لندن

لماذا غضب الناخبون الأميركيون من الحزب الديمقراطي الذي ينتمي إليه الرئيس الأميركي باراك أوباما؟ إنه السؤال الذي لابد ان يحير الكثيرين في بريطانيا ممن رحبوا، كمحافظين ومنتمين إلى حزبي العمال والأحرار الديمقراطيين، بانتخاب أوباما قبل أكثر من عامين، ورأوه يقود أميركا والعالم نحو آفاق واسعة ومشرقة.

ولكن الآن يبدو أن حزب أوباما على وشك تلقي ما أسماه الرئيس السابق laquo;جورج بوشraquo; بـ laquo;ضربة ثقيلةraquo; في انتخابات التجديد النصفي التي ستجري في الثاني من نوفمبر المقبل.

الأمر يبدو سقوطاً مدوّياً. فقد فاز أوباما بتصويت الجمهور في عام 2008 بفارق 53 إلى 46%. ولم يكن ذلك فوزاً كاسحاً، ولكنه فاز بنسبة أعلى من الأصوات، مقارنة بأي مرشح من الحزب الديمقراطي في التاريخ، باستثناء رؤساء الولايات المتحدة السابقين laquo;أندرو جاكسونraquo; وlaquo;فرانكلين روزفلتraquo; وlaquo;ليندون جونسونraquo;.

وهي النسبة الأعلى من نسبة فوز laquo;جون كينيديraquo; وlaquo;ودرو ويلسونraquo; وlaquo;جيمي كارترraquo; وlaquo;غروفر كليفلاندraquo;، وهي الأعلى حتى من الرئيس الأسبق بيل كلينتون.

وفاز الديمقراطيون بالتصويت الشعبي في انتخابات مجلس النواب، وهو مؤشر رئيسي على الدعم العام بها من 54% إلى 43%. وكان ذلك أفضل أداء لهم منذ عام 1986.

وتشير استطلاعات الرأي الآن إلى أن هذه النسب المئوية يمكن أن تنقلب رأساً على عقب. فالجمهوريون متقدمون في سؤال الاقتراع العام، وهو: ما هو الحزب الذي سوف تدعمون مرشحيه في انتخابات مجلس النواب، بمتوسط 49% إلى 42%.

ولم يحدث في أي دورة انتخابية سابقة منذ بدأ معهد غالوب طرح استطلاع للرأي في عام 1942، أن تقدم الجمهوريون بأكثر من 4%. والآن في نموذج laquo;انخفاض الإقبالraquo; لاستطلاع الناخبين من معهد غالوب، فإن الجمهوريين متقدمون بـ 17.

ويبدو أن الجمهوريين من المحتمل بشكل قوي أن يفوزوا بنسبة أكبر، وربما أكثر من ذلك بكثير مما يحتاجونه للحصول على الـ 39 مقعداً اللازمة لتحقيق الأغلبية في مجلس النوّاب، وربما إذا حالفهم الحظ، فقد يفوزون بالمقاعد العشرة التي يحتاجون للوصول إليها الأغلبية في مجلس الشيوخ.

وبعد انتخابات عام 2008، تنبأ المخطط الاستراتيجي الديمقراطي laquo;جيمس كارفيلraquo; بأن الحزب الديمقراطي سوف يسيطر على الانتخابات في الولايات المتحدة لمدة 40 عاماً، وكان المخطط الاستراتيجي الجمهوري laquo;كارل روفraquo; قد توقع شيئاً من هذا القبيل لحزبه بعد الفوز الهزيل للرئيس السابق جورج دبليو بوش في عام 2004.

وهيمن حزب العمال الجديد الذي كان يتزعمه توني بلير على السياسة البريطانية لتسع أو عشر سنوات بعد فوزه الساحق الأول في عام 1997. ولكن ظهر أن هيمنة ديمقراطيي أوباما لم تصل إلى مدة 40 عاماً، وإنما 40 أسبوعاً، حتى تفوق الجمهوريون على الديمقراطيين في انتخابات جرت في أغسطس 2009.

فماذا يجري؟

في الثلاثينات من القرن الماضي، اشتهر عن laquo;جون مينارد كينزraquo; مقولته الرجال العمليين في عالم الأعمال، والذين أقروا بعدم امتلاكهم للتأثيرات الفكرية، كانوا بالفعل عبيداً لاقتصادي فاشل. واليوم، أقول إن الديمقراطيين من حزب أوباما، الذين لا يعترفون بالمتفوقين فكرياً، هم العبيد لعلماء السياسية والمؤرخين المتهالكين.

وبشكل أكثر تحديداً، فهم علماء السياسة التقدمية ومؤرخو النهج الجديد المتهالكون. والتقدميون يجادلون بالقول إن التاريخ لا محالة يتجه إلى اليسار، من أصغر تنظيم إلى أكبر حكومة. يقول مؤرخو النهج الجديد إنه في أوقات الشدة الاقتصادية، سوف يدعم الناخبون بشكل خاص، أو على الأقل طواعية على نحو غير عادي، للتوسع الشاسع للحكومة.