شملان يوسف العيسى

أكد منسق جهود مكافحة الإرهاب لدى وزارة الخارجية الأميركية أن اليمن أصبحت على رأس قائمة الاهتمام الأميركي في مكافحة الإرهاب، موضحاً أن جهود دعم اليمن عسكرياً ستكون بعيدة الأمد، واعتبر أنها بدأت تثمر نتائج جيدة حتى الآن.

وشدد بنجامين على أن مواجهة الإرهاب والتطرف في اليمن لن تكون عسكرية فقط، بل ستعتمد أيضاً على تحسين أوضاع البلاد داخلياً، وهذا جزء أساسي من برنامج مكافحة الإرهاب الذي تنتهجه إدارة أوباما في اليمن وباكستان وغيرهما.

ويبدو أن الولايات المتحدة قد غيرت من سياستها السابقة التي تعتمد على تعزيز الديمقراطية في العالم العربي والإسلامي لمكافحة الإرهاب. فالولايات المتحدة في عهد الرئيس السابق بوش كان لديها تصور بأن نمو الديمقراطية وتعزيزها في العالم الإسلامي سوف يقلل من نسبة العداء لأميركا بين الشعوب العربية.

وقد أثبتت التجربة أن التحول في أي بلد عربي أو إسلامي نحو الديمقراطية لن يقلل من احتمال وجود إرهابيين وجماعات متطرفة، وأن قدوم الديمقراطية إلى دول الشرق الأوسط، سواء في باكستان أو أفغانستان أو العراق، لم يؤد إلى تجفيف منابع التطرف والإرهاب والحد من إمكانية قيام الجماعات الجهادية. بل إن التجربة الديمقراطية في كل من الكويت والبحرين ومصر والعراق... عززت نفوذ تيارات الإسلام السياسي، بشقيه السني والشيعي. وهذا يدل على أن الديمقراطية الانتخابية لن تخدم المصالح الأميركية الحالية، سواء في الحرب ضد الإرهاب أو في السياسات العامة الأخرى في الشرق الأوسط.

والآن تحاول الإدارة الأميركية التخلي عن الدعوات إلى تعزيز الديمقراطية، بل دعت هذه الإدارة إلى إجراء إصلاحات اقتصادية ومدنية تصب في مصلحة شعوب المنطقة؛ فالدعم الأميركي غير العسكري لليمن تضاعف أربع مرات منذ عام 2000 ليصل إلى 106 ملايين دولار حالياً، إضافة إلى الدعم الذي تشجعه الولايات المتحدة من خلال الشراكات العالمية عبر quot;مجموعة أصدقاء اليمنquot;، وكذلك دعمها الجهود التي تشمل تقوية سيادة القانون والتعليم في البلاد. أما بالنسبة لباكستان فهناك قانون quot;لوغر كيري -برمانquot; الذي ينص على تزويد إسلام آباد بنحو 1.5 مليار دولار سنوياً من المساعدات.

إن مشكلة نشر الديمقراطية أو إجراء إصلاحات اقتصادية ومدنية في الشرق الأوسط، ليست في أن العرب والمسلمين لا يحبونها، وإنما في أن الولايات المتحدة لن ترحب غالباً بالحكومات التي ستفرزها الديمقراطية، وأفضل دليل على ذلك ما حصل في فلسطين بعد فوز حركة quot;حماسquot;.

والحقيقة التي غابت عن صانعي القرار في واشنطن هي أن المشكلة لا علاقة لها بالقيادات السياسية الإسلامية، ولا بعداء الشارع العربي لأميركيا، ولا بقضية الفقر والتخلف السائدين في المنطقة... فكراهية الولايات المتحدة متأصلة في الشارع العربي، والحكومات العربية تنظر لواشنطن كحليف دائم للكيان الصهيوني. ولقد استبشرت الشعوب العربية خيراً بقدوم أوباما الذي اعتبرته منقذها المحتمل، لكن سرعان ما اتضح أنه غير قادر على فعل شيء، بل إن إدارته تضغط على الطرف الضعيف لتقديم مزيد من التنازلات.

ولا شك أن السياسية الأميركية ستواجه المزيد من المشكلات والمصاعب طالما أنها قد خذلت دول الاعتدال وشجعت التطرف الإسلامي المولد للإرهاب، والذي أصبح عملة رائجة في أوساط المحبطين. فما لم يتحقق السلام في المنطقة، فلن تحصل الولايات المتحدة على رضا العرب والمسلمين.