واشنطن
كتب موانغي كيمني، مدير المبادرة الإفريقية للنمو بمعهد بروكينغز، مقالاً نشرته صحيفة لوس أنجلوس تايمز، ذكر فيه أنه في غضون شهرين ستشهد القارة السمراء مولد إحدى الدول الجديدة، لتصبح آخر الدول في عهد العصر الاستعماري. فمن المتوقع أن يقصد شعب جنوب السودان في الـ9 من يناير القادم مراكز الاقتراع للتصويت في استفتاء على انفصال الجنوب عن شمال السودان. وتدل كافة المؤشرات على أن التصويت سيكون بأغلبية ساحقة على الانفصال. ولكن ما يثير قلق الكثيرين هو إجراء استفتاء يتمتع بالحرية والنزاهة.
وهذا الاستفتاء بمثابة تتويج لمسار دموي طويل، فقد خاض شمال وجنوب السودان حرباً أهلية ظلت مستمرة لعقدين من الزمن إلى أن انتهت بإبرام اتفاق سلام بين الطرفين المتناحرين عام 2005، ينص على إجراء استفتاء على انفصال الجنوب بحلول عام 2011.
لكن الجنوب ليس مستعداً بالقدر الكافي لإجراء مثل ذلك الاستفتاء الهام. فعلى سبيل المثال لم تبدأ عملية تسجيل الناخبين سوى من أسبوع واحد. فضلاً عن أن إقامة مراكز للاقتراع ليست بالأمر الهين في مثل تلك المنطقة التي تزيد مساحتها عن مساحة ولاية كاليفورنيا، والتي لا تتمتع سوى بـ 40 كيلومترا فقط من الطرق الممهدة. وهناك حاجة أيضاً إلى مراقبي الاستفتاء والشاحنات وأجهزة الكمبيوتر وما إلى غير ذلك من التجهيزات اللازمة.
وثمة تحدٍّ آخر متمثل في عملية رسم الحدود الفاصلة بين الشمال والجنوب. فبموجب اتفاق السلام المُبرم عام 2005، كان من المفترض أن يتم ذلك في غضون فترة لا تزيد عن ستة أشهر من تاريخ الاتفاق، لكن ذلك لم يتم. فالمنطقة التي سيتم ترسيم الحدود بها هي منطقة تتمتع بوافر من حقول النفط، فضلاً عن أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق بشأن تقسيم عائدات النفط.
والولايات المتحدة ليست الدولة الوحيدة ذات المصلحة في حل تلك المشكلة. فالصين أيضاً لديها مصلحة في خروج السودان من تلك الأزمة. إذ تحصل الصين على 7% من إمداداتها الأجنبية من النفط من السودان، فضلاً عن أنها تملك حصة 40% من شركة النفط الحكومية (GNPOC) بجنوب السودان. وبذلك فإن أي جدل بشأن حقول النفط يهدد إمداداتها.
وهناك ما يدعو المجتمع الدولي إلى أن يولي جنوب السودان اهتماماً متواصلاً إذا أراد إجراء استفتاء ناجح ذي مصداقية. والأمر يتطلب توفير الموارد والتمويل والخبرة اللازمة لمواجهة التحديات اللوجستية التي تتضمن تسجيل الناخبين، وإقامة صناديق الاقتراع، وحث المواطنين على الإدلاء بأصواتهم، وفرز الأصوات بصورة عادلة ونزيهة.
التعليقات