نورة السويدي


تنعقد القمة الحادية والثلاثون للمجلس الأعلى لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، في الإمارات (التي اختتمت أمس)، في ظل تواصل أجواء الاحتفاء الجماهيري العظيم بميلاد اتحادنا الميمون.

في تناغم وحدوي تلتقي فيه المنظومة الإماراتية الخاصة بالمنظومة الخليجية الكبرى، وتسترسل بين ثناياها معزوفة الاتحاد، لتكون نواة لعمل أوسع وأكبر على المستوى العربي من المحيط إلى الخليج.

ومن الإمارات بدأ هذا المشروع الخليجي الكبير، ولادة سجلت في سجلات الزمان أبجديات العلاقة الحقيقية بين الأشقاء، وإلى الإمارات تعود اليوم هذه القمة للمرة السادسة في عمر المجلس، لتجني ثمار العمل الخليجي المشترك منجزات تعود بالنفع على المنطقة والعالم العربي.

بل إن خيرها لا شك سيعم العالم أجمع، نظراً للمكتسبات المنفتحة التي تدعو إليها القمم الخليجية من أعضاء مجلس التعاون.

ولقد كان النجاح حليف القمم الخليجية السابقة على الدوام، نظراً لحرصها على ملامسة هموم المنطقة والقرب منها بجرأة ووعي وحكمة القادة الغيورين على منجزات الأمة، فحققت لشعوب الخليج ما تصبو إليه من مكانة جعلت دولنا مقصداً عالمياً للمبادرات النهضوية والإنسانية والعالمية، وغدت مفتاحاً لحل الكثير من الملفات والقضايا في العالم العربي.

واليوم تعقد القمة في الإمارات ويحدوها الأمل بتحقيق المزيد من النجاح، ولا أقل من التفاؤل الكبير الذي يظلل انعقاد هذه الدورة الحالية بالنتائج الاقتصادية المتوقعة للقمة الخليجية، وفي أنها ستكون نموذجية ومتميزة بقراراتها على صعيد الملف الاقتصادي والتعاون في مجال التخطيط والتنمية.

ولقد حرصت الإمارات على أن تكون رائدة في احتضان المبادرات الكبيرة، وتفعيل ما فيه مصلحة الجميع من أبناء دول المنطقة، انطلاقاً من إيمانها وإيمان قادتها المطلق بأن تحقيق الترابط والتكامل الاقتصادي بين دول مجلس التعاون، هدف استراتيجي وضرورة أمن.

خاصة مع ما يشهده العالم من توجهات نحو إقامة التكتلات الاقتصادية الكبرى، في مسعى دؤوب ودائم لدعم مسيرة العمل الخليجي المشترك، وتحقيق ما تصبو إليه شعوب المنطقة من أمن واستقرار وتقدم وازدهار.

وظلت حريصة على دفع مسيرته وتفعيل منظومته والتزام قراراته، لتلبية طموحات وآمال شعوبنا، وبلوغ الأهداف التي تمنح أبناءه آفاقاً جديدة للعمل والعطاء، وتفتح أمامهم أبواب الأمل.

وليس خافياً على أحد أسبقية الإمارات في خوض المبادرات الخلاقة على كل الأصعدة، وهي تبذل يمناها بالخير لكل دول العالم، باحثة عن كل ما يعود على الإنسانية بالخير، ويحقق للبشرية ما تصبو إليه من رقي ورفعة.

وإذا كان الحال كذلك فإنها في ما يخص الإخوة الأشقاء، أسرع في مبادرات الخير والعطاء والتعاون، وأحرص على مسابقة الزمن في تقديم ما يعود بالخير على أبنائه.

ولا يخفى على كل أحد من أبناء الخليج، أن مجلس التعاون يمثل تجسيداً حياً لارتباط شعوب الخليج وتلاحم مصيرها، وهو صرح اختاره القادة المؤسسون الذين يشعرون بنبض شعوبهم إحساساً عفوياً، ويدركون تماماً اتجاه تطلعاتها ولتحقيق آمال أبناء الخليج.

ولا شك أن العلاقة التي تربط الإمارات بالإخوة الأشقاء من دول الخليج، علاقة مميزة لا تحتاج إلى تنظير أو تأصيل، أكدتها وتؤكدها على الدوام دولتنا حكومة وشعباً.

حتى غدت نموذجاً يحتذى في العلاقات القائمة على وشائج وطيدة من القرابة ووحدة العقيدة واللغة والتاريخ والتراث الحضاري والآمال المشتركة، كما يؤكد قادتنا حفظهم الله تعالى.

والمأمول على الدوام أن تتواصل إنجازات المجلس وأن تنطلق مسيرة المواطن الخليجي على درب الرقي والتقدم، ووضع ثقة التكاتف والتعاون على أعلى المستويات لتعزيز مكانة المنطقة وشعوبها، وسيحقق العمل الخليجي المشترك أهدافه.

لأنه يتحرك اعتماداً على صدق نوايا القائمين على وجوده، وكما أكد ذلك صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله.

حين قال: laquo;إرادتنا صادقة ونيتنا خالصة في التوصل إلى أسلوب يضمن استمرار التعاون والتضامن بيننا، على نحو ثابت للمدى الطويل بطريقة بعيدة عن الارتجال، فقد تسنى لنا أن نقيم صرحاً يستطيع كل مواطن خليجي وعربي أن يعتز به ويفخر، وهذه حقيقة تاريخية لا يمكن إنكارها.

لقد استطاع قادة دول الخليج العربية أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية التاريخية، ويرسموا الطريق أمام الأجيال المقبلة من أبنائناraquo;، فمجلس التعاون كما يقول سموه laquo;هو اللبنة الأولى في بناء وحدة الأمة العربية، ويندرج في نطاق ميثاق جامعة الدول العربية الذي يشدد على أهمية التعاون بين الدول الأعضاءraquo;.

مؤكداً laquo;أن التنسيق والتكامل السياسي والعسكري، يظل ناقصاً وهشاً ما لم يستند إلى التكامل الاقتصادي الذي يعتبر الأساس في أية عملية تكاملية تطمح إلى البقاء والاستمرارraquo;.