سعود السمكه
في مجلس الأمة عام 1999 حين فاز العضو الفاضل جاسم الخرافي بمنصب رئاسة المجلس، ولم يحالف الحظ العضو أحمد السعدون، أنا وكثيرون غيري استبشرنا خيرا وقلنا لعلها بداية لمرحلة جديدة في منطلقات العمل السياسي يتولى قيادتها النائب أحمد السعدون ليصبح خليفة للمرحوم عبدالعزيز الصقر وصحبه الكرام من رجالات الكويت الذين صنعوا وثيقة الدستور.
أنا وغيري كثيرون انحزنا الى جانب المنطق وصوت العقل وتصورنا الأمر كضرورة أن يبدأ النائب أحمد السعدون مشاوراته لتكوين فريق يتولى مهمة المعارضة الراشدة، المعارضة التي تبني ولا تهدم، تجمع ولا تفرق، معارضة تتبنى وضع الدستور في إطاره الصحيح وتتولى مسألة تطبيق القوانين كضرورة حتمية لأي خطوة نحو التنمية الحقيقية، معارضة تقف في وجه الفوضى وتتصدى لموجات الفساد وتحارب أسلوب التجاوزات والالتفاف على القوانين، معارضة ترفع شعار الوطن للجميع والعدل والحرية والمساواة دعامات المجتمع.
أنا وغيري كثيرون كنا نجزم بأن اخفاق النائب أحمد السعدون في منصب الرئاسة هو لمصلحة العمل السياسي في الكويت، وحزام حماية لأمن المجتمع من ان تخترق جداره سموم الطائفية والقبلية والفئوية، باعتبار ان النائب أحمد السعدون سيتولى قيادة معارضة لديها مشروع وطني يحصن المجتمع من آفات الفرقة ويمنع عنه الأمراض الاجتماعية.
كنت وغيري نتوقع من السيد أحمد السعدون الحرص البالغ على اختيار التوليفة النيابية التي ستتولى معه لعب دور المعارضة، على ان تكون من العناصر المشهود لها بالنفس الوطني والتاريخ السياسي المشرف، والتي تعي جيدا ماذا يعني حمل أمانة الأمة وما متطلبات المسؤولية، عناصر لديها مشروع بناء وطن قادر على التعايش بكل جدارة بين الأمم المتحضرة.
لكن للأسف، كانت قراءتنا خاطئة واكتشفنا في وقت متأخر ان السيد أحمد السعدون الذي كنا نراهن على حنكته السياسية، بأن هذه الحنكة مرتبطة ارتباطا عضويا بكرسي الرئاسة، وبمجرد ان غاب هذا الكرسي تلاشت تلك الحنكة! وبدل ان ينسى موضوع الرئاسة وينحاز الى حقيقة المنطق ويتولى مسؤولية قيادة العمل الوطني الهادف ويلم الناس الخيرين الذين ينشدون الخير والرفعة لوطنهم، نجده قد ساهم وبشكل مباشر وسريع في انحدار الأداء السياسي من خلال التوليفة التي اختارها من النواب كفريق يقوده للمعارضة، فأصبحت هذه المعارضة، لطبيعة اشخاصها، معارضة تفرق ولا تجمع تهدم ولا تبني، ليس لديها مشروع وطني بناء بقدر ما لديها قدرة على التخريب وثقافة الابتزاز، معارضة أدخلت الفرقة بين أبناء المجتمع، ووضعت حواجز وتقسيمات اجتماعية وفئوية في أوساطه من خلال تمترسها وراء البعد الاجتماعي، معارضة تعمل على حلب الدولة وتشتيت أموالها على كوادر وهبات من دون مردود إنتاجي، معارضة تريد ضرب اقتصاد البلد عبر مطالباتها الخرافية باسقاط القروض، معارضة لا تؤمن بدستور ولا بسواسية الناس وتخترق القوانين على مدار الساعة، وفي الأخير هي معارضة مضروبة من الأصل لكون اعضائها موزعين بين نواب انتخابات فرعية يحرمها ويجرمها القانون، وأعضاء ومفاتيح لأعضاء المجلس الوطني الذي تألف أصلا من أجل إلغاء الدستور، وأخيراً معارضة شجعت وحرضت ودفعت بفعل شروع متعمد لقتل المواطن محمد الجويهل!
فواأسفاه على الكويت!
التعليقات