فشله كـ laquo;مبعوث الرباعيةraquo; في مهمته يكمن في نجاحه كـ laquo;رجل أعمالraquo;
لندن - إلياس نصرالله
رغم تظاهره باعتزال العمل السياسي على الساحة البريطانية، يواجه مبعوث اللجنة الرباعية إلى الشرق الأوسط، رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، حملة انتقادات شديدة ومركزة لم يسبق أن واجهها سياسي أو رئيس وزراء بريطاني سابق من قبل، إذ تشير كل الدلائل إلى أن بلير لا يزال ينشط في شكل أو بآخر من أجل إعادة انتخاب حزب العمال برئاسة غوردون براون بغالبية كبيرة تؤهله للاستمرار في الحكم لأربع سنوات مقبلة، الأمر الذي يثير حفيظة الأحزاب المعارضة وبالذات حزب المحافظين بزعامة ديفيد كاميرون ويدفعها لمهاجمة بلير بلا رحمة.
ومع أن السبب الرئيس للهجوم على بلير سياسي، إلا أن الحملة ضده تتركز على جوانب شخصية وبالأخص نشاطه المالي أو التجاري اللافت للنظر.
ولم تكن صفقة المليون جنيه، لقاء التقرير الاستشاري الذي أعده بلير لحساب الحكومة الكويتية وتناقلت وسائل الإعلام تفاصيله أخيراً، هي القشة التي قصمت ظهر البعير، إذ إلى جانب هذه الصفقة تم الكشف عن صفقات أخرى متعددة ومثيرة للدهشة، نظراً للقدرة الهائلة التي يتمتع بها بلير في تحقيق المكاسب المالية عبر أساليب لا تخطر لأحد على بال، حيث يتضح من التقارير المنشورة عن هذا النشاط، والمخفي منه أعظم، أنه لم يترك باباً يمكن أن يُدِّر عليه المال إلا وطرقه، مستغلاً نفوذه وعلاقاته الشخصية التي بناها على مدى العشر سنوات التي كان فيها رئيساً للوزراء منذ فوزه في الانتخابات النيابية عام 1997، لدرجة جعلت بعض المحللين السياسيين في بريطانيا يشعرون بالخجل من كونه نائباً منتخباً من الشعب إلى البرلمان ورئيساً لوزراء بلدهم. إذ لم يسبق لرئيس وزراء بريطاني أن تصرف في الشكل الذي تصرف به بعد انتهاء فترة حكمه، حيث حافظ رؤساء الوزراء السابقون على رصانتهم وانضباطهم بعيداً عن الأضواء، مثلما هو الحال مع رئيسي الوزراء السابقين اللذين ما زالا على قيد الحياة مارغريت تاتشر وجون ميجور، اللذين لا أحد يسمع بهما إلا إذ دعي أحدهما لإلقاء محاضرة هنا أو هناك أو لحضور إحدى المناسبات العامة.
ومما ساهم في الكشف عن نشاط بلير المالي والتجاري التجاوزات التي ارتكبتها اللجنة الاستشارية الحكومية التي من المفروض أن تنظر وتوافق فعلى الأعمال التي يقوم بها المسؤولون الحكوميون بعد تركهم لمنصابهم الرسمية، من رؤساء وزراء ووزراء وغيرهم، والتي من المفروض أن يتمتع عملها بشفافية كبيرة، إذ تبين أن اللجنة وافقت على طلب خاص من بلير بإبقاء أمر بعض الصفقات التجارية التي أجراها سراً، بحجة الحساسية الخاصة لمواضيع هذه الصفقات والأطراف المشاركة فيها، منها صفقة إعداد التقرير عن مستقبل الكويت وصفقة أخرى مع شركة النفط الكورية الجنوبية laquo;يو آي إينرجي كوربوريشنraquo;، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى الاعتقاد أن الرأي العام لا يعرف عن نشاط بلير المالي والتجاري إلا القليل. بل يكتشف البريطانيون باستمرار مجالات عمل جديدة لم تكن معروفة يمارسها بلير.
ففي ديسمبر الماضي، أدى ظهور بلير المفاجئ في قمة المناخ في كوبنهاغن في الدنمارك إلى إطلاق سلسلة من التوقعات عن سبب حضوره القمة جميعها تحدثت عن احتمال أنه جاء ضمن حملة علاقات عامة جديدة لبيع خدماته كمستشار للمعنيين بالأمر من حكومات الدول المشاركة في القمة، رغم أن قضايا المناخ لم تكن في يوم من الأيام ضمن اختصاصاته.
