الخليج تستطلع الآراء حول دعوة البرزاني الانفصالية


أربيل - زيدان الربيعي

بعد أن وجه رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني دعوته إلى الشعب الكردي لكي يختار الطريقة التي تتناسب مع رغباته في تقرير مصيره، بدأت مخاوف كثيرة في الشارع العراقي من احتمالات أن تؤدي هذه الدعوة إلى ضرب وحدة العراق، بعد أن عاش أبناء العراق من جميع المكونات بحب وسلام موحدين وعانوا المعاناة نفسها وشعروا بطعم الملذات بمذاق واحد في القرون والعقود الماضية . ولم تقتصر هذه المخاوف على العراقيين فقط، إنما امتدت لتشمل بلداناً عربية وإقليمية وحتى في قارات أخرى، لأن أغلبية المتخوفين من تقسيم العراق لا يتمنون ظهور خريطة جديدة لهذا البلد، بل يرغبون في أن يتكاتف العراقيون فيما بينهم من أجل أن يتخلصوا من كل المحن والإشكالات والتداعيات التي تعرض لها بلدهم في السنوات الماضية .

ولأجل معرفة رأي أصحاب القرار أنفسهم في تنفيذ دعوة البرزاني قامت ldquo;الخليجrdquo; بجولة في إقليم كردستان لمعرفة نبض الشارع الكردي من هذه الدعوة حيث لم يكن هناك أي تفاعل مع الموضوع في الشارع، حيث لا توجد لافتات أو دعايات تحفز المواطنين الأكراد على تأييد هذه الدعوة يضاف إلى ذلك أن المواطنين الأكراد لا يتحدثون عن هذه المبادرة، بل هم منشغلون بأعمالهم وممارسة حياتهم الطبيعية وسط الأجواء الأمنية والمناخية الجميلة جداً . لكن بالمقابل وجدنا بعض المواطنين الأكراد متحمسين لهذه الدعوة، في حين أكد آخرون أنها دعوة غير قابلة للتطبيق في الوقت الراهن، بينما أشار بعضهم إلى أنهم لا يريدون الابتعاد عن مكونات الشعب العراقي الأخرى، وتالياً تفاصيل آراء المواطنين الأكراد عبر هذا الاستطلاع:

وزير الثقافة والشباب في حكومة إقليم كردستان كاوه محمود قال: إن من حق الشعوب كافة أن تقوم بتقرير مصيرها وفقاً للرؤية التي تجدها مناسبة لمصالحها المختلفة وهذا الحق موجود في المواثيق الدولية وهذا الأمر ليس بالجديد، لذلك فإن البرزاني أكد هذا الحق في دعوته الأخيرة .

وأوضح أن هناك مواقف مسبقة ضد هذه القضية، حيث إن هناك من يتحدث عن العملية السياسية وقد يشارك فيها إلا أنه لا يذكر حتى كلمة كردستان في كلمته التي يلقيها بمناسبة المؤتمر العام للحزب الديمقراطي الكردستاني . لذلك فإن مواقف هؤلاء قد تكون مواقف ldquo;شوفينيةrdquo; وعليه فإن هذه المواقف لا تنسجم مع العملية السياسية ومع ما نعمل من أجله .

وأكد أن الأكراد في المنعطفات الأساسية كانوا إلى جانب وحدة العراق، لكن يجب ألا يكون هذا الأمر على حساب الشعب الكردستاني وليس على حساب تقرير المصير، لأن تقرير المصير هو حق وهذا الحق عبر عنه الشعب الكردستاني من خلال قرار برلمان إقليم كردستان في الظرف الملموس عبر خيار الفيدرالية ضمن عراق اتحادي، وهذا له موجود أيضاً في الدستور العراقي، لذلك فإن الأكراد الآن مع وحدة العراق وهم حافظوا على وحدته بشكل عملي من خلال مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني، حيث نجحت هذه المبادرة في لمّ الشمل العراقي .

