سليمان العقيلي

بينما كانت القمة العربية تعقد في سرت توجه الرئيس العراقي جلال طالباني إلى طهران للاحتفال بعيد النيروز. وليس في الأمر غرابة أن يغيب رئيس دولة عربية عن القمة، لكن أن يستبدلها بقمة أخرى تعنى بالثقافة القومية المنافسة فلهذا دلالتان ،أولاهما رمزية وتعني أن هوية العراق الحديث مرتبطة بالثقافات الشرقية في ديار فارس أكثر منها بالسياسات العربية، وأن النيروز وهو العيد القومي لإثنيتي الفرس والكرد، هو الأهم عند الطالباني بصفته الرئيس العراقي. أما الدلالة الأخرى للزيارة فهي ذات طابع سياسي محض ألمحت إليه التقارير الإعلامية من أن الطالباني يحاول إبرام صفقة سياسية مع إيران تلزم بها الأخيرة حلفاءها في الأحزاب الدينية العراقية من أجل تشكيل الحكومة بعيدا عن القائمة العراقية ذات التوجه الوطني والعروبي التي تبوأت المركز الأول. والطرفان كلاهما إيران و الكرد لهما رأي في عروبة العراق على ما يبدو. وعلى هذا الأساس الأيديولوجي، إضافة إلى مصالح سياسية تخصهما، تتم المفاهمات السياسية بينهما لإبعاد التيار الوطني ذي التوجه العروبي.
ولا نعلم إن كانت الأحزاب الدينية الشيعية تتجه المنحى نفسه، رغم أن الشيعة عرب أقحاح أسهموا هم وآباؤهم في خلق التيار القومي العربي، غير أن اللافتات التي رفعها أتباع نوري المالكي رئيس قائمة دولة القانون ضد القائمة العراقية ومنها quot; قتلوا أبناءنا ويريدون سرقة أصواتنا quot; تعكس نفسا طائفيا مقيتا يستحضر الثأرات التاريخية. وفي هذا تقاطع واضح مع النفس العروبي للعراق الذي يحاول المالكي وغيره وصمه وتلطيخه بسوءات البعث.
لا ينبغي الاستهانة بالإشارات الشعوبية العنصرية التي يرسلها قادة العراق الجدد، بل يجب درسها وصوغ المواقف الملائمة تجاهها.