حسن عبدالله عباس


تمر الكويت هذه الأيام بأوضاع مربكة وغير مستقرة وينبغي على كل فرد منا أن يتحمل مسؤوليته. لهذا ومن منطلق المسؤولية بودي أن أوجه حديثي اليوم إلى النواب الشيعة، بالنظر إلى انحيازهم الكبير لجانب الحكومة وسكوتهم المستغرب لما تعانيه الساحة السياسية من اضطراب يصعب التغاضي عنه ولو ببيان أو تصريح استنكاري عابر!
قبل أن أكمل، ألفت نظر القارئ إلى أن الحديث مع النواب الشيعة لا يعني البتة أنهم طيف واحد. فهذا ما قلته سابقاً في محضر ردي على مقالة كتبها الزميل سعود العصفور قبل العطلة الصيفية. فالجميع يعلم أن النواب الشيعة كغيرهم ينتمون لتيارات سياسية متنوعة ومتباينة. لهذا فإن الحديث سيدور فقط حول العامل الذي يربطهم جميعاً وهو انحيازهم المكشوف للحكومة!
نوابنا الأفاضل، صحيح أن الشيخ ناصر المحمد له وقع خاص في القلوب. وصحيح أن الحكومات التي تولاها وخصوصا الأخيرة كانت مميزة من خلال درجة التعاون معها وتمرير الكثير من التشريعات. نعم صحيح كل ذلك، فنحن بالفعل بحاجة إلى استقرار سياسي في البلد من دون شك.
فكل ذلك نقدره ونعلمه جيداً، فالحكومة بنظركم أنها حكومة إصلاحية، أو على الاقل وبالنسبة لي أنها حكومة ركبت السكة الصحيحة وبحاجة إلى معاونتها وتشجيعها لاستكمال المسيرة. لكن، والمَحَك هنا، هذه الحكومة لا يعني أبداً أنها laquo;مثاليةraquo; وبلغت الثقة ويمكن الركون إليها! فالحكومة التي لا تنفذ الأحكام القضائية، والحكومة التي إما أن تتغيب وإما تستأنس بالجلسات السرية وتعجز عن المواجهة، والحكومة المتخبطة التي لا تدري متى تقيد الحريات ومتى تفتحها، والحكومة التي لا تعرف كيف تطبق القوانين وما هي حدودها وما هي الأزمنة المناسبة لتطبيقها، والحكومة التي ينتابها التردد والخوف وتنتظر تعليمات حضرة صاحب السمو ليرشدها في تطبيق القوانين، حكومة كهذه ينبغي الحذر منها! نعم حكومة كهذه- أو أي حكومة- ينبغي الحذر منها لأنك لا تدري متى تنقلب حينما تتغير الظروف وتتبدل!
هذا السكوت غير المبرر للنواب الشيعة لا يبدو أنه في محله! صحيح أن هذه الحكومة متفهمة أكثر بالنسبة لمطالب الطائفة، صحيح وكما أرى شخصياً أن سمو الشيخ ناصر المحمد يحمل نوايا جادة في تحسين الظروف الديموقراطية في البلد، لكن مجرد النوايا لا تكفي! فالحذر الحذر! مرت أحداث كثيرة ولم نسمع من laquo;الموالاة الشيعيةraquo; أي صوت يُذكر! بل مجرد همسات وهمهمات لا أكثر! ليس المطلوب الابتعاد عن الحكومة، ولكن لا أقل من التوقف عند الدستور والقوانين واستنكار التعدي عليها، حتى مع وجود معارضة مزعجة وسيئة كتلك! فبغض النظر عن هوية المعارضة ودرجة مشاكستها، المبادئ الدستورية والوطنية لا يجوز أن تكون موضوعاً للمساومة!
ليس هذا فقط اللافت للنظر، بل laquo;التحمس الشديدraquo; من السيد حسين القلاف وتصرفاته وتصريحاته فهي بحد ذاتها استفزازية وتزيد الامور خراباً! يا سيد المشكلة ليست بينك والقوى السلفية بالبلد، فالمشكلة بينها وبين الحكومة! ففي الوقت الذي نرى بأن تصرفاتك وتشنجاتك ودفاعك المستميت عن الحكومة مبالغ فيه، نحذر بأن استصغارك الدائم لنواب يمثلون قطاعا واسعا في المجتمع له آثار وأبعاد خطيرة على الشارع! فاللباس الشرعي والديني يُلزمك مسؤولية أكبر بالانضباط والهدوء والحكمة السياسية!