الاستقلال يصنع السلام

قالت مي فيان ldquo;مثقفة كردية من محافظة دهوكrdquo;: إن تقرير المصير شيء معروف وحق معروف لجميع الشعوب الموجودة على أرض المعمورة، لذلك بما أننا أمة كردية لنا وجود في أماكن كثيرة من العالم ولنا حضارة عميقة داخل العراق وقد شهدنا الويلات والمآسي والمصائب في عهد الحكومات العراقية السابقة التي اضطهدت الأكراد وقتلت منهم أعداداً كبيرة جداً، وقد توجت هذه المآسي بمجزرة حلبجة التي ارتكبها النظام العراقي السابق الذي كان أكثر قسوة وظلماً على الأكراد بشكل خاص وعلى عموم العراقيين، فإن من حقنا أن نقرر مصيرنا بأنفسنا، فضلاً عن ذلك ليس من حق الآخرين أن يمنعونا من هذا الحق، وعليه أنا مع دعوة رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني الأخيرة التي دعا فيها الشعب الكردي إلى تقرير مصيره بنفسه، واختيار الطريقة التي يراها مناسبة له ولمستقبله .

وأضافت أنا أحترم الشعب العراقي ldquo;العربيrdquo; كثيراً كما أحترم الشعوب العربية الأخرى . وقد عشنا مع الشعب العربي وأخذنا من ثقافته، وأخذ من ثقافتنا، لكن هذا الأمر لا يمنع من أن يختار الشعب الكردي الطريقة التي تتناسب مع ما يتمناه للأجيال المقبلة .

وأوضحت أنا أم وأحب أن أحتضن أولادي وأرعاهم، لكن عندما يتزوج ابني أتمنى له أن يسكن بمفرده مع عائلته حتى يستطيع أن يرسم البرنامج الذي يتناسب مع عائلته الجديدة، بعيداً عن تدخلات عائلته السابقة . لذلك فالأمة الكردية عموماً، والشعب الكردي في إقليم كردستان له الحق في تكوين دولته المستقلة، وهو بهذا التكوين لن يكون قد اعتدى على أحد أو سرق هذا الحق من أحد أو منح له كهبة من أحد، بل هو حق مشروع لكل الشعوب وهناك دول صغيرة جداً في أوروبا كل مساحتها الجغرافية وتعداد سكانها لا يصل إلى قضاء في إحدى محافظات إقليم كردستان .فكيف حصلت هذه الدول على استقلالها، وانضمت إلى الأمم المتحدة وبقية المنظمات الدولية، لذلك أتمنى من القيادات الكردية أن تقوم بتقرير المصير اليوم قبل الغد . وأعتقد أن مجرد دعوة البرزاني الأخيرة هي خطوة أولى في تحقيق هذا الحلم .

وختمت كلامها بالقول دعونا نعش بسلام مع الجميع، لأن الاستقلال هو الذي يفرض الاحترام، ويجعل السلام يعم في جميع الأرجاء، بينما النزاعات والحروب والمؤامرات ومصادرة الحريات، قنوات للقتل والدمار وانتهاك كرامات وحقوق الإنسان .

الوضع لا يسمح بإقامة دولة كردية

وعلى العكس من ذلك رأى المثقف والفنان الكردي جهاد دلباك أن الظروف الراهنة في العراق والمنطقة، وكذلك في المجتمع الدولي لا تسمح على الإطلاق بوجود دولة كردية في المنطقة، رغم أن الجميع يقرون بمدى الانتهاكات التي تعرض لها الشعب الكردي على يد الحكومات العراقية السابقة وحكومة صدام حسين على وجه التحديد . وأضاف أن دعوة البرزاني لم تأتِ من فراغ، بل جاءت لكي تؤسس لحالة قد تتحقق في المستقبل، خصوصاً أنه لم يدع إلى الانفصال عن العراق، إنما دعا الشعب الكردي إلى اختيار الطريقة التي تناسبه في تقرير مصيره وقد يقوم هذا الشعب باختيار الدولة الكردية المستقلة أو يختار البقاء في الدولة العراقية الفيدرالية . وأكد أن حق تقرير المصير حق مكفول من قبل المنظمات الدولية المختلفة، لذلك أرى أن من حق الشعب الكردي أن يختار ما يريد، لكني متأكد أن الأكراد لن يختاروا الانفصال عن العراق، لأنهم يعرفون أن المناخ الإقليمي والدولي لا يسمح لهم بذلك وهم عبر هذا الخيار سيحققون الكثير من المنجزات، لأن إقليم كردستان شهد طفرات اقتصادية وعمرانية كبيرة من خلال اختياره النظام الفيدرالي ضمن العراق الموحد .

