تل أبيب

حريق الكرمل في إسرائيل، والقصور الإسرائيلي في مواجهته وبوادر في تغيير quot;حماسquot; لموقفها من عملية السلام، واستمرار تسلح quot;حزب اللهquot;... قضايا نعرض لها ضمن جولة سريعة في الصحافة الإسرائيلية.


فرصة لتحسين الصورة

طغت أحداث الحريق الذي التهم مساحة واسعة من الغابات في جبل الكرمل شمال إسرائيل على الصحافة العبرية حيث خصصت quot;هآرتسquot; افتتاحيتها ليوم أمس الثلاثاء للحديث عن الكارثة التي أسفرت عن مصرع 42 شخصاً وإخلاء الآلاف من المواطنين في المناطق المجاورة، وقد ركزت الصحيفة بصفة خاصة على مشاعر التعاطف التي أبدتها العديد من الدول حتى تلك التي لا توفر فرصة لانتقاد إسرائيل مثل تركيا التي أرسلت طائراتها للمساهمة في إخماد الحريق وتطويقه، هذا بالإضافة إلى بلدان أخرى مثل اليونان وقبرص ومصر والأردن التي أبدت استعدادها لإرسال طواقم الإغاثة، دون أن ننسى، كما تقول الصحيفة، برقيات التعزية التي بعث بها رؤساء الدول القريبة والبعيدة، لكن هذا التعاطف الدولي مع إسرائيل تدعو الصحيفة في افتتاحيتها إلى استغلاله الاستغلال الأمثل لفك طوق العزلة الماسك بخناق الدولة العبرية بسبب سياساتها الخارجية ورفضها وقف الاستيطان، داعية إياها إلى الحد من أوهامها الأمنية المبالغ فيها، فقد أظهر التدخل الدولي الأخير لمساعدة إسرائيل في محنتها استعداد المجتمع الدولي لاحتضان إسرائيل إن هي خففت من مواقفها في مسألة السلام واستجابت للمطالب الأميركية المطالبة بوقف الاستيطان، هذا بالإضافة إلى تفنيد آراء وتصورات اليمين المتطرف الإسرائيلي الذي يضخم من الجانب الأمني ويسعى إلى إقناع الإسرائيليين بتنامي العداء للسامية حول العالم، والحال أن التداعي الدولي لمساعدة إسرائيل يدحض هذا القول، ويفسح المجال أمام ترميم إسرائيل لصورتها ووصل ما انقطع في علاقتها بتركيا.

هل ستغير quot;حماسquot; مواقفها؟

تساؤل طرحه الكاتب والمعلق الإسرائيلي quot;زفي بارئيلquot; في مقاله المنشور يوم أمس الثلاثاء في صحيفة quot;هآرتسquot; محاولا استجلاء المواقف الأخيرة التي عبر عنها رئيس الحكومة المقالة quot;إسماعيل هنيةquot; على خلفية الوثائق المسربة من موقع ويكيليكس، فقد نقل الموقع عن هنية استعداده القبول بدولة فلسطينية في حدود العام 1967 إذا ما وافق أغلبية الشعب الفلسطيني على ذلك في استفتاء عام والتوافق حول تسوية معقولة لمعضلة اللاجئين على أن تبقى القدس الشرقية عاصمة للدول الفلسطينية، وزاد هنية، أن quot;حماسquot; مستعدة أيضاً لتفويض رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، للتفاوض مع إسرائيل وعدم تعطيل المسيرة السلمية، هذه المواقف غير المسبوقة التي أبدت فيها quot;حماسquot; مرونة في تصوراتها أثارت فضول الكاتب كما باقي المعلقين الإسرائيليين، فـquot;حماسquot; كانت إلى فترة قصيرة ترفض تفاوض منظمة التحرير الفلسطينية بتركيبتها الحالية باسم الشعب الفلسطيني وتعتبرها فاقدة للشرعية وكل ما كانت تريده من إسرائيل هو التوقيع على اتفاقية هدنة طويلة دون اعتراف بالحدود، وفي تفسير هذا التحول الذي كشفه موقع ويكيليكس يرى الكاتب أن quot;حماسquot; لم تتخلَ عن مبادئها كل ما في الأمر أنها تريد إغراء الولايات المتحدة، التي لاقت جميع مساعيها لدى إسرائيل الفشل بأنها شريك مهم في عملية السلام يمكن الاعتماد عليه والانخراط معه للدفع قدماً بعملية السلام المتعثرة بدلًا من الاستمرار في عزلها، هذا بالإضافة إلى مزاحمة quot;حماسquot; لفتح ومحمود عباس كممثلين شرعيين للشعب الفلسطيني لا يمكن التوقيع على اتفاق سلام دون إشراكها.

