مدريد

سجل ملف المعارض المغربي الشهير المهدي بن بركة تطورا مفاجئا بعدما قام القاضي المكلف بالتحقيق في ملف اغتياله بتفتيش مقر المخابرات الخارجية الفرنسية خلال الصيف الماضي. وتأتي مبادرة القاضي تماشيا مع الكثير من الأصوات التي تؤكد وجود ملف متكامل في أرشيفات المخابرات الفرنسية حول تفاصيل عملية الاختطاف والاغتيال.
وكان المهدي بن بركة، أحد زعماء اليسار وخاصة حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، قد تعرض للاختطاف يوم 29 تشرين الأول/أكتوبر من سنة 1965 وسط العاصمة باريس، وتبقى الرواية السائدة هي تورط أفراد من الأمن الفرنسي بتنسيق مع المخابرات المغربية وقتها بقيادة الجنرال محمد أوفقير لتصفية أشد المعارضين للملك الراحل الحسن الثاني.
ورغم التحقيق القضائي إبان الستينيات واستئنافه بين الحين والآخر خلال الأربعين سنة الأخيرة لم يتمكن القضاء نهائيا من حل الكثير من الألغاز مثل مكان الجثة والمسؤول المباشر عن الاختطاف والاغتيال والجهات التي أمرت بالعملية، رغم أن القضاء الفرنسي كان قد أصدر حكما بالسجن المؤبد ضد الجنرال أوفقير.
وشهد الملف خلال الصيف الماضي تطورا هاما دون معرفة آثاره حتى الآن، ويتجلى، وفق الكثير من وسائل الإعلام الفرنسية في مواقعها أمس الثلاثاء في شبكة الإنترنت في قيام القاضي باتريك راميل الذي تولى التحقيق في الملف خلال السنوات الأخيرة بزيارة مقر المخابرات الخارجية الفرنسية يومي 29 تموز/يوليو و3 آب/أغسطس الماضيين للاطلاع على ملف المهدي بن بركة. وحدثت هذه الزيارة رغم تصنيف وزارة الدفاع الفرنسية لملف المهدي بن بركة بسر من أسرار الدولة. وكان القاضي مرفوقا بجاك بيل، رئيس اللجنة الاستشارية لأسرار الدفاع الوطني المكلفة بحفظ هذه الملفات.
وكشف موقع مجلة 'نوفيل أوبسيرفاتور' الفرنسية أن القاضي طلب عشرات الملفات الخاصة بهذا الملف من ضمنها ملفات تتعلق بالملك الراحل الحسن الثاني والجنرال أوفقير ومسؤولين مغاربة آخرين غير أنه حصل على 23 ملفا فقط حتى الآن.
وتعتبر عملية التفتيش التي قام بها القاضي في مقر المخابرات الفرنسية الأولى من نوعها في فرنسا منذ صدور القانون الخاص بحماية أسرار الدفاع المصادق في تموز/يوليو 2009.
وستصدر اللجنة الاستشارية لأسرار الدفاع الوطني بعد غد الجمعة أو الاثنين من الأسبوع المقبل رأيها بقبول الكشف أم الرفض عن مضمون هذه الملفات، في حين ستبقى كلمة الفصل الأخيرة من اختصاص وزير الدفاع هيرفي موران.
وكان القاضي الفرنسي باتريك راميل قد أصدر خلال سنة 2007 أربع مذكرات توقيف في حق أربعة مغاربة وهم الجنرال عبد الحق القادري الذي شغل منصب مدير المخابرات العسكرية وكان خلال اختطاف بن بركة ملحقا عسكريا في سفارة المغرب في باريس، والجنرال حسني بن سبيمان الذي كان وقتها ضابطا في الدرك الملكي ومدير ديوان الجنرال محمد أوفقير ومكلفاً بالاتصالات مع القصر الملكي، ثم ميلود التونسي وهي شخصية يلفها الكثير من الغموض، وأخيرا عضو المخابرات العشعاشي الذي توفي منذ سنوات.
ولم يتم تنفيذ مذكرات الاعتقال والتوقيف لأن الحكومة الفرنسية رفضت تفاديا لتأزيم العلاقات مع المغرب.
ويعتبر الكثير من المهتمين بملف المهدي بن بركة أن الكشف النهائي عن ملف المهدي بن بركة يوجد بين وزارة الدفاع الفرنسية التي ترفض تقديم أي مساعدة، فهي الوزارة التي تتوفر على الأرشيف الكامل حول الاختفاء.
كما ترفض المخابرات الأمريكية الكشف عن الملف الذي بحوزتها حول المهدي بن بركة وتعتبره حساسا للغاية وصنفته من ضمن الملفات التي يجب الكشف عنها خلال العقود المقبلة وليس في الوقت الراهن.