيد من اتصالات حماس مع اسرائيل والتفاوض حول قضايا اسراها، ومعابر القطاع، وتنقلات مسؤوليها. بل ستسمعون خلال الفترة القصيرة المقبلة موافقة حماس على منح اسرائيل حق الاشراف وتوقيع عقود استخراج الغاز الطبيعي من بحر غزة، المخزون الذي يقدر بنحو مليار قدم مكعب.
ومن اجل ان تحول قيادات حماس الانظار عن اتصالاتها مع الاسرائيليين وجهت نيرانها الدعائية صوب مشهد شرم الشيخ الذي لم يصل في خطئه خطيئة مشهد غزة من قتل وسلب وطعن للقضية.
التعليقات