ابو ظبي - هيام حسان


عجائب الفضائيات كثيرة هذه الايام. واحدة منها كان ذلك الحوار غريب الأطوار في برنامج 'مثير للجدل' الذي بثته قناة أبو ظبي مؤخراً. استضاف البرنامج ضابطاً سابقاً في السي آي ايه يدعى 'روبرت باير'. ولأنه ضابط سي آي ايه ومستقيل فان الوصف الوظيفي المتوقع له هو أن يكون باحثا أو مسؤول مركز أبحاث أو مؤلفا .. وهو بالفعل ما رشح خلال البرنامج اذ برزت له صفة أخرى شدد هو عليها مراراً وتكراراً: كاتب مهتم بشؤون الشرق الأوسط وله مؤلفات ويعكف على اتمام مؤلفات جديدة في هذه الشؤون!
على مدار أكثر من ساعة أتحفنا الضابط السابق وخبير شؤون الشرق الأوسط أو أحد الجادين في كسب هذه الصفة بغرائب وعجائب القول والآراء عن شخصه وغيره، مستنداً في كل ذلك على تجربته 'السابقة' في العمل كضابط في جهاز الاستخبارات الامريكية الى جانب عصارة أسفاره وأبحاثه في شؤون الشرق الاوسط. مثل على ذلك ما يعتقده بل ويؤمن به روبرت باير بشدة من أن ايران (وليس حزب الله وليس بايعازٍ من ايران) هي التي نفذت عملية اغتيال الحريري الذي كان برأيه رأس حربة 'المقاومة السنية'. كما يقطع باير بأن بن لادن قد رحل عن عالمنا وأن الأشرطة التي يرسل بها الى العالم بين الحين والآخر كلها تلفيق وخداع لا تخلو نفسها من براهين واشارات تؤكد انقطاع علاقته بعالم الاحياء. ومن آرائه أيضاً أن الحرب على ايران لن تقع بالمرة لأن هذه الحرب من شأنها أن تجعل القوات الأمريكية المتواجدة في العراق في مرمى الصواريخ الايرانية.
لا يخفي ضابط الاستخبارات السابق اعجابه الشديد بحزب الله وزعيمه حسن نصر الله كما لا يحاول اخفاء مساعيه التي باءت بالفشل للقاء نصر الله وقادة آخرين من الحزب بهدف التعاون وطلب المعلومات التي تفيده في أبحاثه ومؤلفاته وتعينه على فهم قضايا الشرق الأوسط بعمق أكثر!!. باير يقول عن نفسه أيضاً انه 'نصف عربي' لأنه عاش وعمل في البلدان العربية 25 عاماً (بعض من هذه السنين كانت طبعاً جزءا من عمله في السي آي ايه).
لا تتكرر الفرص للقاء أو مشاهدة ضابط استخبارات أمريكي ولو كان 'سابقاً'، ولكن اللقاء مع باير هذا كان بمثابة ألف لقاء والكلمة فيه تغني عن عشرات اللقاءات، السبب لا يتعلق بجودة كلماته أو براعته في الحديث (وان كنا نشهد له بذلك بعد كل ما سمعنا منه) بل لأن الرجل بكل ما قاله، لا ولن يحرك ساكناً في وعي النفوس العربية تجاه ضابط سي آي ايه حتى ولو كان 'سابقاً'. السبب ذاته ربما ما دفع الى مجابهته بسؤال صارخ في حدته أكثر من مرة خلال البرنامج: هل أنت عميل مزدوج؟! وجاءت الاجابة من باير أكثر من مرة بالنفي البارد الذي يذكر بمشروب الكوكاكولا في الشتاء: لا لست عميلاً مزدوجاً ..أنا باحث أكتب كتبا لي مؤلفات...أحاول التقريب بين وجهتي النظر ..هذا هو لب عمل الجاسوس الذي تدربت عليه خلال عملي: أن يفهم منظور كل الاطراف...!
للحق كانت تلك الحلقة من قبيل 'المثير للعجب' لا 'الجدل'. هل وصل بنا الحال حقاً أن ضابط في السي آي ايه ولو كان 'سابقاً' يجد طريقه الى بيوتنا عبر الشاشات الصغيرة ليبيعنا بضاعة كاسدة عن كتبه التي ينوي تأليفها (بالمناسبة كتابه القادم عن طفل تبناه من باكستان) !