الخيار بيد المواطنين

وقالت دنيا ldquo;فنانة كرديةrdquo;: إن إقليم كردستان شهد قفزات متطورة كبيرة في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يؤكد أن القيادات الكردية في الإقليم تعمل بشكل صحيح، وهي حريصة جداً على تحقيق كل رغبات الشعب الكردي وفي المجالات كافة . لذلك أرى أن دعوة رئيس إقليم كردستان مسعود البرزاني الأخيرة هي دعوة مدروسة ويهدف من خلالها إلى خدمة طموحات الشعب الكردي وسيبقى الخيار بيد الأكراد في الإقليم . لكنها استبعدت أن يختار الأكراد خيار الانفصال عن العراق،لأنهم عاشوا مع بقية مكونات الشعب العراقي لقرون عدة وبينهما تاريخ مشترك، لكن التمني شيء وخيار الشعب الكردي شيء آخر، لأن خيار الشعب يجب أن يحترم مهما كان . متمنية أن يعم الأمن والسلام جميع إرجاء العراق، وهويتي عراقية ولا أحمل غيرها .

ورفض عمر جاشوين ldquo;ممثل كرديrdquo; كل دعوة لتقسيم العراق أو حرمان أبناء شعبه من التلاقي فيما بينهم إلا عبر التأشيرات التي تمنح على حدود البلدان .

وقال أنا كردي عراقي وهويتي عراقية ولا يمكن أن احمل هوية أخرى .حيث حققت الكثير من نجاحاتي وطموحاتي لأجل العراق وليس لأجل محافظة أو مدينة معينة . وأضاف أن دعوة رئيس الإقليم مسعود البرزاني هي دعوة شرعية لأنها لم تتضمن نقطة واحدة لانفصال الأكراد عن العراق، بل وجدنا أن البرزاني قد وضع الكرة في ملعب المواطنين الأكراد وهم بذلك سيتمتعون بحرية الاختيار، لكن الأكراد، ورغم معاناتهم الكبيرة في العقود السابقة بسبب حالات الاضطهاد التي تعرضوا لها على يد سلطات النظام السابق ألا أنهم عراقيون وسيبقون يعتزون بعراقيتهم .

وأكد أنني أتألم كثيراً جداً وأبكي كثيراً للذي تعرضت له العاصمة العراقية بغداد بعد الاحتلال، لأنني عشت سنوات جميلة فيها، ولي أصدقاء كثيرون فيها، وهي لا تستحق هذا الدمار الذي حل بها . لذلك لا أريد أن أبتعد عن بغداد ولا أريد لبغداد أن تبتعد عني وعن عموم الأكراد، لأنها مدينة رائعة جداً، وبقية المدن العراقية رائعة ولا أتصور أنني في يوم من الأيام أدخل بغداد عن طريق جواز سفر، لأنني تعودت زيارتها والبقاء فيها والتجول في شوارعها كمواطن عراقي وتعاملت معي بحب واحترام كما تعاملت مع أهلها الطيبين .

فضلنا البقاء مع العراق

قال أنور الشيخاني ldquo;مثقف وفنان من إقليم كردستانrdquo;: إن دعوة البرزاني إلى الشعب الكردي لكي يقرر مصيره ليست بالظاهرة الجديدة في العالم، إنما هي دعوة طبيعية جداً، لأن أي شعب على أرض المعمورة له الحق الكامل في تقرير مصيره .

وأضاف أننا كأكراد قررنا البقاء مع العراق الموحد ضمن النظام الفيدرالي والدستور العراقي الذي شارك الأكراد في كتابته ضمن حقوق جميع المكونات العراقية . فضلاً عن ذلك أن الأكراد الذين عاشوا مع الشعب العراقي العربي في العقود الماضية مازالوا يرتبطون بعلاقات وثيقة جداً مع إخوانهم وأصدقائهم في بقية المحافظات العراقية . كذلك أن الكثير من الطاقات والكفاءات العراقية الرائعة جداً موجودة في إقليم كردستان لذلك أرى أن الأكراد هم عراقيون أصلاء يحبون العراق ويخلصون كثيراً له وتبقى دعوة البرزاني إلى الأكراد دعوة طبيعية جداً، لأنه وضع الكرة في ملعبهم فإذا أرادوا البقاء مع العراق فهذا عائد لهم، أما إذا أرادوا الانفصال وتكوين دولتهم الخاصة فهذا الأمر أيضاً عائد لهم .

