حوار أديان أم حوار قوة

محمد صالح المسفر
الشرق القطرية
العرب أجبروا على إدخال تعديلات على مناهج التعليم بدعوى التحديث
هذه السنة الثامنة منذ بدء انعقاد quot; مؤتمرات حوار الأديان في الدوحة quot; وتلاها مؤتمرات بذات التسمية في عواصم عربية متعددة، وكذلك مؤتمرات لذات الصلة بتمويل عربي في عواصم أخرى (مدريد، نيويورك، مالطا، روما،..... الخ). ما هو الهدف من هذه الحوارات؟ هل الهدف سياسي نقصد به رفع يد الغرب المسيحي عن العالم العربي بوجه خاص والعالم الثالث بشكل عام؟هل الهدف العودة إلى الله عز وجل انطلاقا من قول الحق جلت قدرته quot; قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله quot; (الآية 64 آل عمران).
قدر لي أن أحضر جلسات معظم تلك المؤتمرات التي عقدت في الدوحة، وقدر لي الإطلاع على بعض ما نشر من حوارات عن تلك المؤتمرات التي عقدت خارج العواصم العربية والحق أن ما قرأت لم أضيف إلى علمي علما.
(2)
في هذه الدورة الثامنة المنعقدة في الدوحة أستطيع القول أنني رأيت جدول أعمال محدد جاْء فيه، 1 ــ دور الأديان في تنشئة الأجيال. 2 ــ دور الأسرة في تنشئة الجيل الجديد. 3 ــ دور المؤسسات التعليمية، والإعلام، وكذلك دور العبادة في التنشئة. جدول الأعمال يستهدف الجيل القادم، تعالوا نناقش الكلمات التي قيلت في هذه الدورة لنرى هل تناول قادة الرموز الدينية الحاضرة الأشكال الذي نعاني منه في هذا الجزء من العالم باستثناء الشيخ التميمي القادم من القدس المحتلة.
لقد صدق بعض العرب أن هذه الحوارات مجدية ونافعة، والحق أن العالم العربي اجبر تحت ضغوط وتهديدات مبطنة بإدخال تعديلات على مناهج التربية والتعليم تحت دعوة التحديث، اختصرت أو ألغيت نصوص في القران والفقه والتوحيد من مناهج التعليم في مرحلة التنشئة، أعني المدارس الابتدائية، واختصرت إلى مادة واحدة في بقية المراحل اللاحقة، مادة التاريخ جرى عليها الكثير من الشطب والاختصار إلى الحد الذي افقدها القيمة التاريخية لجيل قادم فهو لم يعد يعرف رموز تاريخ أمته العربية والإسلامية، وعند ذكر صلاح الدين فإن اسمه يلحق بعبارة أنه ليس عربيا بل هو كردي ولا يذكرون إسلامه، وطارق بن زياد امازيقي (بربري) وقس على ذلك.
المدارس الدينية في العالم العربي والإسلامي فرضت عليها رقابة مباشرة وغير مباشرة، وتشوه سمعتها في وسائل الإعلام الغربي، ومع الأسف الإعلام العربي ينقل ذلك التشويه في كل وسائله. أضرب مثلا: عرضت وسائل الإعلام المرئي الغربية صورا لطلاب في مرحلة التنشئة في باكستان، وماليزيا، وأماكن أخرى من العالم الإسلامي وهم يتلقون العلم في مدارس دينية، وقيل في تلك المسلسلات الإعلامية عن المدارس الدينية وطلابها أنها مكان للإرهاب ويجب التعامل معها من هذا المنطلق، وكانت الخطوة الأولى هي تجفيف منابع تمويل تلك المدارس، وهكذا تم لهم ما أرادوا.
ونحن نتحدث عن التعليم في مراحل التنشئة، المدارس الدينية في إسرائيل لا أحد يتحدث عنها إطلاقا ولا عن مناهج التعليم في إسرائيل. تقول فلسفة تعليم الناشئة في إسرائيل: quot;أن المدرسة أساسا يرتكز عليها لتوحيد هؤلاء لمواجه عدو يهددهم والقضاء على هذا العدوquot; المعروف أن مدارس التنشئة في إسرائيل تتكون، إلى جانب أنواع أخرى، من التعليم الديني الرسمي، والتعليم الديني التابع لمؤسسات دينية، والتعليم الذي تشرف عليه مؤسسات صهيونية. لقد أصبحت المدارس الدينية تخرج في السنوات الأخيرة نوعية متشددة إلى حد بعيد من المستوطنين الذين يرفضون الآخر quot; العربي الفلسطيني quot; بشكل قطعي ولا يجدون حلا لمسألة وجوده سوى الطرد أو القتل والتشريد.
فتاوى الحاخامات اليهود لا نجد أحدا من المؤتمرين يثيرها أو يحتج عليها أضرب مثلا
فتوى الحاخام مردخاي الياهو كبير حاخامات إسرائيل السابق تدعو لإبادة الفلسطينيين بشكل كامل، حتى أولئك الذين لا يشاركون في القتال ضد الاحتلال الإسرائيلي، واعتبر فتواه ضريبة من الرب يتوجب تنفيذها. الحاخام اليعازر ملميد أصدر فتوى حلل فيها للإسرائيليين سرقة وحرق المحاصيل الزراعية للفلسطينيين، وقتل مواشيهم وتسميم مياه آبارهم وهذا ما يفعلونه عند حصاد الزيتون في كل عام . والحق أن التعليم في إسرائيل، والإعلام lsquo; والأسرة، والمؤسسات الدينية كلها تحرض الناشئة والبالغين على إبادة العرب الفلسطينيين وتعميق جذور الحقد ضد العرب.
