يوسف الكويليت
laquo;نيويورك تايمزraquo; قالت إن أمريكا سمحت لشركاتها عقد صفقات مع إيران بالمليارات تحت تخريج بند يسمح بذلك، والغاية هنا لا تخفى كما يظهر، لأننا نعرف أن الدول الكبرى ليست معنية بالتزامها بالقوانين أو المعاملات السياسية والاقتصادية، حتى لو فرضتها على غيرها ولم تلتزم بها، ومبدأ تحقيق المصلحة يلغي ما قبله وبعده، وأمريكا مارست هذا العمل المزدوج مع الدول التي تسميها مارقة، أو تهدد أمنها، وعراق صدام عندما فرض عليه الحصار العسكري والاقتصادي، كان يدرك أنه للاستهلاك السياسي، فكانت مبيعات النفط ومستوردات العراق من عوائده تأتي من شركات أمريكية، وأوروبية..
إيران ربما أنها الأذكى في ممارستها لسياستها لأن لديها مغريات تتقهقر أمامها مكاييل أمريكا، وتسريبات الصحيفة الأمريكية لعقد تلك الصفقات ليس سرا، لكن الغريب أن ما تبيحه أمريكا لنفسها وتحرمه على غيرها، لا يخفى على حلفائها، لكنه يغيب عمن يطاوعونها في الالتزام بقوانين الحظر والمقاطعة..
نعرف أن هذه السياسة مطبقة مع كوبا، وكوريا الشمالية، وكل دولة تقاطعها أمريكا في العلن وتتعامل معها بالسر، والموضوع الاقتصادي قد لا يكون البند الوحيد في العلاقة، لأن الشكوك التي تحوم حول النوايا الامريكية، تؤكد أن العلاقات لم تقطع وأن تنسيقاً إستراتيجياً يتم بين البلدين، وتشاركهما إسرائيل بفوائد المنافع في قبول شريك قوي يقوم بالأدوار المطلوبة أفضل من جبهات في المنطقة بقيت هلامية وضعيفة..
إيران تملك بدائل كثيرة في تعاملها الاقتصادي مع كل دول آسيا وأمريكا الجنوبية ومحيطها القريب، وتفهم أن إغلاق منافذها على السوق العالمي مستحيل وأن ما يعلن ويقال لا يطبق على الواقع، وخاصة أن إيران تملك مغريات لمشاريعها لا يمكن لأمريكا أن تتركها لغيرها، وإلا فهي حماقة لا تتفق مع مصالحها..
سبق أن قاطعنا إسرائيل، لكن مقاطعتنا لم تكن تملك الأسلحة التي تنفذها حينما خرجت البضائع الإسرائيلية المصدرة للسوق العربي بعلامات تجارية أوروبية وأمريكية، وبقي الحظر مجرد شكل سياسي وليس رادعاً اقتصادياً، والآن وأمريكا تفرض على العديد من الدول مقاطعة إيران، وتخالف ذلك وفق قناعاتها خاصة، ولا تستطيع أن تجبر الآخرين بضرورة التقيد بمساراتها وقوانينها، وهذا يفتح نوافذ مغلقة تبرر المعاملة بالمثل..
سيادة القوة ليست دائماً تمارس الوجه الواحد، وهذا معمول به منذ أزمنة الإمبراطوريات الكلاسيكية وإلى إمبراطوريات اليوم، لكن الغريب أن ينخدع العالم بهذه السياسات، وهو يرى الواقع مختلفاً، وقد نقول إن أمريكا على حق، لكن لماذا تخادع حلفاءها وأصدقاءها بما تنكره عليهم وتبيحه لنفسها، أو هي سياسة المكاييل التي تزن الأمور بالمصالح وحدها..
التعليقات