ووفقاً للتقارير عن بيلر، لم يعد واضحاً الخط الفاصل بين منصبه الرسمي كممثل للجنة الرباعية وبين نشاطه المالي والتجاري الخاص والمتشعب ومتى يستبدل قبعة الرجل السياسي بقبعة رجل الأعمال، أو أين يبدأ نشاطه المالي والتجاري وأين ينتهي.
إذ لاحظت الصحف البريطانية أن بلير الذي حضر إلى أبو ظبي في العام الماضي لإجراء لقاء مع رئيس دولة الإمارات الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان لبحث أمور تتعلق بمهمته كمبعوث إلى الشرق الأوسط، خرج من اللقاء حالاً إلى لقاء آخر في أحد فنادق أبو ظبي بصفته مستشاراً لبنك laquo;جيه بي مورغانraquo; الأميركي، لدرجة دفعت المراقبين السياسيين إلى التساؤل، عما إذا كان هدف بلير الأساسي من تلك الزيارة خدمة المصالح السرية للبنك الأميركي، ومن أجل التغطية على هذا اللقاء رتب لقاءه بصفته مبعوث الرباعية مع الشيخ حمدان.
فالجميع يعلم أن بلير، على عكس نشاطه المالي والتجاري، لم يحقق أي نجاح يذكر طوال فترة السنتين والنصف التي قضاها في منصبه مبعوثاً للرباعية، بل شهدت تلك الفترة حرباً ضروساً على غزة وزيادة هائلة في الاستيطان والتهويد للأراضي الفلسطينية ومزيداً من تعنت الإسرائيليين ورفضهم الجلوس إلى طاولة المفاوضات، لدرجة جعلت أحد المحللين يعلق على مهمة بلير كمبعوث للرباعية بسخرية واضحة، معتبراً أنها laquo;نجحت نجاحاً باهراًraquo; لكن بتمكين الإسرائيليين من تمرير سياساتهم وتحقيق أهدافهم، لدرجة أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة المتمثل بمنظمة laquo;إيباكraquo; التي عقدت مؤتمرها السنوي الأسبوع الماضي، اختارت بلير هذا العام ضيف الشرف لهذا المؤتمر.
ولاحظت الصحف البريطانية أن بلير لا يوجِّه أي انتقاد سياسي أو غير سياسي إلى إسرائيل، على عكس أعضاء اللجنة الرباعية التي يمثلها، أي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا، إذ لم يكتف بالامتناع عن انتقاد إعلان إسرائيل عن بناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس المحتلة، بل تصرف وكأن الأمر لا يعنيه رغم أنه في صلب المهام الموكلة إليه. بل امتنع عن انتقاد تصرفات إسرائيل غير المبررة حيال البرامج الاقتصادية التي يشرف عليها لدعم عملية السلام.
ونقلت صحيفة laquo;دايلي ميلraquo; أخيراً عن المواطن البريطاني الان ريتشاردسون الذي تم اختياره لإنشاء شركة هواتف نقالة في مناطق السلطة الوطنية الفسطينية، أنه باشر عمله في المشروع بعدما وافقت إسرائيل على السماح ببناء شبكة اتصالات بقوة بث مقدارها 4.8 ميغاهرتز تكون كافية لخدمة مليون مشترك فلسطيني، وبعد توظيف رأسمال كبير لشراء الأجهزة ونصب الهوائيات في كل أنحاء الأراضي الفلسطينية تراجعت إسرائيل وقالت انها لأسباب أمنية لا توافق سوى على شبكة قوة بثها لا تتجاوز 3.8 ميغاهيرتز، ما يعني أن الشبكة لن تقدر على تزويد الخدمة سوى لنصف العدد من المشتركين، أي لنصف مليون مشترك، الأمر الذي ألحق بالمستثمرين في المشروع خسائر مالية فادحة.
ومع أن المشرفين على المشروع والسلطة الوطنية الفلسطينية اشتكوا لبلير وطلبوا منه التدخل لدى الإسرائيليين، إلا أنه لم يفعل شيئاً. ناهيك عن أنه وفقاً لصحيفة laquo;دايلي ميلraquo; بدأ يستخدم بعض الشخصيات الفلسطينية كحلقات وصل خدمة لمصالحه الشخصية، مثلما فعل مع محمد رشيد، المساعد الخاص لرئيس السلطة الفلسطيني السابق ياسر عرفات، الذي كان حلقة الوصل بين بلير والزعيم الليبي معمر القذافي وابنه سيف الإسلام.
