عبد الغني طليس 111230b.jpg


اشتعلت... ولا أحد يدري ما إذا كانت في المدى المنظور ستهدأ النار بين المغنية أصالة والموسيقي حلمي بكر. كلام من العيار الثقيل الذي يستخدم عادة في الحروب لا في المعارك فحسب، وآراء من الصنف القنَّاص الذي يطلق من على الشاشات حيناً، و laquo;المسارحraquo; التلفزيونية حيناً آخر، وخروج على اللّياقات التي عُرف النجوم بها عادة حتى في عزِّ الخلافات laquo;التاريخيةraquo;...

وبين أصالة التي تقول أن بكر هو الذي بدأ الهجوم عليها من خلال تصريحات سلبية وضعتها في خانة لا ترضاها لنفسها، وحلمي بكر الذي يقول أن أصالة تخلت عن أصالتها عندما تناولته بالنقد أو بطريقة ساخرة على مرأى ومسمع من الجمهور، يضيع المُتابع الدقيق الذي يرغب في تبيّن الخيط الأبيض من الخيط الأسود في هذا الخلاف الطاحن...

ومهما يكن من أمر، فإنّ ما بين أصالة وحلمي بكر حالياً ليس غريباً أو طارئاً على الحياة الفنية العربية لا في شكله ولا في مضمونه، ولو أن المنطق الأخلاقي يمكن أن يحكم بأن نجمين بحجمهما لا يجوز أن يصلا الى هذه laquo;النقطةraquo; المزرية حقاً في التجاذب الانفعالي المحتقن، ولا سيما بعد سنوات الودّ الشخصي والتعاون الفني الذي أثمرَ أغنيات عِدة نجحت في تقديم صوت أصالة بهوية أدائية متميِّزة، وفي إضافة نكهة خاصة الى تجربة بكر كملحن.. ذلك أن الأصوات بالنسبة الى الملحنين الكبار تفتح مناطق مقفلة أحياناً، في النفس الفنية.. وهذا ما فعله صوت أصالة في بكر...

والسؤال هو: ألا ينبغي للعلاقة الشخصية الطيبة التي تسود بين فنانين اثنين في مرحلة معينة، وللعلاقة الفنية التي تنتج أعمالاً رائعة أحياناً بينهما، وللعلاقة مع الجمهور بين هذين الفنانين.. أن تعصمهما من laquo; نشرraquo; بعضهما البعض في كل مكان إعلامي وفي كل صالون فني عندما يختلفان؟

أكثر من ذلك: كيف يمكن فنانين عملا مع بعضهما البعض وكان لواحدهما فضل مباشر وواضح على الآخر الذي كان له بدوره فضل على الأول، ثم كانت لهما آراء إيجابية عالية القيمة تجاه بعضهما البعض في أكثر من مناسبة، كما كان بين أصالة وحلمي بكر... كيف يمكنهما أن يغيّرا آراءهما بين ليلة وضحاها بمجرد أن أحدهما أخطأ في حق الآخر، فيقوم الآخر بحرق كل المراكب التي تعبر بينهما من دون أن يرفّ له جفن.. غير نادم على ما يفعل، غير هيَّاب من أن يغتابه الناس الذين سمعوه في أوقات سابقة يطبِّل ويُزمِّر للفنان الذي ينتقده اليوم، لا بل يوجه إليه سكاكين ذبَّاحَة.. من دون أن يعني كلامنا فناناً دون آخر من بين أصالة وحلمي بكر، بقدر ما يعني الفنانين معاً...

111231b.jpgيصل الجمهور المعجب بفنانة كأصالة وبفنان كحلمي بكر، وهو يراقب الدخان الأسود المندلع بينهما، الى حقيقة لا غُبار عليها هي أنه لا يريد أن يعرف من كان البادىء بالخلاف حتى يكون البادىء أظلم، ولا يهتم بمن يستطيع منهما أن يكوكب رأياً عاماً مؤيّداً له في وجهة نظره ضد الآخر.

إنما كل ما يريد الجمهور معرفته هو متى تنتهي هذه الحرب، ومتى يكفّ الطرفان عن تناول الطرفين حيث يستطيعان أو يُطلب إليهما، وإذا كان مبدأ العمل الفني بين الإثنين قد انتهى إلى غير رجعة، فعلى الأقل تكون نهاية هادئة نسبياً، أو غير مجلجلة كما هي الحال الآن، و laquo;يا دار ما دخلك شرّraquo; على قول المثل الشعبي.

ويعلم الجمهور أن زمن تنازل الفنان عن حقه لمصلحة كَتم خلاف مع فنان آخر، قد غاب واضمحل لمصلحة زمن laquo;الفضيحة بجلاجلraquo; ، إلاّ أنه لا يزال يتوقع من أحد الفنانين، أصالة أو حلمي بكر أن يتخذ قراراً بوقف الكلام في الموضوع إعلامياً، ولو هاجمه الطرف الآخر... وهذا ما يبدو من .. سابع المستحيلات!