البرزاني حريص على وحدة العراق

وقال وليد معروف ldquo;مثقف كرديrdquo; إن دعوة البرزاني لم ترد فيها كلمة واحدة تدعو إلى الانفصال عن العراق، أنما وجه الدعوة إلى الشعب الكردي لكي يختار القرار الذي يناسبه عبر استفتاء رسمي ينظم وبذلك يكون من حق المواطن الكردي أن يقول نعم أو لا لأي خيار من الخيارات الموجودة بورقة الاستفتاء . وأضاف أن مسألة تقرير الشعوب لمصيرها مسألة مشروعة خصوصاً أننا نعيش في أجواء ديمقراطية يكون فيها صوت المواطن هو الذي يقرر، وليس السياسي، كما كان يحدث من قبل . لكن الذي يطرح هذا الأمر هو السياسي أو المسؤول الأول في هذه الدولة أو في هذه المحافظة، لذلك عندما طرح البرزاني دعوته الأخيرة كانت الدعوة موجهة إلى الشعب الكردي وليس لغيره وقد استغربت كثيراً من حالة التضخيم من قبل بعض الجهات ضد هذه الدعوة .

وأكد أن البرزاني حريص جداً على وحدة العراق والدليل على ذلك أن الأزمة السياسية الخانقة التي مرت بها العملية السياسية لم تحل ولم تشهد انفراجاً حقيقياً أفضى إلى تشكيل الحكومة العراقية الجديدة برئاسة نوري المالكي إلا عبر مبادرة وطنية من البرزاني جمع فيها الفرقاء في أربيل وتابعها في بغداد وهذا دليل أكيد على أن القضية العراقية تهم البرزاني وكذلك القيادات الكردية الأخرى، ولولا هذا الاهتمام لما تدخل البرزاني في حل الأزمة السياسية خصوصاً أن إقليم كردستان يعيش وضعاً أمنياً وسياسياً مستقراً . فضلاً عن ذلك أن البرزاني يؤكد أن السياسة أخلاق قبل كل شيء آخر .

أنا مع دعوة البرزاني

وقال شاخوان إدريس محمد مدير السينما في محافظة أربيل، عاصمة إقليم كردستان وهو صحافي أيضاً: إن حق تقرير المصير أمر مشروع جداً وهو مكفول للشعوب كافة .

وأضاف أن الضجة التي أثيرت حول دعوة البرزاني من قبل بعض الجهات والأطراف المحلية والخارجية كانت مفتعلة ولها أهداف لا تتماشى مع أهداف وتضحيات الشعب الكردي .

وذكر أن الذين ركزوا على دعوة البرزاني قد تجاهلوا الكثير من النقاط الايجابية التي تهم عامة الشعب العراقي التي تطرق لها البرزاني في خطابه الأخير .

الدعوة ليست جديدة

قال آزاد دارتاش ldquo;كاتب وصحافيrdquo;: إن حق تقرير المصير لكل الأمم هو حق مشروع وبما أن هذا الحق مشروع، فإن للأكراد الحق أيضاً في تقرير مصيرهم بالطريقة التي يجدونها ملائمة لهم بما في ذلك الانفصال وتكوين دولتهم القومية المستقلة . مستغرباً من حالة الضجيج التي آثارتها بعض الجهات المحلية والخارجية حول دعوة البرزاني إلى الشعب الكردي في تقرير مصيره، علماً أن هذه الدعوة ليست جديدة لا على الساحة الكردستانية ولا على الساحة العالمية، حيث إن هناك الكثير من الاستفتاءات التي تقرر مصير الشعوب وسوف نشهد قريباً استفتاء حول تقرير مصير جنوب السودان بيد أبنائه والحال ذاته سبق أن حصل في أوروبا وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق وكذلك في يوغسلافيا السابقة التي تقسمت إلى دول عدة .

وأضاف أن المعارضين لدعوة البرزاني الأخيرة قد بالغوا كثيراً في توصيفها وتوصيف أهدافها ولا يوجد لهم أي مبرر مقنع .

وأكد أن الشعب الكردي وكذلك القيادات الكردية قد اختارت البقاء في العراق الفيدرالي الموحد بعد سقوط النظام العراقي السابق في عام 2003 عن قناعة تامة، كان بالإمكان الانفصال وتحقيق طموحات الأكراد في بناء دولتهم المستقلة . لذلك فإن دعوة البرزاني إلى الشعب الكردي في تقرير مصيره هي دعوة جيدة وسوف تكون لها ثمار ناضجة في المستقبل وسيقول الشعب الكردي كلمته الفصل في تكوين دولته القومية، الوطنية المستقلة أو البقاء في العراق الفيدرالي الاتحادي الموحد، لأننا لا نريد للمواطن الكردي أن ينظر له على أنه مواطن من الدرجة الثانية كما كانت تفعل من قبل الأنظمة القمعية السابقة .