صالح لافي المعايطة

عندما نتحدث عن ليبرمان وزير خارجية إسرائيل في حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة لا نتحدث عن ظاهرة وإنما نتاج عقيدة سياسية وايدويولوجية وقوة عسكرية متغطرسة. ليبرمان الذي هاجر من الإتحاد السوفياتي في سبعينيات القرن الماضي يمثل حالياً تياراً فاعلاً في إسرائيل فهو يحمل أحقاداً موروثة، فعندما كان في الاتحاد السوفياتي مُنع من دراسة القانون الدولي لأنه يهودي، وعندما وصل إلى إسرائيل دخل الجيش برتبة عريف في سلاح المدفعية وبعد تسريحه من الخدمة أكمل تعليمه الجامعي وأخذ يتقرب من حزب الليكود، ثم عمل حارساً في ملهى ليلي قبل أن يصبح مديراً للملهى، لكنه استمر في المعترك السياسي من خلال حزب الليكود واشغل منصب مدير مكتب لرئيس حزب الليكود.

في عام 1999 أسس ليبرمان حزبا عنصريا ودخل الكنيست بأربعة مقاعد، وفي انتخابات 2006 حصل على عشرة مقاعد، وهنا بدأ يظهر حزب إسرائيل بيتنا الذي شكل مع أولمرت وحمل حقيبة الشؤون الإستراتيجية المعنية بالتصدي لإيران، ولكن في عام 2008 خرج ليبرمان وحزبه من حكومة يهود اولمرت احتجاجاً على استئناف محادثات السلام مع الفلسطينيين، وبعدها وفي عام 2009 نجح حزب ليبرمان بالحصول على 14 مقعداً متقدماً على حزب العمل ودخل في إئتلاف مع نتنياهو وحصل على حقيبة الخارجية ومنصب نائب رئيس الوزراء.

علينا أن نتوقف عند أفكار وتوجهات ليبرمان التي تهدف إلى طرد عرب إسرائيل أو تحويلهم رسمياً إلى مواطنين من الدرجة الثانية، وتمزيق الضفة الغربية وضم أجزاء شاسعة منها للدولة اليهودية وإجبار سكانها الفلسطينيين على الرحيل أو العيش كسجناء في كونتونات مغلقة، وهو معاد للعرب ولا يؤمن بالتعايش السلمي، وآخر ما قام به ليبرمان هو معاملته للسفير التركي في إسرائيل بأسلوب همجي والتقليل من أهمية تركيا وعدم الاعتذار بشكل مباشر.

في ظل هذه التصرفات من نائب رئيس وزراء ووزير خارجية إسرائيل هلي هي تتوجه نحو السلام والحوار أم نحو الانغلاق والانعزالية والتطرف؟ وهل إسرائيل جادة في حل النزاع العربي الإسرائيلي أم لا زالت تفضل إدارة النزاع بدلاً من حل النزاع، حيث لا زالت حكومة نتنياهو تسير باتجاه أقصى اليمين والتطرف وترفض حق الشعب الفلسطيني في إنشاء دولته في القدس، كما أن نتنياهو يكرر ما بين الفترة والأخرى رفضه للمبادرة العربية ويفضل انضمام إسرائيل إلى المجموعة الأوروبية وحلف الناتو، كما لا يزال ليبرمان أشد الداعين لضرب إيران ولبنان وغزة وحتى مصر التي هددها يوماً بضرب السد العالي بالصواريخ وأهان رئيسها لرفضه زيارة إسرائيل.

لا يوجد في قاموس ليبرمان شيء اسمه السلام وهو يعمل على خلط الأوراق وإظهاره للعالم أن قضية الشعب الفلسطيني هي قضية خدمات ومقاربة إنسانية لا قضية دولة وحدود وعاصمة وحقوق شعب ومواطنين، وهذا يتطلب من الخطاب الرسمي العربي أن يتعامل مع هذه المتغيرات ويتوجه إلى الرأي العام الإسرائيلي لإظهار حقيقة ليبرمان، وعلى إسرائيل أن تتراجع عن مفهوم يهودية الدولة، فأين حقوق عرب إسرائيل، وكيف يطمسها ليبرمان؟ فإسرائيل لم تعد دولة جبارة وتفرض إرادتها بالقوة والعنف، فهذا الزمن قد ولىّ لا رجعة فيه، فليبرمان بحاجة لمن يقول له أن هيبة الردع الإسرائيلية وحرب الأيام والساعات قد انتهت، وإذا لم يصدق فعليه أن يعود إلى معركة الكرامة والموقف الإسرائيلي عندما طلبت إسرائيل ولأول مرة وقف إطلاق النار، وكذلك حرب تموز على لبنان وحرب 2009 على غزة، والقادم أعظم.