ضياء الموسوي

يقول المفكر اللبناني علي حرب: الاعتراف بالآخر ضرورة وجود، ولوتجردنا من أثرالغرب سنخرج عرايا إلى الشارع.
هذه حقيقة طالما حاول الإسلامويون نكرانها.

الحقيقة أننا بحاجة إلى اكتشاف الآخر وكيف تطورت الأمم والشعوب.

دعاة حقوق المرأة من جمعياتنا البحرينية وأحزابنا الدينية في العالم الإسلامي مازالوا يستكثرون على المرأة حق الترشح.

انظروا لقوائمهم لايوجد فيها ولامرشحة وانظروا الى خطبهم كلها حديث عن حقوق المرأة.
رؤيتهم نمطية قاصرة ،تقول لهم، إن المرأة عورة ومخلوقة من ضلع أعوج.

حرموها سنين من دخول الجامعة واستكثروا عليها دخول العمل واليوم يستكثرون عليها الترشح ولكن رغم كل ذلك نجد أن المحرق كمنطقة متمردة على الايديولوجيات، راحت تثبت انها الأكثر وعيا.

وهذا يرجع الى أن الوعي المحرقي يمتازبذاكرة تاريخية وذكريات طيفية متنوعة.

وهنا يأتي دورعدم وجود شخص يفكر بالنيابة عن الناس في المحرق.

غياب المرجعية وسيادة الاستقلالية قادا المحرق الى هذا التغيير.

وتبقى المحرق قادرة على الدفع للبوابة لفتح الطريق للتحرر من سجون الايديولوجيات.
بقية مناطق البحرين تعاني من صمت اكثرية مرتعبة وقلقة من النقد ومرتجفة، رجلها لاتسعفها للوصول الى الحديقة مخافة الفتوى والكرباج والخازوق.

لكن يبقى ثمة بصيص أمل يخرج من ثقب مجتمع مثقوب بالوعي المعكوس.

هذا الوعي المثقوب أصبح سمة بارزة في عالمنا الإسلامي.

لاشك، هناك من يعمل على قطع الحبل المعقود برقاب العبودية ولوبقطنة مهربة من صيدليات التنوير.

ثمة أمل.أن ترشح نساء في المنطقة الشمالية والوسطى وبقية المحافظات دون دعم، يدلل على تسرب تنوير من حنفية الواقع بعد انتشار بقع الزيت الفكري المنتشرة على سواحل عقول الناس.

لاتتعجبوا، فمازلت اكتشف مجاميع بشرية تقرأ لفلاسفة اليونان والإغريق.

لم اتعجب أبدا أن أرى شبابا يقدمون رؤيتهم للوضع برؤية مقتبسة من فلاسفة غربيين كروسو ومنتسكيو وفولتير.

قال لي شاب بحريني، لماذا لاتكون هناك ثورة فكرية على العقل الجماعي وعلى شرطة العقيدة شبيهة بالثورة الفرنسية تدعولفصل الدين على السياسة؟

قلت له لاعليك، المسألة مسألة وقت ،لان المنظومة المركبة على الخوف تخورباصطدام فراشة بحيطانها.

الحيطان معقودة على كل الخريطة في عالمنا الإسلامي لكن ثمة تمرد.

انظرماذا يحدث في الاردن من تمرد إسلاميين على المقاطعة التي يروج لها الاخوان المسلمين.هذا يدل على بارقة أمل.

حتى الذين خلقت أعينهم في أقفيتهم بدأوا يرجعون الأعين الى مكانها الطبيعي ليكتشفوا الحقيقة.
لاعليكم ،ثمة تمرد نسبي على فكر الوصاية في العالم الإسلامي لكنه بطيء وعلى هيئة قطرات.
والقطرات ستخلق النهر الكبير.

رغم كل الخطب المتوترة ضد الفكر اليوناني والغربي إلا أنه مازال يقود العالم.

منذ 2500عام وفكر اليونان يحكم ويوقود الشعوب المتطورة.

نعم، المهم تطويره لاتصنيمه وهذا سر ديمومته وبقائه.

والمهم عندنا كمسلمين، إخراج الإسلام الوسطي من معتقلات التشدد ودعمه.

مرحلة التخويف من الجديد ومن التفكير في اللامفكر فيه ستضعف وتقل ويجب التشبث بالأمل.
مهما كان ارتفاع اللغة الطائفية يأتي يوم وتضعف.

شاهدتم حجم التراشق الطائفي في المحرق وفي النهاية انتصر المستقلون الذين تميزوا بخطاب غير طائفي يدعو للبحرينيين كبحرينيين.

هذا ما أثلج قلوبنا جميعا، أن نعمل للبحرين وللبحريني كبحريني.

أملنا في الأكثرية أن يعملوا للتنويروللإسلام المنفتح المنفصل عن عباءات التسييس حتى نخدم الدين ونخدم المجتمع.

هذا لايعني أن كل من خسر الوصول لقبة البرلمان طائفي،أبدا،فأنا أرفض التعميم في أي خطاب أوتوصيف.

فالتنوير موجود لدى بعض الفائزين ولدى بعض الخاسرين.

مزيد من النقد والانفتاح والوسطية والوطنية ستحصن مجتمعنا من فيروسات المنطقة.

المستقلون يستطيعون أن يقدموا اليوم أجمل خطاب وطني ويغيروا مسيرة الخطب البرلمانية القديمة وأن يكسبوا الشارع البحريني بتلاوينه ويستطيعوا أن يضغطوا على المتوترين من كل الجمعيات بأن يكونوا وسطيين في أطروحاتهم.

مارسوا ضغوطا في تهريب التنوير ولوفي علب ليلية، ربما نستطيع أن نقترب من سمنة تنويرية بدلا من هذه الشحوم الطائفية الخارجة من الجبب والعباءات.
نحن راحلون والبحرين أمانة.

اكسبوا الوطن والشارع وقربوا قلوب الناس وركزوا ثوابتنا الوطنية ورسخوا مشروعنا الإصلاحي في المجتمع وساهموا في تقوية عجلاته وإزالة أي حجارة في الطريق.

ركزوا على التنمية الاقتصادية ،فالحياة ليست كلها سياسة، فالناس بحاجة الى وعي اقتصادي ووعي ثقافي.

نتمنى أن يفاجئنا الجميع بخطاب إنساني وطني واعد وواع لنكمل المسير والمسيرة بخطى ثابتة.
الذي طور سنغافورة المنسية هو تلاحم شعب لأجل أرض مع منع تدخل أي أجنبي.
حلوا قضاياهم بأنفسهم وركزوا على الثوابت الوطنية وبنوا بلدهم بوعي وأفق منفتح وفضاء معرفي.

وكل أملنا أن تعمم جرأة الناخبين في دعم المرأة والمستقلين في كل الخليج والعالم العربي.