أنقرة - حسني محلي
تشهد تركيا منذ أكثر من أسبوع مواجهات ساخنة جدا بين الحكومة والمعارضة السياسية والاجتماعية والاقتصادية من جهة وبين الحكومة والإعلام من جهة أخرى، وذلك بسبب التعديلات التي أقرها البرلمان وألغت الحظر المفروض على الحجاب في الجامعات والمعاهد التعليمية العليا. واكتسب هذا النقاش طابعا مثيرا وخطيرا مع تصعيد اللهجة التي تستخدمها جميع الأطراف بعد أن ذكر زعيم المعارضة دانيز بايكال بمصير عدنان مندرس الذي تحدى إرادة الشعب فأعدمه الجيش بعد انقلاب 27 مايو/ أيار 1960. ورد أردوغان على هذا التحذير غير المباشر قائلا إنه لا يخاف الموت وسوف يستمر في هذا الطريق بإرادة الجماهير التي انتخبته.
ونقلت محطات التلفزيون الحكومية والخاصة على الهواء مباشرة هذه المواجهات الساخنة التي نجح دائما أردوغان ورفاقه في استغلالها لصالحهم بعد أن أثبتت جميع التجارب الماضية أن الإنسان التركي متضامن دائما مع المظلوم وهو في هذه الحالة أيضا أردوغان وحزب العدالة والتنمية، لأنه يدافع عن موضوع ldquo;إسلامي وإنسانيrdquo; حيث تضامن العديد من الإعلاميين والأكاديميين والشخصيات الاجتماعية الليبرالية المعروفة مع سياسات الحكومة مدعية أن ذلك جزء أساسي من حقوق الإنسان وتحقيق المساواة بين جميع أبناء الشعب التركي. فيما أثبتت استطلاعات الرأي أن 70% من الشعب التركي وهو محافظ بطبعه العام ضد الحظر المفروض على الحجاب في الجامعات والمعاهد التعليمية. فيما فشلت المعارضة العلمانية في إقناع الجماهير بصحة وأهمية مقولاته التي بقيت في إطارها التقليدي الذي تعود عليه الشعب التركي، بل سئم منه لأنه لم يحمل أي جوانب جديدة في الحديث عن النظام العلماني والدفاع عنه كلاميا فقط.
ويبدو أن الإعلام حل محل الجيش في التصدي لسياسات الحكومة في موضوع الحجاب. وتشهد الساحة الإعلامية حربا مستفحلة بين وسائل الإعلام الكبيرة والحكومة المدعومة هي أيضا من وسائل إعلام مقربة منها وليست قليلة على الرغم من تأثيرها المحدود في الشارع التركي المستقل. فالجميع يعرف مدى تأثير الصحف الرئيسية مثل ldquo;حرياتrdquo; وrdquo;مللياتrdquo; وrdquo;راديكالrdquo; وrdquo;أقشامrdquo; وrdquo;ترجمانrdquo; وrdquo;جوناشrdquo; وrdquo;بوستاrdquo; وrdquo;الوطنrdquo; المدعومة بحوالي 10 محطات تلفزيونية وعشرات الإذاعات ومواقع الانترنت في الشارع التركي الذي يراقب التحديات الخطيرة بين الطرفين عن كثب وبدقة خاصة مع تصعيد اللهجة العنيفة التي يستخدمها رئيس الوزراء أردوغان ضد وسائل الإعلام المذكور وأصحابها من رجال الأعمال الكبار الذين قال عنهم إن مصالحهم تضررت بعد استلام العدالة والتنمية للسلطة منذ خمس سنوات. ودون أن يمنع ذلك وسائل الإعلام المذكورة وكتابها من تصعيد اللهجة ضد أردوغان وحكومة العدالة والتنمية التي يقولون عنها إنها تسعى للقضاء على النظام العلماني وتحويل تركيا إلى دولة إسلامية معتدلة.
التعليقات