الجزائر- عاطف قدادرة
كشفت محادثات ثنائية بين رئيس لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية الفرنسية، النائب بلقاسم بلعباس، ووفد برلماني فرنسي رافق وزيرة العدل ميشال أليو ماري، عن اختلافات جوهرية في وجهات نظر الدولتين لموضوع ''الذاكرة'' من أي علاقات محتملة، وفي كل مرة كان فيها بلعباس يخاطب رئيس الوفد الفرنسي بضرورة إقحام الملف في أي مباحثات رسمية، كان يرد: ''يجب تجاوز هذه الفكرة (الذاكرة) لأنها سبب الانسداد.. نريد علاقات عملية تنظر للمستقبل''.
لما تخاطب بلقاسم بلعباس وجون بول غارو، نائب برلماني شهير في حزب الإتحاد من أجل الأغلبية الشعبية (حزب ساركوزي) بدا أنهما يتحدثان في خطين متوازيين تماما، الأول يشدد على ملف التاريخ كـ''عقدة'' ستظل ترافق أي محاولة لإصلاح العلاقات، في حين التزم الثاني بخطاب ''براغماتي'' ينظر إلى المستقبل ويطلب بـ''تجاوز فكرة الذاكرة''. وقد بدت فكرة النائب الفرنسي قريبة من طرح نيكولا ساركوزي لما زار الجزائر آخر مرة وطالب بـ''علاقات عملية على أساس المصلحة المشتركة فيما يبقى التاريخ للمؤرخين''.
فلم ينتظر كثيرا رئيس اللجنة عن الجزائر بلقاسم بلعباس، وهو نائب عن جبهة التحرير الوطني، لما استقبل خمسة نواب يقودهم جون بول غارو بمقر المجلس الشعبي الوطني، وراح يعدد الخلافات التي تراها الجزائر معرقلة لأي تقارب، فعاد إلى 2006 لما صدر قانون فرنسي يمجد الاستعمار ثم تبناه ساركوزي، إلى أن وصل إلى قضية القائمة السوداء في المطارات الفرنسية والتي ضمت جزائريين ''نتمنى أن تتحسن العلاقات وأن تزول هذه السحب التي تخيّم فوقها، ننتظر منكم كأصدقاء المساعدة في رفع الانسداد ونحقق إقلاعا في علاقاتنا''. وتابع: ''يمكن حتى جمع المؤرخين من البلدين والعمل على الذاكرة ولكن التاريخ المشترك له انعكاساته على أي توافق''.
وقد فهم المسؤول الفرنسي، الرسالة الجزائرية، ولو أنها جاءت من لجنة صداقة برلمانية على مستوى هيئة تشريعية، فرد يقول: ''شكرا على صراحتكم لكننا نواب نرافق وزير العدل ميشال أليو ماري، ونحن معنيين اليوم بقضايا العدالة والقضاء، ونريد فضاء عمليا للتعاون... نرجو أن ندرس ما يمكن التعاون فيه لمساعدة بلدينا''. ورغم أن الوفد الجزائري فهم الرد الفرنسي جيدا، ورغم أنه انتقل لعرض البرنامج الخماسي ومجالات التعاون (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والثقافة والصناعة والأدوية..) إلا أن موضوع الذاكرة عاد لطاولة المحادثات إثر تدخل نائب أفالاني عضو في لجنة الصداقة.
وقالت أنها تأسف لبث قنوات فرنسية ما يشوّه التاريخ الجزائري، وكانت تقصد برنامجا عرض مساء أول أمس في القناة الفرنسية الحكومية الثالثة، فما كان من غارو إلا الرد للمرة الثانية ولكن بشكل أوضح، ونقل جزء مما يؤمن به حزب ساركوزي بخصوص ملف الإستعمار فقال: ''التاريخ موجود وهناك آلام وجروح كثيرة لدى الجانبين'' وهي فكرة تجزع لها الجزائر وترفضها لأنها تساوي بين ''الضحية والجلاد''.
وتابع النائب يقول: ''يجب المرور وتجاوز هذه الفكرة (الذاكرة) لأنها سبب الإنسداد..نعم يجب تجاوز هذا الأمر ولكن لا يجب النسيان، فقط نريد أن نذهب نحو المستقبل وأن لا نتوقف أمام هذا الحاجز''.
التعليقات