حسام كنفاني

رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في لبنان . الحدث كان من المفترض أن يكون عادياً في ظل الهجمة الدولية على الساحة اللبنانية، الذي بات أشبه بمطار لاستقبال وتوديع الزائرين الدوليين والعرب الساعين إلى تجنيب البلاد الانزلاق إلى مخاطر اقتتال وفوضى مع إصدار القرار الظني في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري .

كان من المفترض أن تكون زيارة أردوغان في مثل هذا الاتجاه، ولا سيما أن رئيس الوزراء التركي أبدى استعداد بلاده للانضمام إلى المساعي السورية السعودية لاحتواء تداعيات ما قد يحمله القرار الظني من اتهامات لعناصر من ldquo;حزب اللهrdquo; بحسب التسريبات الكثيرة التي صدرت تباعاً حول محتوى اللائحة الاتهامية . غير أن شكل الزيارة تحوّل إلى شيء آخر، سواء أراد أردوغان ذلك أو لم يرد . شكل مشابه إلى حد التطابق مع زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للُبنان وجولاته في المناطق المختلفة والحشود الشعبية التي جُمعت لاستقباله .

من عكار إلى صيدا مروراً ببيروت، شكّلت زيارة رئيس الوزراء التركي رافعة لطرف لبناني هو على طرف نقيض مع الطرف الذي استقبل الرئيس الإيراني . زيارة كانت فرصة إضافية لكشف حدة الاحتقان والاصطفاف في الشارع اللبناني الذي ينتظر دولاً حاضنة لمناخه الطائفي، وعلى هذا الأساس كان الحرص على إعطاء زيارة أردوغان هذا الطابع الاحتفالي لتشكّل ما يشبه مشاهد المواجه مع مشاهد استقبال الرئيس الإيراني .

اللافت في الأمر هو المواقف التي أطلقها رئيس الوزراء التركي من الأراضي اللبنانية . مواقف أيضاً فيها الكثير من التشابه مع تلك التي قالها محمود أحمدي نجاد، وخصوصاً في ما يتعلّق بالصراع مع ldquo;إسرائيلrdquo;، الذي باتت تركيا، منذ مجزرة أسطول الحرية، طرفاً فيه، ولو بشكل مؤقت . مواقف وضعت أردوغان في خانة الداعم لمقاومة الشعب اللبناني لكن وفق نظرة خاصة مختلفة عن تلك التي تقوم بها إيران ويصرّح بها نجاد .

مواقف أردوغان تطرح الكثير من التساؤل حول ما إذا كان هادفاً إلى تقديم صورة مشهدية وسياسية مشابهة لتلك التي أظهرها نجاد أم أن الأمر كان من ترتيب أطراف داخلية لبنانية أرادت وضع الزيارة في هذا الإطار . في الحالتين، سواء قصد رئيس الوزراء التركي أم لم يقصد، باتت الزيارة تقاس في الداخل اللبناني على أنها رد على استقبال نجاد، وهو ما يكرّس المسعى التركي منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة، وإخفاق محاولات الالتحاق بالاتحاد الأوروبي . مسعى عنوانه التحوّل إلى قطب إقليمي لا يمكن تجاهله، وهو ما بات مؤمّناً، سواء بالمواقف السياسية أو الشعبية الممتدة لتركيا ومواقفها ليس في لبنان وحسب، بل في العالم الإسلامي بشكل عام .