في المقابل، تتدفق الأخبار من مختلف المصادر عن النجاحات التي يحرزها بلير في أعماله الخاصة، لدرجة تدفع الجميع إلى التساؤل: من أين يأتي بلير بالوقت للقيام بكل هذه الأعمال؟ ولا داعي للتفكير طويلاً في البحث عن جواب على هذا التساؤل، فالنجاح الباهر الذي حققه بلير في أعماله الخاصة يوفر إجابة واضحة عن سبب فشله في مهمته كمبعوث للرباعية، وأنه يصرف وقته عن في التفكير بجيبه.
وذكرت laquo;دايلي ميلraquo;، أن مبعوث الرباعية السابق جيمس ولفنسون كان يعطي كل وقته بالكامل للمنصب، بينما اعترف بلير للصحيفة أنه يخصص أسبوعاً واحداً في الشهر للمنصب. وعندما حققت الصحيفة بما قاله بلير، اكتشفت أنه يأتي مرة واحدة إلى الشرق الأوسط كل شهر، حيث يصل إلى مكتبه في القدس المحتلة الاثنين ويغادره إلى المطار قبل منتصف نهار الخميس، وينزل عادة في أفخم فنادق المدينة، أي أنه لا يقضي في عمله كمبعوث سوى 3أيام يمضي جزءاً كبيراً منها في التنقل لزيارة المسؤولين الإسرائيليين والفلسطينيين وسط إجراءات مشددة.
قائمة طويلة لمصادر الدخل
ووفقاً للتقارير البريطانية، بلغ دخل بلير من نشاطه المالي والتجاري الخاص منذ يوليو 2007 وحتى مطلع العام الحالي 20 مليون جنيه تقريباً، وذلك استناداً على المعطيات المتوافرة لدى اللجنة الاستشارية الحكومية المسؤولة عن النظر في الأعمال التي يقوم بها المسؤولون الحكوميون السابقون، مع العلم أن بلير لا يتقاضى راتباً على منصبه كمبعوث اللجنة الرباعية، سوى حصوله على مصاريف السفر والإقامة والمكتب والحراسة الأمنية التي تقدر بنحو 2.7 مليون جنيه في العام. لكنه يتقاضى نحو 90 ألف جنيه من خزينة الدولة بدل راتب رئيس وزراء متقاعد، إضافة إلى 64 ألف جنيه سنوياً تدفع له من خزينة الدولة لتأمين الشيخوخة. وتتألف قائمة النشاطات المالية والتجارية الخاصة ببلير من سلسلة طويلة من الأعمال نذكر بعضاً منها:
- أولاً: الخطب والكلمات والمحاضرات التي يدعي لإلقائها في مؤتمرات وندوات ومناسبات متنوعة، حيث هناك طلب كبير على بلير في جميع أنحاء العالم، لدرجة أن الراغبين بدعوته مضطرون إلى الانتظار مدة عامين حتى يتمكن من تلبية دعوتهم. ويتراوح المبلغ الذي يتقاضاه بلير عن كل مشاركة في مثل هذه المناسبات بين 100 ألف جنيه و400 ألف جنيه، ويبدو أن المبلغ يتحدد وفقاً لأهمية الجهة الداعية ولنوعية الموضوع الذي يطلب منه أن يتحدث فيه. إذ تقاضى بلير مبلغ 364 ألف جنيه استرليني عن محاضرتين طول الواحدة منهما نصف ساعة في الفيليبين العام الماضي.
وذكرت صحيفة laquo;التايمزraquo; أن بلير أصبح المحاضر الأغلى سعراً في العالم بعد صديقه الرئيس الأميركي السابق بيل كلنتون. ووفقاً للمعطيات المتوافرة حول هذا البند من نشاط بلير بلغ دخله منه خلال السنتين والنصف الماضيتين 9 ملايين جنيه. فيما ذكرت تقارير أميركية أن بلير دفع مبلغاً مقطوعاً مفصولاً قدره 600 ألف جنيه لوكلائه الذين يرتبون له الدعوات لهذه المناسبات وهم laquo;واشنطن سبيكرز بيروraquo;، من أهم مكاتب العلاقات العامة ووكلاء متخصصون في ترتيب الخطباء والمحاضرين لمن يرغب. يشار إلى أن شيري زوجة بلير، وهي وكيلة مرافعات مشهورة في بريطانيا ولديها دخل مرتفع من هذه المهنة، أصبحت تتلقى هي الأخرى الدعوات لإلقاء محاضرات في أماكن مختلفة من العالم، حيث يتراوح دخلها عن كل محاضرة تلقيها ما بين 30 ألف جنيه و100 ألف جنيه، الأمر الذي يرفع دخل العائلة إلى مستويات أعلى من هذا الفرع من النشاط التجاري للزوجين.