ما أردت قوله إننا أمة مستهدفة ومعظم قادتنا استسلموا لكل ما يطلب منهم بما في ذلك التنازل عن الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، وينظر إلى أي عربي مشارك عندما يشير إلى مكانة العربي أو المسلم في مناهج تعليم الغرب وإسرائيل وإعلامهم نظرة عدم رضا وهذا أمر مشين لنا جميعا..
(3)
لا جدال بأن الحوار الجاري على الساحة اليوم بين الغربيين والعرب والمسلمين هو حوار قوة ليس غيرها، فما يجري في فلسطين اليوم من مفاوضات مباشرة وغير مباشرة سرا وعلانية هو حوار القوي مع الضعيف بعد أن جرد من كل أسلحته،وما يجري بين الأفغان وحلف الناتو حوار قوة ولا حوار أديان أو حوار حضارات، وكذلك ما يجري في العراق حتى بين أطراف عراقية هي حوارات قوة إما بالاستقواء بالآخر أو بالعنف المسلح وليس حوار بين أحزاب سياسية لها مشاريع وطنية حسمتها العملية الانتخابية والتي فاز فيها حزب العراقية بقيادة السيد أياد علاوي.ما يجري بين العرب عامة وإسرائيل هو حوار قوة تفرضه إسرائيل بدعامة أمريكية مطلقة. وما يجري في المجتمع الغربي اليوم من عنف ضد المسلمين ومؤسساتهم الدينية يؤكد لنا بالواقع العملي أن حوارات الأديان التي مضت منذ أكثر من عشر سنوات لم تجد نفعا وعلى ذلك اقترح أن تعقد هذه المؤتمرات كل خمس سنوا ت لنرى مدى الجهود التي يبذلها اتباع الديانتين المسيحية واليهودية في أوروبا تجاهنا نحن العرب والمسلمين سلبا أو إيجابا ومن هنا نقرر هل نستمر في عقد مثل هذه المؤتمرات أم لا.
آخر القول: إنني أؤمن بالحكمة القائلة لا نفع في رعود لا تسقط المطر.
تعصّب ديني
عبدالزهرة الركابي
القبس الكويتية
إن ما يدور في الوقت الحاضر في الغرب حيال المسلمين والإسلام، هو تعصّب ديني بحت، وقد يكون غطاء لغرض أو هدف له ارتباطات سياسية وثقافية، وبمجمل هذه الارتباطات العامة لهذا الهدف، فإن فحواه ومبناه لا يخرجان عن نطاق حالة العداء والكراهية المتصلة أصلا بالرجع التأريخي، وربما تكون مقتضيات العصر الراهن قد تطلبت من الغرب استخدام آليات عصرية غير أخلاقية وغير حضارية مثل: نشر الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، والتهديد بحرق نسخ من المصحف الشريف، ومنع بناء المآذن، والاعتراض على إنشاء مركز إسلامي في نيويورك، وكذلك حظر بعض رموز الملبس للنساء المسلمات، فضلا عن الممارسات العنصرية والتمييزية حيال المسلمين اللاجئين المهاجرين، وحتى المسلمين المكتسبين جنسيات البلدان التي يقيمون فيها.
وأضف الى ذلك اللجوء إلى الأساليب القديمة في محاربة الإسلام والمسلمين من خلال الحروب العسكرية، وهذه الحروب بدت سافرة في نياتها لدى الغرب، وأن الذرائع التي ساقها في التحضير لهذه الحروب، اتضح فيما بعد زيفها وبهتانها، بل إن زعماء الغرب ما انفكوا يتخذون مواقف علنية ومكشوفة في إبداء عنصريتهم الدينية هذه، حيث ربط الرئيس الأميركي السابق بوش الابن في أحد تصريحاته، بين احتلال العراق والحروب الصليبية، كما لا ننسى قوله في هذا السياق أن هذا الاحتلال جاء laquo;بإيحاء دينيraquo; كان يتراءى له حسبما كان يزعم.
وفي الفترة الأخيرة قامت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل باستقبال الرسام الدانمركي كورت فيسترغارد الذي أثارت رسوماته المسيئة للنبي محمد، صلى الله عليه وسلم، احتجاجات عنيفة في العالم الإسلامي قبل 5 أعوام، وتسليمه جائزة laquo;أم 100 ميديا 2010raquo;، كما دعا وزير الداخلية الألماني فولفغانغ شوبيل كل الصحف الأوروبية إلى نشر تلك الرسوم الكاركاتيرية السيئة، على غرار الصحافة الدانمركية، وذلك دفاعا عن حرية الصحافة، على حد زعمه، فضلا عن دفاع رئيس الوزراء الدانمركي السابق اندرس فوغ راسموسن عن إعادة نشر هذه الرسوم السيئة في صحافة بلاده.
اللافت في هذا الموضوع أن هناك العديد من الدول الغربية بما فيها أميركا وألمانيا وفرنسا وايرلندا وكندا، كمثال وليس حصرا، تتضمن دساتيرها فقرات تحظر التمييز على أسس دينية، وتحرّم عدم احترام المقدسات وتشويه العقيدة الدينية، بيد أن الزعماء الغربيين، ممارسة وتصريحا، لا يحترمون ما ورد في دساتير بلدانهم، التي هي أساسا تمثل قانون ديموقراطيتهم هذه، عندما تراهم يدعمون ويشجعون على العنصرية الدينية تحت شماعة تجسيد الديموقراطية واحترام حرية التعبير والرأي.