يا ريت تحلّوها

أكثر ما يستحق الاعجاب في برنامج 'ع المكشوف' لصاحبه الاعلامي الفلسطيني المعروف (فلسطينياً على الاقل) ماهر شلبي هو اسمه ولو أن نصيبه من اسمه هذا ضئيل أحياناً الى حد يذهب المعنى والمقصد من ورائه. حلقة البرنامج التي أذيعت مؤخراً مع محمد دحلان (المعروف طبعاً فلسطينياً وعربياً وحتى عالمياً) كانت مثالاً واضحاً على هذه الحالة من برنامج 'ع المكشوف'. كان الحوار مع دحلان هادئاً لم يكن فيه متسع للشتائم المباشرة حتى عندما امتد الحوار ليشمل حركة حماس التي سبق وأن تسببت باطلاق لسان السيد دحلان بالشتائم في عدة مرات ضدها وضد رموزها!
'ع المكشوف' قال دحلان مازحاً انه المسؤول عن زلزال هايتي وعن اغتيال المبحوح وأحداث لبنان ..وذلك في معرض نفيه لمسؤوليته في عرقلة جهود المصالحة الوطنية. 'وع المكشوف' استهجن دحلان ما تقوم به حماس من محاولات لفرض الضرائب (أو الخوات كما سماها) على أنبوبة الغاز ومحلات 'الجاج' وصالات الافراح ومقابلة رئيس البلدية و... وقال ان حماس في وضع محزن وأنها تعيش الآن الوضع عندما 'تكون في موقع السلطة وليس المعارضة تخطب فينا وتروح على بيتك' ..و 'ع المكشوف' أكد دحلان ان الشعب الفلسطيني ليس حقل تجارب، كما أعرب 'ع المكشوف' عن شعوره بالاستفزاز لمحاولات حماس الحصول على تطمينات بخصوص ورقة المصالحة لأن هذا يذكره باسرائيل التي تطالب عادة بتطمينات على طاولة المفاوضات وهي التي تمنح التصاريح للمفاوضين الفلسطينيين كي يكونوا على الطاولة معها....
هناك الكثير في حلقة ذلك البرنامج من 'ع المكشوف' مما يفتح الشهية على ما لذ وطاب من رؤى وسعة أفق وخبرة وحنكة سياسية يتوافر عليها 'أبو فادي' دون غيره. للأسف (وعلى ذمة شلبي نفسه) فانه لم يكن هناك فرصة لاستضافة أي ممثل عن حركة حماس كي يقوم بالرد على تصريحات وتعليقات السيد دحلان (فهم قبلوا الظهور لمرات قليلة في البرنامج ثم أحجموا بعدها عن أي ظهورعلى تلفزيون فلسطين). تلك خسارة بالفعل فلو كان هناك من يجلس الى جانب السيد دحلان في الاستديو ويدلي بدلوه فيما يقوله لاتسع مدى الرؤية للواقع السياسي الحالي ولربما أمكن التوقيع على ورقة المصالحة والخروج من النفق!! ولا ندري هل نلقي باللائمة في هذا على البرنامج الذي لم 'يحلف يمين' على رجالات حماس كي يرسلوا بـ'الرأي الآخر' الى الاستديو أو حماس نفسها التي تتمنع وكأنها عروس في شهر العسل وليس سنة الحصار الرابعة أو ربما على 'أبو فادي' الذي ازداد وزنه قليلاً مؤخراً فبات من غير الممكن أن يتسع الاستديو لآخرين معه...أو ربما الناس (الشعب الفلسطيني في مناطق الـ67) التي ملت وقرفت وأصبحت 'ع المكشوف' تطمع في أفعال لا أقوال. أو لعله لا هذا ولا ذاك بل حفلات الشتيمة والسباب أو الحوارات الهادئة التي يطلق فيها المزاح الذي يخلف مرارة في النفس ويسبب تكلساً في الحوار بين الطرفين بحيث أصبح من الصعب أن يعود الى مجاريه ويؤتي أكله. أياً كان السبب لسان الحال و'ع المكشوف' يستصرخ المسؤول أياً كان:'يا ريت تحلوها زي ما ربطوها وبلا بيع كلام'!

الشامي على المغربي في 'الضيف ضيفك'

يواصل برنامج 'الضيف ضيفك' حلقاته التي يستضيف فيها فنان/ة فناناً أو فنانة أخرى، حيث يتسامر ويتحاور الاثنان على نحو خفيف أقرب للعفوية وبعيد عن التكلف في اطار القالب الاكبر وهو الضيافة والسياحة وتعريف الآخر (والمشاهدين بالجملة) على معالم سياحية لبلد المضيف. حتى الآن رأينا الكثير من الثنائيات التي لم تكن لتخطر على بال أحد وتعرفنا على جوانب لم نكن نعلم بها في حيوات ضيوف البرنامج. بعض الحلقات أقل أهمية وامتاعاً من الحلقات الاخرى ولكن الفكرة تبقى شافعاً للحلقات جميعها فقد أعفتنا بعض الشيء من 'كرسي الاعتراف' أو 'حجر التدليل' الذي تتخمنا به البرامج التقليدية في لقاءاتها مع الفنانين والفنانات!