- ثانياً: تقديم الاستشارات لكل من يرغب، حيث يقدر دخله من هذا الفرع خلال العامين الماضيين بأكثر من 6 ملايين جنيه. ومن أجل القيام بهذه المهمة أسس بلير قبل عامين تقريباً شركة استشارات خاصة به تحمل اسم laquo;بلير أسوشيتسraquo;، متخصصة في تقديم الاستشارات للحكومات والمؤسسات الكبيرة. وذكر مقربون من بلير أنه أقدم على تأسيس هذه الشركة متمثلاً بهنري كيسنجر، وزير الخارجية الأميركي السابق، الذي أسس شركة استشارات خاصة بعد انتهائه من العمل في منصبه الرسمي، تعتبر من أنجح المؤسسات الاستشارية في العالم. فبلير يتقاضى مليوني جنيه سنوياً من بنك الاستثمارات الأميركي laquo;جيه بي مورغانraquo;، و500 ألف جنيه سنوياً من مؤسسة زيوريخ السويسرية للخدمات المالية، إلى جانب أعمال استشارية أخرى غير معلنة، مثل صفقة المليون جنيه التي تقاضاها من حكومة الكويت لمرة واحدة لقاء التقرير الذي قدمه عن رؤيته لمستقبل الكويت، والذي لم يُقابل في شكل جيد على أكثر من صعيد. كذلك يتقاضى بلير مبلغ مليون جنيه آخر سنوياً من دولة شرق أوسطية لم يكشف عن اسمها لقاء تقديمه الاستشارات لها. بالإضافة إلى الصفقة السرية الأخرى التي لم يكشف عن حجمها حتى الآن بينه وبين شركة النفط الكورية الجنوبية laquo;يو آي إينرجي كوربوريشنraquo;. وكانت تقارير عديدة تحدثت عن دخول شبكة متاجر laquo;تيسكو سوبرماركتسraquo; في مفاوضات لاستئجار خدمات بلير الاستشارية لتطوير عملها والدخول إلى السوق في الشرق الأوسط، أسوة بمتاجر بريطانية عديدة تحتفظ لها بفروع في المنطقة. ثم قيامه بتقديم استشارات لعدد من الدول في غرب أفريقيا، لم يكشف عن طبيعتها. أما آخر ما كشف عنه في ما يتعلق بخدمات بلير في مجال الاستشارات، فهو تعيين بلدية ريو دي جنيرو في البرازيل بلير مستشاراً خاصاً لها من أجل دعمها لدى الاتحاد الدولي للألعاب الأولمبية والفوز باستضافة المدينة للألعاب الأولمبية.
- ثالثاً: تجارة العقارات، حيث يعتقد أن بلير جنى ثروة هائلة من المنازل العديدة التي اشتراها بالاشتراك مع زوجته وأبنائهما في أنحاء مختلفة من بريطانيا والتي ارتفعت قيمتها نتيجة الطفرة الاقتصادية التي شهدتها بريطانيا خلال السنوات العشر الأخيرة إلى مستويات قياسية. حيث يُقدَّر عدد المنازل التي يملكها بلير مع أفراد أسرته بحوالي ستة منازل أبرزها مكان إقامته الريفي وهو قصر قديم يحمل اسم laquo;ساوث بافيليونraquo; في قرية وتون أندروود في مقاطعة باكنغهامشاير الواقعة بين لندن وأوكسفورد. وقد اشتراه بلير عام 2008 من الممثل السينمائي البريطاني المشهور السير جون غيلغود بمبلغ 5.7 مليون جنيه.
