صوفيا

يلوم الكثير من المراقبين المعنيين بالشأن العراقي قادة السنة لتفويتهم فرصة الاستفادة من بنود الدستور التي تتيح تشكيل اقاليم متعددة في البلاد واتباع المثل الكردي في هذا الشأن، ويعيبون عليها انها بدلا من ذلك تهدر جهدها ووقتها في خوض معارك لا تنتهي مع الشيعة الساعين من اجل تشكيل اقليم الجنوب والأكراد الذين حققوا تقدما كبيرا في بناء اقليمهم وتحقيق الاستقرار الامني وتوفير مستوى متميز من العيش لمواطنيهم في وقت تتراجع مستويات المعيشة ويتقوض الامن في المناطق السنية.
يبلغ عدد سكان محافظة الانبار اكثر من مليون ونصف المليون نسمة، وتصل نسبة الموازنة المخصصة لها من الحكومة المركزية للعام الجاري 2010 الى ما يعادل 96 مليون دولار من الدنانير العراقية، فيما تحصل محافظة صلاح الدين السنية التي لا يزيد عدد سكانها كثيرا عن الانبار على مبلغ يعادل 111 مليون دولار من الدنانير العراقية، وهي مبالغ اذا ما قورنت على ما يحصل عليه الاقليم الفيدرالي الكردي من مبالغ من حكومة بغداد laquo;9 مليارات دولارraquo; تبدو بائسة اذا ما عرفنا ان عدد سكان كردستان لا يزيد الا قليلا عن سكان هاتين المحافظتين.

ثروات طبيعية


لقد اصبح من المؤكد ووفقا للدراسات الجيولوجية الرسمية ان ارض الانبار تحتوي على ثروات طبيعية هائلة من الغاز الطبيعي تقدر بنحو 53 تريليون قدم مكعب ومن النفط بنحو 100 مليار برميل، وليس هذا فقط وانما ايضا احتياطيا غنيا من الذهب والفوسفات والحديد والفضة واليورانيوم، ما يتيح لها لو كانت تمتلك ادارة ذاتية بصلاحيات واسعة لهذه المصادر الطبيعية توفير أموال ضخمة من شأنها ان تستخدم في تحقيق نهضة اقتصادية خارقة في اقليم او اكثر يمكن ان يتشكل من المحافظات السنية ويضم محافظات الأنبار وصلاح الدين وديالى والموصل.
المشكلة الأساسية التي تواجه مثل هذا التطور تكمن في النظرة السلبية لمفهوم الفيدرالية ليس في اوساط سنة العراق وحدهم، بل في الفكر السياسي العربي بشكل عام، اذ ان ازدراء الدولة الاقليمية ثابت من ثوابت هذا الفكر الذي يعتبر اللامركزية على انها تفتيت للبلد والفيدراليةو تشطيرا له وتمزيقا للاوطان وليس تقسيما للسلطة وكسرا لاحتكارهاو تركيزها بيد النخبة الحاكمة في المركز.
الفيدرالية على خلفية المتحقق في كردستان على الاقل، من دون النظر الى الابعد حيث الفيدراليات الناجحة في سويسرا والمانيا وغيرها، تبقى الحل الامثل لمشكلات هذه المحافظات المتفاقمة وتخلفها المريع في البنية التحتية والمستويات المعيشية والاجتماعية وتهميشها سياسيا، ما يستوجب من النخب السنية اعادة التفكيرفي ما يعتبرونه ثوابت تجاوزتها تطورات ومعطيات المتغيرات العالمية، ويبدو ان اصواتا بدأت ترتفع ولو باستحياء داخل بعض اوساط السنة العراقيين تبدي تفهما وقبولا لهذا المبدأ على خلفية تمسك قوى الاسلام السياسي الشيعي والمرجعيات الشيعية بشكل عام بطروحات أحقية الاغلبية الشيعية بالهيمنة على مفاصل الدولة السياسية والاقتصادية والعسكرية والامنية، وهو ما برز بشكل صارخ بعد نجاح قائمة العراقية بتحقيق اعلى نسبة فوز في انتخابات مارس الماضي التشريعية ورفض هذه الاحزاب التداول السلمي للسلطة وفق الدستور والتسليم بأحقية الشيعي العلماني علاوي الذي فاز باصوات السنة بتشكيل الحكومة واعتبارهم تحالفه laquo;سنياًraquo; على الرغم من ضمه عددا ليس قليلا من الشيعة، ولجوئهم الى حيل ولعب سياسية للاحتفاظ بمنصب رئاسة الحكومة عبر ما سموه laquo;الكتلة الاكبرraquo; في البرلمان.

الإقليم السني


والسؤال الاكثر إلحاحا الآن هو: هل ستفكر النخبة السنية بعد قرار علاوي وتحالف laquo;العراقيةraquo; رفض رئاسة نوري المالكي الحكومة لولاية ثانية الى الذهاب الى مشروع تشكيل الاقليم السني وفق الدستور بهدف تحقيق التوازن المذهبي وصولا الى السلام الاجتماعي والتطورالاقتصادي المؤدي الى طريق الرفاه والرخاء المفقود الان.
القيادي في تحالف العراقية حسن العلوي كان ابلغ وكالة الانبار الفرنسية laquo;ان عدم ارضاء السنة مرادف لعدم الاستقرار في العراقraquo; ملمحا الى laquo;امكانية ان يذهب السنة الى الانفصال laquo;قائلا بالحرفraquo; ان السنة يجب ان ينهضوا بأمنهم واقتصادهم ونمو مناطقهم كما يفعل الأكرادraquo;.