رون بن يشاي - يديعوت أحرونوت

بات من الواضح تماما أن حماس غيرت استراتيجيتها القتالية. فهي قامت في الأسابيع الأخيرة بنقل جهدها الأساسي من quot;الارهاب الاحصائيquot; المنحني المسار الذي يقوم على اساس المس الجسدي والنفسي بالمدنيين الإسرائيليين من دون تمييز، واللجوء إلى ما يمكن تعريفه على أنه quot;عمليات غواريةquot; مركزة ومعقدة، والموجهة بشكل خاص ضد قوات الجيش الإسرائيلي العاملة على طول السياج.
الأهداف الاستراتيجية للحركة بقيت من دون تغيير: الأول، إرغام إسرائيل ـ بواسطة الضغط العسكري والإعلامي ـ على رفع الحصار الاقتصادي عن القطاع. وهو الحصار الذي يهدد بقاء حماس في السلطة. الهدف الثاني، هو ابتزاز هدنة في القتال من إسرائيل بشروط تتيح لحماس التعاظم عسكرياً وسياسياً والاستعداد لجولة قتال أكبر في المستقبل.
سبب التغيير في استراتيجية القتال هو أن قيادة الحركة توصلت في الآونة الأخيرة إلى خلاصة مفادها أن الارهاب الاحصائي الموجه ضد المدنيين ـ الصواريخ، قذائف الهاون ونيران الرشاشات ـ لا يُثمر quot;الجلبةquot; السياسية والنفسية المطلوبة. لا بل يلحق الضرر بحماس أمام الرأي العام العالمي والفلسطيني ويمنح إسرائيل شرعية المس بالحركة وقادتها وشن حملة عسكرية كبيرة في القطاع. وهذا ما تريد حماس ايضا أن تمنع حصوله ولذلك قررت الحركة تركيز جهودها على العمليات النوعية ضد الجيش الإسرائيلي.
ذروة طموح قادة الحركة الذين يفضلون شن عمليات غوارية ضد الجيش الإسرائيلي، هو أسر جنود إسرائيليين. فتجربة حزب الله وتجربتهم هم تعلمهم أن وجود عدد من الجنود أسرى بين ايديهم لن يؤدي إلى تعزيز جوهري لقدرة الحركة على المساومة في المفاوضات حول الإفراج عن أسرى مقابل جلعاد شليط فحسب، بل سيضع في أيديهم أيضا رافعة ردع شديدة القوة.
في حال وقوع عدد من الجنود رهائن في يد حماس، فستفكر حكومة إسرائيل ملياً ـ خشية انتقام حماس ـ قبل أن تأمر بتصفية زعماء حماس في القطاع وقبل أن تأمر الجيش الإسرائيلي بشن حملة عسكرية كبيرة.
قادة حماس في غزة ودمشق الذين يتابعون باهتمام التقارير في وسائل الإعلام الإسرائيلية، استخلصوا على ما يبدو، كما أدرك حزب الله في حرب لبنان الثانية، أن الجمهور الإسرائيلي حساس للإصابات بين صفوف الجنود أكثر من حساسيته تجاه عملية المس النفسي والجسدي بالمدنيين جراء صواريخ القسام.
كل عملية غوارية هجومية ناجحة، مثل هذه العملية، تمنح حماس نقاط قوة وتأييد كبيرة في الشارع الفلسطيني. بناء عليه، هذه هي القناة التي يتعين توظيف الجهود فيها من أجل التفاوض حول التهدئة من موقع القوة ومن أجل زيادة قوتها السياسية وهيبتها.
العملية الأخيرة لا تدل فقط على أن حماس تغير استراتيجيتها، بل تدل أيضاً على أنها مؤهلة لتنفيذها بهذا المستوى العالي من الدقة في التخطيط، وهذا المستوى من التنفيذ والتنسيق بين قوى مختلفة لم تكن لديها في الماضي.