يليه مكان إقامة بلير وعائلته في وسط لندن وهو المنزل الكائن في شارع كونوت سكوير القريب من إدجوار رود والذي يقدر ثمنه بحوالي 4 ملايين جنيه والذي اشتراه بلير في عام 2004، تمهيداً للانتقال للعيش فيه بعد خروجه من مقر رئاسة الوزراء. ومنزل آخر في وسط لندن اشترته شيري عام 2009 هدية لابنها الثاني نكي بمبلغ 1.13 مليون جنيه. ومقر إقامة بلير في دائرته الانتخابية في سيدجويك القريبة من مدينة دارهام شمال إنجلترا والذي يحمل اسم laquo;مايروبيلاraquo; الذي استضاف فيه بلير الرئيس الأميركي جورج بوش في عام 2006، وقد اشتراه عام 1983 بمبلغ 30 ألف جنيه، حيث يُقدَّر ثمنه اليوم بحوالي 300 ألف جنيه. إلى جانب شقة أخرى اشتراها بلير في مدينة بريستول لتسهيل إقامة ابنه البكر يوان أثناء دراسته الجامعية في المدينة والتي يُقدّر ثمنها بحوالي 263 ألف جنيه حالياً.
- رابعاً تأليف الكتب: فقد حصل بلير على مبلغ 4.6 مليون جنيه من دار نشر laquo;راندوم هاوسraquo; لقاء نشر كتاب مذكراته laquo;توني بلير الرحلةraquo; الذي يروي فيه قصته مع رئاسة الوزراء حتى عام 2007. حيث من المنتظر أن يتلقى بلير مبالغ إضافية من الناشر لقاء نشر سلسلة مقاطع من الكتاب في كبريات الصحف العالمية قبيل صدوره، إلى جانب حصوله على نسبة معينة من المبيعات في المستقبل، والتي من المتوقع أن تزداد لدى صدور الطبعة الشعبية الثانية منه لاحقاً. ووفقاً للمقربين من بلير، فهو يعكف حالياً على وضع كتاب مذكرات جديد عن فترة ما بعد رئاسة الوزراء من المنتظر أن يحقق منه مبلغاً كبيراً. من جهتها نجحت شيري زوجة بلير من بيع حق نشر كتاب مذكراتها كزوجة لرئيس الوزراء بمبلغ مليوني جنيه، وهو رقم قياسي يتجاوز كثيراً ما دفع لنساء رؤساء الوزراء في بريطانيا أو أي مكان في العالم، حتى ولا أي سيدة أولى من نساء الرؤساء الأميركيين السابقين.
- خامساً: إلى جانب كل هذه الأنشطة أقدم بلير عام 2008 على تأسيس جمعية خيرية تحمل اسم laquo;مؤسسة بلير للإيمانraquo;، التي يُعتقد أن الهدف الأساس منها كان دعم ترشيح بلير إلى رئاسة الاتحاد الأوروبي. لكنه قرر أخيراً عدم خوض المعركة على هذا المنصب، نتيجة للمعارضة الشديدة التي واجهها من الدول الأوروبية التي لا تريد من ماضي بلير كأحد المسؤولين عن الحرب على العراق وما جلبته من مصائب على الشعب العراقي، أن يثقل كاهل الاتحاد الأوروبي. غير أنه قرر أخيراً دفع نشاط هذه المؤسسة، حيث نظم من خلالها حملة دينية واسعة في جميع أنحاء الولايات المتحدة أطلق عليها اسم laquo;هجوم الإيمانraquo; وتستمر لمدة 12 شهراً. ووفقاً لصحيفة laquo;الأوبزيرفرraquo; تستند مؤسسة بلير للإيمان على ميزانية قدرها 4.5 مليون جنيه حصل عليها من مصادر مختلفة لم يكشف عنها تبرعاً لهذه المؤسسة ودعماً لها.
- سادساً: laquo;مؤسسة بلير للرياضةraquo; وهي مؤسسة خيرية أيضاً تهدف إلى دعم النشاطات الرياضية في بريطانيا وفي العالم، خاصة أفريقيا، ما عدا سباق السيارات. حيث بادرت إلى الإعلان عن تنظيم دورة لكرة المضرب لطلاب المدارس الثانوية على laquo;كأس بليرraquo; بهدف تشجيع هذا النوع من الرياضة. لكن من الواضح أن بلير بدأ في جني الأرباح من وراء هذه الجمعية الخيرية التي أهلته لكي يصبح مستشاراً في أمور تتعلق في هذا المجال على المستوى العالمي، مثلما حصل مع البرازيل، وحتى للشركات الخاصة.
التعليقات