حالة الدولة

تنتقد الصحيفة في افتتاحيتها يوم أمس التعاطي الحكومي القاصر مع الحريق الكبير الذي شب في غابة الكرمل، فرغم ظهور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على شاشات التلفزيون مطمئناً الجمهور ومطالباً المساعدة الدولية كان الأولى، تقول الصحيفة، أن يعترف أمام الرأي العام بالتقصير الذي لحق العمل الحكومي في مواجهة ألسنة اللهب التي أتت على خمسة ملايين شجرة خلال أيام معدودة، وبدلاً من الاعتراف بالحالة المزرية التي وصلتها الجاهزية الحكومية والنقص الكبير في المعدات والأدوات اللازمة للتعامل مع الحريق والكوارث الطبيعية الأخرى أصر المسؤولون على تضليل الجمهور بالاعتماد على المساعدات الدولية؛ الصحيفة أيضا تكشف تقادم البنية التحتية الإسرائيلية، فتحت بريق البنايات الزجاجية اللامعة والشواطئ الذهبية على الساحل المتوسطي، وكل ما ينشر عن تقدم إسرائيل في الصحافة تكمن أجهزة حكومية عاجزة عن حماية أرواح المواطنين ومواجهة الكوارث الطبيعية، وما يترتب عليها من تعطيل في العديد من مناحي الحياة، إذ فور اندلاع النيران واتساع رقعتها تعطلت شبكة quot;سيلكومquot; للهواتف النقالة وانقطع الاتصال عن ثلاثة ملايين شخص ظلوا خارج التغطية، والمشكلة حسب الصحيفة ليس مجرد الخلل الواضح الذي وصم أجهزة الطوارئ في إسرائيل، بل في ردة فعل السياسيين الذين بدلاً من الاعتراف بالعجز والتقصير والتحلي بالتواضع أمام هول الكارثة راحوا يطلقون وعوداً كاذبة حول قرب الانتهاء من إخماد الحريق في ظل غياب طائرة واحدة تملكها إسرائيل متخصصة في إطفاء النيران.

تسليح quot;حزب اللهquot;

في تقرير نشرته quot;يديعوت أحرنوتquot; يوم أمس طفا quot;حزب اللهquot; على السطح بعد الوثائق التي سربها موقع ويكيليكس وتشير إلى استعادة quot;حزب اللهquot; لقدراته التسليحية بفضل استمرار تدفق السلاح من سوريا، والمثير في الموضوع الذي ركزت عليه الصحيفة اهتمامها أن القدرات الصاروخية لحزب الله لم تعد مقتصرة على صواريخ quot;الكاتيوشاquot; قصيرة المدى والقادرة على ضرب البلدات الإسرائيلية في المناطق الشمالية، بل بات الحزب بفعل التسلح المستمر يتوفر على صواريخ باليستية تستطيع الوصول إلى عمق إسرائيل، وقد كشفت البرقيات المسربة استياء الدبلوماسيين الأميركيين وعلى رأسهم هيلاري كلينتون من استمرار تدفق السلاح إلى الحزب عبر الحدود السورية، هذا الاستياء الذي حرصت الصحيفة على إظهاره من خلال إيراد برقية تشتكي فيها الوزيرة الأميركية من عدم التزام المسؤولين السوريين بتعهدات التعاون الأمني التي قطعوها على أنفسهم في السابق، وهي الاتهامات التي نفاها السوريون جملة وتفصيلاً حسب الصحيفة، وفي تقييم للوضع غير المستقر في المنطقة وتسلح quot;حزب اللهquot; الجاري على قدم وساق أرسل دبلوماسي أميركي في دمشق برقية خلال نوفمبر 2009 ونقلها تقرير يديعوت أحرنوت يقول فيها الدبلوماسي إن quot;سوريا مصرة على مساعدة حزب الله في بناء قدراته العسكرية، لا سيما التدفق المتواصل لصواريخ بعيدة المدى وتلك الموجهة عن بعد والتي من شأنها تغيير التوازن العسكري وإطلاق سيناريو أكثر دماراً من حرب 2006quot;.

إعداد: زهير الكساب